مساع تونسية لزيادة مرونة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة

تونس- تسعى تونس إلى زيادة مرونة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار، بما يترجم خططها لزيادة نشاط قطاع الأعمال، ويدفع عجلة النمو الاقتصادي الخامل إلى الإمام.
واتفق محافظ البنك المركزي فتحي النوري خلال اجتماع مع رئيس مكتب البنك الأوربي للاستثمار جون لوك ريفيرو على ضرورة تعزيز نفاذ المشاريع سواء كانت عمومية أو خاصة إلى التمويل مع التركيز على حتمية تغيير مقاربة استخدام خطوط التمويل.
وأكد المركزي في بيان أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن الطرفين ضبطا أولويتين خلال جلسة عقدت الأربعاء الماضي في تونس، الأولى تتعلق بمواصلة دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل محركات لتوليد الثروة وتوفير فرص عمل.
أما الثانية، فتتعلق بعملية التحديث والتجديد عبر وضع تمويلات خاصة ومتأقلمة مع حاجيات المشاريع متناهية الصغر، بما يسهم في تطورها وضمان استدامتها.
وقال النوري “من المهم العمل على أن تتوفر لهذه المؤسسات الموارد المالية الملائمة لأحجامها وأنشطتها، حتى تتمكن من التطور والتجديد”.
كما شدد على ضرورة إيلاء عناية خاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة الناشطة في قطاعات مجددة، ولاسيما تلك المتعلقة بمشاريع البيئة والتحول الأخضر.
ويتطلع البنك المركزي من خلال تطوير أساليب عملة وتعزيز شراكاته مع مؤسسات التمويل الدولية إلى المساهمة في صياغة مقاربة نفاذ الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إلى التمويلات.
والهدف الأساسي من ذلك هو تمكينها من استعادة نشاطها والنماء والتطور، وقال النوري إنه يجب اعتماد مقاربة “مبتكرة” مع صيغ جديدة في إدارة خطوط التمويل بهدف تحسين نسبة أهلية المؤسسات الاقتصادية التونسية.
وتواجه الحكومة ضغوطا كبيرة من أوساط الأعمال وخاصة الشباب، التي تطالب بالحصول على حوافز أكبر لتحفيز قطاع الأعمال جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية، الأمر الذي فاقم خسائر الشركات في السنوات الأخيرة.
وتمر تونس حاليا بأوضاع اقتصادية ومالية معقدة، فضلا عن التأثيرات السلبية التي طالت الفئات الأشد فقرا في البلاد، تضاف إليها تحديات مرتبطة بارتفاع أسعار السلع الرئيسة وشح أخرى بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية.
ويضطلع البنك الأوروبي للاستثمار منذ أكثر من أربعة عقود بدور رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تونس من خلال دعم مشاريع تحسن الحياة اليومية للسكان.
ومن خلال استثمارات كبيرة في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة والتعليم والتنمية الحضرية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، يعمل البنك على دعم البنية التحتية الأساسية وتعزيز النمو الشامل.
وأوضح ريفيرو أن ثمة تقاربا في المنهجيات المتبعة بين المؤسستين. وقال إن “البنك الأوروبي للاستثمار سيواصل مساندة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في تونس ودعم التعاون مع البنك المركزي التونسي”.
لكنه أشار إلى أن المركزي التونسي تقع على عاتقة مسؤولية تسهيل حصول هذه الشركات، وخاصة متناهية الصغر، على التمويلات وخطوط الائتمان بغية إرساء بيئة ملائمة ومساهمة فعالة وكاملة لكل المؤسسات، كبيرة أو صغيرة، في الاقتصاد التونسي.
ويتفق اقتصاديون محليون على أن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال يواجهون صعوبات تمويلية كثيرة في سبيل دخولهم إلى السوق، رغم الحوافز المتنوعة التي وفرتها الحكومة لتشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة والناشئة.
وعانت هذه النوعية من المشاريع منذ سنوات طويلة، وخاصة في منذ العام 2015 من عدم القدرة الكافية على الحصول على التمويل.
ووفق بيانات البنك الدولي لأنشطة الأعمال، فإن نسبة الشركات التونسية التي تعتبر التمويل عقبة رئيسية ارتفعت من 22 في المئة إلى 44 في المئة خلال سبع سنوات، ويعود ذلك بشكلٍ جزئي إلى نقص السيولة طويلة الأجل في القطاع المصرفي.
ويترقب الكثيرون انعكاس الإجراءات الحكومية على القطاع في ظل تأكيدهم بأنه يسهم برفع وتعزيز حصة المنتجات المحلية في السوق المحلية، ويساعد على استدامة مشاريعهم، إضافة إلى مكافحة مشكلتي البطالة والفقر اللتين تشكلان صداعا مزمنا للسلطات.
وتعكف السلطات على ضبط خطة لتحقيق الشمول المالي مدعومة بقانون بهدف تكييف خطط الارتقاء بالقطاع المصرفي ورقمنته مع الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف دفع عجلات الاقتصاد وتحفيز الاستثمار.
ويهدف القانون الذي يتضمن 28 فصلا وصادقت عليه الحكومة قبل فترة وأحالته إلى لجنة المالية والميزانية للشروع في التداول بشأنه تطوير الآليات التشريعية والمؤسساتية لتعزيز الادماج المالي.
ويرمي القانون إلى مساعدة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر التي تجد صعوبة في النفاذ إلى القطاع المالي من منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم يتم توفيرها بطريقة مسؤولة مع دعم حمايتهم مما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي.