مساع أممية لاستحداث آلية لضخ أموال إلى أفغانستان

المنظمة الدولية تسعى إلى استحداث نظام لمقايضة مساعدات بالملايين من الدولارات بالعملة الأفغانية.
السبت 2022/02/12
مأساة إنسانية لا تطال طالبان

واشنطن - أظهرت مذكرة داخلية للأمم المتحدة أن المنظمة الدولية تهدف هذا الشهر إلى استحداث نظام لمقايضة مساعدات بالملايين من الدولارات بالعملة الأفغانية في خطة ترمي إلى التخفيف من وطأة الأزمات الإنسانية والاقتصادية مع عدم مرور الأموال من خلال حركة طالبان وقادتها المدرجين على القوائم السوداء.

ومنذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس، توقف تدفق المساعدات المالية الأجنبية فيما تخشى البنوك الدولية من أن تطالها العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة على الجماعة الإسلامية المتشددة، تاركة الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة تكافح وحدها من أجل الحصول على أموال حتى مع استمرارها في تلقي منح إنسانية.

وتحدد المذكرة التوضيحية الصادرة عن الأمم المتحدة والتي كتبت الشهر الماضي معالم ما يسمى ببرنامج التبادل الإنساني، والذي وصفته بأنه آلية “تمس الحاجة إليها”. وحذرت الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف سكان أفغانستان البالغ عددهم 39 مليون نسمة يعانون من الجوع الشديد وأن الاقتصاد والتعليم والخدمات الاجتماعية على شفا الانهيار.

أكثر من نصف سكان أفغانستان يعانون من الجوع والاقتصاد والتعليم والخدمات الاجتماعية على شفا الانهيار

وجاء في المذكرة أن “الهدف العام هو بدء برنامج التبادل الإنساني ووضعه موضع التنفيذ في فبراير لكن قبل الإطلاق الكامل للبرنامج، نسعى إلى تسهيل عدة مقايضات تجريبية لنوضح بالضبط كيف ستعمل الآلية”.

ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أن البرنامج لا يمكن سوى أن يكون إجراء مؤقتا حتى يبدأ البنك المركزي الأفغاني العمل بشكل مستقل ويتم الإفراج عن حوالي تسعة مليارات دولار من الاحتياطيات الأجنبية المجمدة في الخارج.

لكن من غير الواضح متى يحدث ذلك، فالاحتياطيات التي تحجبها الولايات المتحدة مكبلة بإجراءات قانونية، والحكومات الغربية مترددة في الإفراج عن الأموال ما لم تر احتراما أكبر من جانب طالبان لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات.

وسيسمح البرنامج للأمم المتحدة، التي تسعى للحصول على مساعدات إنسانية بقيمة 4.4 مليار دولار هذا العام، والمنظمات الإنسانية بالوصول إلى مبالغ كبيرة من العملة الوطنية (الأفغاني) التي تحتفظ بها الشركات الخاصة في البلاد.

وفي المقابل، ستستخدم الأمم المتحدة أموال المساعدات، والتي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات، لسداد ديون تلك الشركات للدائنين الأجانب، وبالتالي دعم القطاع الخاص المتعثر وجلب الواردات الحيوية.

وقالت مذكرة الأمم المتحدة إن “تدفق الأموال في إطار البرنامج لن يتطلب نقل أي أموال عبر الحدود الأفغانية”.

وعلى الرغم من أن الأموال ستكون بعيدة عن أيدي طالبان، تقول المذكرة إن برنامج التبادل الإنساني سيحتاج إلى موافقة البنك المركزي الذي تديره طالبان لإقرار “تدفق الأموال وسعر الصرف المستخدم وسحب النقود المودعة بالعملة المحلية في بنك أفغانستان الدولي دون أي قيود”. وأكد متحدث باسم حكومة طالبان أن المسؤولين في أفغانستان على دراية بالاقتراح لكنهم لا يعرفون التفاصيل أو الإجراءات.

والجمعة، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن أمرا تنفيذيا يسمح للولايات المتحدة بالتصرف بسبعة مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني مودعة لدى مؤسسات مالية أميركية.

منذ استيلاء طالبان على السلطة، توقف تدفق المساعدات المالية الأجنبية فيما تخشى البنوك الدولية من أن تطالها العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة على الجماعة الإسلامية المتشددة

ويريد بايدن الذي يلجأ بذلك إلى إجراء غير مسبوق، تخصيص نصف هذا المبلغ تقريبا للتعويضات التي طالبت بها عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر وإنفاق النصف الآخر على المساعدات الإنسانية في أفغانستان بطريقة لا تقع فيها في أيدي طالبان.

وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض خلال مؤتمر صحافي إلى أنه “من المهم جدا أن نحصل على 3.5 مليار دولار والتأكد من استخدامها لصالح الشعب الأفغاني”، ومن جانب آخر، ضمان أن تتمكّن أسر ضحايا الإرهاب “من إسماع صوتها” أمام القضاء الفيدرالي الأميركي.

وأقر المسؤول بأن الوضع “معقد من الناحية القانونية” مشيرا إلى أن إعلان الجمعة كان مجرد بداية لإجراء قد يستمر أشهرا.

وهذا المسار الذي اختاره الرئيس الأميركي سيثير الكثير من الجدل فيما تشهد أفغانستان أزمة إنسانية خطيرة.

وبلغت الاحتياطات الإجمالية للبنك المركزي الأفغاني نهاية أبريل الماضي 9.4 مليار دولار، بحسب صندوق النقد الدولي.

وهذا المبلغ الذي أودع قبل عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس الماضي، يُحتفظ به في الخارج، والجزء الأكبر منه في الولايات المتحدة.

وأوضح مسؤولو البيت الأبيض أن احتياطات البنك المركزي الأفغاني تعود جزئيا إلى المساعدات الدولية التي تلقتها البلاد خصوصا من الولايات المتحدة.

5