مساع جزائرية لهيكلة قطاع النقل البحري الغارق في الترهل

الجزائر- يعكس إقرار المسؤولين الجزائريين بالواقع المتردي للنقل البحري مشكلة عامة يعاني منها القطاع منذ عقود وخاصة الشركات الحكومية التي لا تزال تدار بعقلية قديمة عرتها بوضوح الأزمة الاقتصادية والمشكلة الصحية.
ويرزح قطاع النقل البحري في البلد العضو في منظمة أوبك تحت وطأة المشاكل المزمنة التي أدت إلى عجزه عن تطوير خدماته في ظل غياب الخطط الاستراتيجية للنهوض به.
ولم تجد الحكومات المتعاقبة منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي وسيلة لتفادي أزمات شركات النقل المملوكة للدولة التي تعاني من مشاكل هيكلية وهي تتطلب اليوم حلولا جذرية عاجلة لوضع حد للفوضى التي ضربت مفاصلها وباتت عبئا على الموازنة العامة.
ولكن حكومة الرئيس عبدالمجيد تبون تسعى لإظهار أن لديها رؤية إصلاحية تشمل كل المجالات دون استثناء، وهو ما يتجسد في دعوة وزير النقل عيسى بكاي شركات القطاع العام للنقل البحري إلى إعادة هيكلة نشاطها حتى تساهم في تنويع موارد البلد النفطي.
ونسبت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى بكاي قوله خلال اجتماع عقد السبت الماضي بكبار المسؤولين في الشركات الحكومية العاملة في القطاع إن “هناك ضرورة اليوم للابتعاد عن مساعدات الخزينة العامة عبر ترشيد النفقات واستغلال الإمكانيات والوسائل المتوفرة”.
وأضاف “يجب إعادة النظر في طريقة تسيير هذه المؤسسات الحيوية وعصرنة نظمها وجعلها أكثر مردودية”.
ويتألف قطاع النقل الحكومي من كيانات متعددة في مقدمتها المجمع الجزائري للنقل البحري والشركة الوطنية الجزائرية للملاحة البحرية والشركة الوطنية الجزائرية للملاحة البحرية والشركة الوطنية للتسويق البحري.
ويشكو العاملون في القطاع من العديد من العراقيل التي تعترض نشاطهم على غرار نقص اليد العاملة المتخصصة في المجال وصيانة البواخر ومشكلة الحاويات.

عيسى بكاي: يجب عصرنة نُظم الشركات وطرق تسييرها لجعلها أكثر مردودية
وبحسب البيانات الرسمية، تضم الجزائر 40 ميناء موزعة على الشريط الساحلي البالغ طوله 1650 كلم وهي تتكون بشكل عام من أحواض صغيرة ومخازن قريبة من بعضها البعض وحواجز ضيقة تفصل بين الأرصفة، ما يعيق تطوير نشاطها التجاري.
وتحاول وزارة النقل بالتعاون مع القطاع حل تلك المشاكل وفق خطة مرحلية وفق رؤية شاملة لمعالجة مختلف المعوقات التي تواجهها المؤسسات في أنشطتها وبالتالي زيادة مداخيلها.
وتشمل الخطة استغلال الكوادر المحلية في مجال تصنيع الحاويات تحفيزا للاقتصاد المحلي ومن أجل الحفاظ على العملة الصعبة، إلى جانب تأهيل الجزائريين في مختلف التخصصات لتلبية الاحتياجات في ما يتعلق بالموارد البشرية المتخصصة.
ويفرض تخلف الخدمات اللوجستية على السلطات النظر بعمق في كيفية إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي عبر اعتماد استراتيجية تعمل على تطوير البنية التحتية ووسائل النقل من أجل تعزيز مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.
ويجمع اقتصاديون وشركات المناولة ومسؤولو الموانئ الجزائرية على أن الوقت قد حان لإعادة هيكلة قطاع اللوجستيات الذي تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة.
واعتبرت تقارير دولية أن الخدمات اللوجستية تتأثر بشدة بنوعية مؤسسات القطاع العام ومدى فعالية التنسيق في إجراءات التخليص الجمركي عند المنافذ الحدودية بين كافة الهيئات المعنية بإدارة الحدود.
كما تلفت إلى أن الكثير من الدول تعاني من عراقيل شديدة في أنظمة الخدمات اللوجستية وأنظمة العبور الدولية وتحسين مرافق البنية التحتية المتعلقة بالتجارة.
ويعكس تأخر الجزائر في تنفيذ استراتيجية واضحة المعالم لتطوير القطاع حجم المطبات المتراكمة والتي زادتها الأزمة المالية منذ منتصف 2014 بسبب انحسار عوائد بيع النفط والغاز في الأسواق العالمية، أمام تنفيذ خطط الخروج من الاقتصاد الريعي.
ومن الواضح أن توسيع الموانئ وتطوير خدماتها اللوجستية أصبحا عقدة مستعصية على المسؤولين بسبب غياب الإرادة السياسية وثقة المستثمرين المعدومة.
ويعتقد المختصون أن مواقع الموانئ الجزائرية يمكن أن تجعلها شريان حياة للاقتصاد لإخراجها من الأزمات المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن خزينة الدولة تتكبد خسائر سنوية بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار بسبب عدم تطبيق المعايير الدولية في القطاع اللوجستي، ما يزيد من صعوبات المنافسة.