مساع أردنية لتمكين المرأة سياسيا تصطدم بلاءات نيابية

يسعى الأردن لتعزيز تمكين المرأة سياسيا من خلال قوانين تمكنها من تبوّؤ مناصب قيادية في العملية التشريعية التزاما بمخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي، إلا أن المساعي تواجه طعونا، إضافة إلى غياب البيئة الاجتماعية الداعمة لمسار التمكين.
عمّان - أثار تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني بمنح أحد مقعدي نائبي الرئيس حصرا للنساء جدلا بين النواب ما دفع البعض إلى تقديم طعون إلى المحكمة الدستورية، ما يسلط الضوء على العقبات التي تواجهها مساع الأردن لتمكين المرأة سياسيا.
ويسعى الأردن في إطار تحضيراته للانتقال إلى حكومات برلمانية تنفيذا لمخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي لتهيئة الأرضية القانونية وضمان تشريك العنصر النسوي في الحياة السياسية في ظل مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري والعشائري.
وتلقى هذه الخطوة (تمكين المرأة سياسيا)، ولو بصفة غير معلنة، معارضة من عدد من التيارات السياسية المحافظة والتي تخشى أن تتقلص حصتها ويتراجع موقعها النيابي في ظل التحولات المستقبلية في الخارطة السياسية.
وقال الخبير الدستوري ليث نصراوين إنّ “المحكمة الدستورية ليست مختصة بالطعن بالقرارات المتخذة في مجلس النواب كتعديلات النظام الداخلي مثلا”.
وأكدّ نصراوين أنّ “المحكمة الدستورية تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة وتفسير النصوص الدستورية، فلا يجوز تقديم أي دفوع بغير ذلك لديها”.
وأوضح أنّ “أي دفوع متصلة بعدم صحة إجراءات يتعامل معها مجلس الأمة من خلال مراجعة إجراءاته دون العودة إلى المحاكم، بحكم أنّ المجلس سيد نفسه وأنه عمل برلماني تشريعي وليس من قبيل القرارات الإدارية الخاضعة للرقابة من القضاء الإداري”.
وكان مجلس النواب الأردني قد صوت على تعديلات النظام الداخلي ومن أبرز ما جاء فيها أنه إذا لم تفز أي امرأة من سيدات المجلس بمواقع الرئيس أو نائبيه، فإن أحد مقعدي مساعدي رئيس المجلس يكون مخصصاً للترشح للمرأة فقط، وذلك بعد رفض النواب استحداث منصب النائب الثالث والذي كان سيخصص للسيدات في حال لم تشغل سيدة أي منصب من الرئيس والنائبين الأول والثاني.
وعلى الرغم من التشريعات والسياسات والتدابير المتّخذة الهادفة إلى تمكين المرأة الأردنية سياسياً، فإنّ مشاركتها في السياسة تبقى ضعيفة وهامشية، إذ تمثّل النساء 12.4 في المئة من مجلس النواب، إلى جانب انخفاض نسبة تمثيل النساء في مجلس الأعيان أخيراً إلى 10.8 في المئة بعد أن كانت 15.4 في المئة في عام 2020.
وخلت المواقع الرئيسية بالمكتب الدائم لمجلس النواب التاسع عشر “نائبي الرئيس ومساعديه” من وجود أي سيدة، حيث لم تترشح أي سيدة لموقع النائب الأول للرئيس.
وترشحت 3 سيدات للموقع الوحيد “مساعدي الرئيس” حيث لم يحالفهن الحظ في حصد الموقع.
وتقول مديرة مشروع تمكين النساء في المواقع القيادية بالحكومة والمجتمع المدني ديانا حدادين إن واقع مشاركة النساء في المواقع القيادية يعكس غياباً للبيئة الداعمة لوجود المرأة في صناعة القرار، كدعم الرجال للنساء، والعادات والتقاليد المجتمعية.
وتوضح حدادين أن تلك العوامل الغائبة كلها حلقات متداخلة، وجودُها بطريقة فاعلة إلى جانب القوة الاقتصادية يجعل المرأة أكثر قدرة على المشاركة في صناعة القرار.
وتواجه النساء في الأردن في حال رغبن في خوض معترك الحياة العامة كثيراً من التحديات والعوائق التي قد تمنع مشاركتهن لصالح مشاركة الرجال على حسابهن، لجملة أسباب تتقاطع فيها المسببات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى التشريعية.
على الرغم من التشريعات والسياسات والتدابير المتّخذة الهادفة إلى تمكين المرأة الأردنية سياسياً، فإنّ مشاركتها في السياسة تبقى ضعيفة وهامشية
ويرى محللون أن معيقات مشاركة المرأة سياسيا تتمثل في الإشكالية ما بين الأطر النظرية من تشريعات وقوانين وسياسات وبين التطبيق الفعلي لها، وحقيقة التطبيق الفعلي قد تسيطر عليها الثقافة الذكورية على من يتولى الإنفاذ دون أن يعي ذلك في كثير من الأحوال، إضافة إلى معيقات تتعلق بعدم تمكن المرأة من الولوج إلى الموارد وما زال العمل السياسي يتمحور حول أشخاص وليس قضايا.
ويقول رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة إن التعديلات والتشريعات التي حصلت مؤخرا هي من دعامات تمكين المرأة واكتسابها حقوقها، ويضيف “البيئة التشريعية والتعديلات التي حصلت على القوانين أعطت للمرأة حقها وكفلته لها وعملت على الكثير من القضايا التي من شأنها المساواة بين المرأة والرجل، ويجب أن يكون هناك منافسة ما بين الرجل والمرأة بحيث أن تتبوأ النساء مقاعدهن من خلال الانتخاب والمنافسة”.
وحازت المرأة الأردنية مكتسبات في مسار التحديث السياسي الأردني، بتخصيص مقعد واحد للمرأة على مسار(الكوتا) في كل دائرة انتخابية محلية بموجب قانون الانتخاب الجديد، والبالغ عددها 18 دائرة، في حين اشترط القانون في القوائم المرشحة للدائرة الانتخابية العامة المخصص لها (41) مقعداً وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل، وكذلك ضمن المرشحين الثلاثة التالين في القائمة المشكلة.
كما اشترط القانون وجود شاب أو شابة (يقل العمر عن 35 سنة) ضمن أول 5 مرشحين في القائمة الحزبية المرشحة للدائرة العامة.
وتزداد الفرص النسائية بالتزامن مع زيادة نسبة المقاعد المخصصة للأحزاب التي ستكون بالتدريج على مدار السنوات العشر المقبلة من 30 إلى 50 في المئة، وصولاً إلى 65 في المئة على الأقل، الأمر الذي يعزز الفرص أمام النساء خصوصاً الحزبيات في التنافس في الانتخابات البرلمانية.