مساع أميركية لترميم التصدعات الكردية في شمال شرق سوريا

الحسكة (سوريا) - كشفت مصادر مطلعة عن تحركات أميركية من أجل استئناف الحوار المجمد منذ نحو أربع سنوات بين الفرقاء الأكراد في شمال شرق سوريا، وإن كانت الرهانات تبدو ضعيفة من أجل تحقيق أي اختراق في ظل التباعد بينهم.
وتحاول واشنطن تقريب وجهات النظر الكردية وخلق إطار فيما بينها لإدارة منطقة شمال شرق سوريا، في سياق جهود لإنجاح تجربة الإدارة الذاتية، وأيضا في خطوة لتبديد الهواجس التركية إذا ما وجدت قوى كردية تشارك في الإدارة ولها تقاطعات معها.
وقال الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سوريا، محمد موسى، إن المبعوث الأميركي الجديد التقى بوفد أحزاب من الوحدة الوطنية الكردية في القامشلي بهدف “استئناف الحوار الكردي – الكردي”. وأضاف موسى في تصريحات صحفية “أبدينا استعدادنا للجانب الأميركي وأبلغناه جهوزيتنا لاستئناف الحوار وتذليل العقبات وحل نقاط الخلاف مع المجلس الوطني الكردي”.
وكانت قيادات في المجلس الوطني الكردي أعلنت في وقت سابق عن اجتماعات عقدتها مع المبعوث الأميركي، وقال قيادي في المجلس لموقع نورث برس إن “الجانب الأميركي يعتبر الحوار الكردي – الكردي أمر إستراتيجي ويحث على العودة إليه”.
وتسود حالة من الانقسام العمودي الساحة الكردية بين تحالف الوحدة الوطنية، الذي يتزعمه الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي، في ظل خلافات أيديولوجية وفكرية بينهما، فضلا عن انقسامات من حيث الولاءات.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 عمل حزب الاتحاد الديمقراطي وباقي الطيف السياسي الذي يتشاركه نفس الرؤى اليسارية القريبة من حزب العمال الكردستاني (حزب كردي في تركيا يخوض صراعا مع أنقرة) على تعزيز نفوذه في شمال شرق سوريا، مستغلا الفراغ الذي أحدثه انسحاب دمشق للتركيز على جبهات أخرى مشتعلة.
وقد نجح الاتحاد الديمقراطي وذراعه وحدات حماية الشعب في فرض إدارة ذاتية للمنطقة، وعزز حضوره من خلال التحالف مع الولايات المتحدة في العام 2015 عبر تشكيل قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها الوحدات لمواجهة تنظيم داعش.
◙ واشنطن تحاول تقريب وجهات النظر الكردية وخلق إطار في ما بينها لإدارة منطقة شمال شرق سوريا في سياق جهود لإنجاح تجربة الإدارة الذاتية
وقد تمكن الاتحاد الديمقراطي من توسيع نطاق سيطرته الجغرافية، بعد دحر تنظيم داعش في العام 2017، ولم يكتف الحزب بذلك بل عمل على تعزيز سيطرته عبر الاتفاق مع نحو 24 حزبا سياسيا كرديا لتشكيل تحالف سياسي في العام 2020 أطلق عليه الوحدة الوطنية الكردية.
في المقابل عمدت القوى السياسية ذات التوجهات الليبرالية إلى تبني نهج مخالف من خلال تشكيل تحالف أطلق عليه المجلس الوطني الذي انضم إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي يحظى بدعم من تركيا.
واعتقد المجلس أن بانضمامه للمعارضة السورية فإن ذلك سيؤهله للعب دور متقدم في المشهد السوري، لكن النكسات التي منيت بها الأخيرة أضعفته بشكل كبير، وهو يبحث اليوم عن إعادة التموقع في شمال شرق سوريا، لكن الاتحاد الديمقراطي يرفض منحه هذه الفرصة.
وسبق وأن ضغطت الولايات المتحدة على الاتحاد الديمقراطي لإجراء مفاوضات مع المجلس الوطني في العام 2019، استنادا إلى “اتفاقية دهوك”، التي كان الطرفان توصلا إليها في عام 2014، وتنص على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل الوحدة الوطنية الكردية فيها 40 في المئة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المئة، و20 في المئة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
وبالفعل عقدت عدة جولات تفاوضية بين الطرفين، قبل أن تتعثر المحادثات في العام 2020. ويشكك متابعون في إمكانية نجاح محاولات واشنطن اليوم في الدفع باتجاه حصول اتفاق بين الطرفين، وأن أقصى ما يمكن تحقيق هو حصول محادثات شكلية لن تصل إلى نتيجة.
ويقول المتابعون إن الاتحاد الديمقراطي لن يقبل بأي منافس قد يهدد نفوذه، وهو ليس على استعداد لتقاسم المكاسب التي حققها طيلة السنوات الماضية والتي عززها العام الحالي بوضع دستور تحت مسمى العقد الاجتماعي، وإقامة مؤسسات دستورية، والإعلان عن انتخابات بلدية ستجرى الشهر المقبل.
ولا تملك أحزاب المجلس الوطني الحق في المشاركة في الاستحقاق الانتخابي لعدم حصولها على ترخيص قانوني من الإدارة الذاتية، حيث ترفض تلك الأحزاب الاعتراف بأي شرعية لتلك الإدارة تحت هيمنة الاتحاد الديمقراطي.
في المقابل أعلن نحو 22 حزبا سياسيا وتنظيما نسائيا خوض الانتخابات بتحالفٍ مشترك “تحالف الشعوب والنساء من أجل الحرية”، حيث يُعدّ حزب سوريا المستقبل وحزب الاتحاد الديمقراطي ومؤتمر ستار وحزب الديمقراطي الكردي في سوريا وتجمع نساء زنوبيا؛ أبرز أحزاب التحالف الذي أعلن عن تشكيله في 20 الجاري.
وكان تحالفُ “معاً لخدمات أفضل” والذي يتشكل من ستة أحزاب وهي “حزب الخضر الديمقراطي، وحركة التجديد الكردستاني، وحزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا، وحزب التآخي الكردستاني واتحاد الشغيلة الكردستاني”، أعلن في وقت سابق المشاركة في الانتخابات.
وسيشارك في الاستحقاق المنتظر، أيضا حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا “يكتي”، الذي أعلن عن برنامجه الأسبوع الجاري، من مدينة كوباني عبر مؤتمرٍ صحفي.