مساع أردنية لتعزيز دور التكنولوجيا المالية في تنمية الاقتصاد

اتسع اهتمام صناع القرار النقدي وشركات المدفوعات في الأردن بتجربة التكنولوجيا المالية بعدما أثبتت نجاحها، حيث تأمل الأوساط الاقتصادية في تحقيق أقصى استفادة من هذه الأداة وتعزيز مكانتها في إحلال الشمول المالي وبناء الاقتصاد.
عمّان - وجهت السلطات الأردنية والقطاع المصرفي والتجارة وشركات المدفوعات أنظارهم باتجاه تعزيز دور التكنولوجيا في النظام المالي، في محاولة أخرى لترسيخ دعائم الرقمنة، وكذلك تحقيق الشمول المالي بما يخدم الاقتصاد.
وتشكل أعمال منتدى قمة التكنولوجيا المالية بنسختها الخامسة، التي انطلقت الأربعاء في العاصمة عمّان، فرصة للمشاركين لمناقشة أحدث الابتكارات والتحديات والاتجاه المستقبلي لهذه الصناعة.
ويحضر القمة أكثر من 300 مشارك ومحترف من قطاع التكنولوجيا المالية وأنظمة المدفوعات والبنوك وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية وشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة والمستثمرين
واتسعت رهانات الأردن على التكنولوجيا المالية (فنتيك)، بما في ذلك ترسيخ تجربة الدفع الرقمي، بالتوازي مع تلميحات المسؤولين وصناع القرار النقدي بأن بلدهم يسير بثبات ليكون مواكبا للطفرة التي أخذت حيزا مهما على مستوى الشرق الأوسط.
وأكد مدير عمليات الدفع الإلكتروني وأعمال “سند” في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد عليان خلال افتتاح القمة أن القطاعات الحيوية تعتمد على التقنيات الرقمية من خلال معالجة البيانات واستغلال الذكاء الاصطناعي، واستخدام جميع التقنيات الحديثة المتاحة.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى عليان قوله إن “التحول الرقمي والابتكار والإبداع لم تعد خيارا أمام أي جهة، بل ضرورة ملحة لمواكبة التطور العالمي والتكنولوجي”.
وتسعى الحكومة الأردنية إلى مواكبة هذه التطورات والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية والفرص المتاحة ما يمكنها من التحول إلى حكومة رقمية بامتياز.
ونفذت على مدار السنوات الماضية عددا كبيرا من مشاريع البنية التحتية الشاملة التي تشكل عامل تمكين قويا لنقل البلاد إلى المستويات التالية من رقمنة الخدمات الحكومية وخدمات الدفع الإلكتروني على المستوى المحلي.
وأوضح عليان أن قطاع المدفوعات في الأردن شهد خلال العقد الأخير تطورا ملحوظا بأنظمة وخدمات الدفع الإلكترونية القائمة على استخدام تطبيقات الهاتف النقال أو منصات الإنترنت في تنفيذ المدفوعات والتحويلات المالية المحلية والدولية.
وقال إن هذا الأمر الذي جعل البلد “في طليعة الدول في المنطقة التي طوّرت نظاماً للمدفوعات الإلكترونية يتمتع بمعايير الأمان والموثوقية والكفاءة وبما يدعم ويلبي احتياجات المجتمع الأردني”.
وشدد على أن الحكومة تلتزم بتعزيز انتشار المدفوعات الرقمية لجميع الخدمات الحكومية المعمول بها، ويدعم ذلك قرار مجلس الوزراء في سبتمبر 2019 الذي يلزم جميع الوزارات برقمنة مدفوعاتها.
كما تلتزم الحكومة بزيادة النسبة المئوية للسكان الذين يقومون بإجراء المدفوعات الرقمية أو يتلقونها، وتسعى الحكومة للتحول إلى حكومة غير نقدية والتوقف عن استلام المقبوضات النقدية للمعاملات الحكومية.
التقارب بين التكنولوجيا والقطاع المالي وسرعة الابتكار وفر العديد من الفرص والتحديات والتغيرات الكبيرة
وتهدف السلطات من خلال تفعيل الدفع الإلكتروني إلى التقليل من الاقتصاد الموازي وتحسين تجربة المستخدم، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة والقضاء على التزوير والفساد، فضلا عن إتاحة معلومات مالية حكومية أكثر دقة.
وأكد عليان أن اعتماد الحكومة في تنفيذ مدفوعاتها سواء الواردة لها أو الصادرة عنها باستخدام وسائل الدفع الإلكترونية سيسهم وبشكل رئيسي في تحسين وفورات التكلفة بشكل كبير على جميع مستويات الاقتصاد، وتعزيز مستويات الشمول المالي.
كما أن تهيئة البنية التحتية الداعمة لقبول المدفوعات الإلكترونية على مستوى القطاعات الاقتصادية ككل، وصولا إلى دعم وتيرة التحول إلى الاقتصاد الرقمي المصحوب بالريادة والابتكار سيدعمان هذا التحول.
وبيّن عليان أن تطوير حلول رقمية وتكنولوجية في العقد الأخير، مثل تطبيقات البنوك الرقمية ومنصات الدفع من خلال الهواتف الخلوية، عزز من كفاءة العمليات المالية وقلل من تكاليفها، وزادها كماً ونوعاً، كما وفر للمواطنين وسائل دفع مريحة وفعالة.
ومن المتوقع ان يسهم توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز تقنيات الدفع الإلكتروني بصورة تضمن تطورها ما يعزز مستوى الأمان والثقة في عمليات الدفع الإلكتروني.
11.55
مليار دولار قيمة التعاملات المالية من المحافظ الإلكترونية أو من خلال حسابات كليك
ووفقا لإحصائيات البنك المركزي فقد بلغ إجمالي عدد مستخدمي المحافظ الإلكترونية في العام الماضي 2.17 مليون محفظة مع 1.2 مليون حساب بنكي رابط على نظام الدفع الفوري.
ووصلت قيمة التعاملات المالية المنفذة من خلال النظام في 2023 ما يقارب 8.2 مليار دينار (11.55 مليار دولار) سواء من خلال المحافظ الإلكترونية أو من خلال حسابات كليك.
وخلال السنوات القليلة الماضية، عملت الحكومة على إطلاق أنظمة مدفوعات رقمية متطورة وشاملة تغطي متطلبات الاقتصاد كافة.
وتشير إحصائيات البنك المركزي إلى أن المدفوعات الرقمية نمت خلال فترة وجيزة من اجمالي المدفوعات بالبلاد من أقل من 5 إلى نحو 40 في المئة في عام 2022.
وقال رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، والرئيس التنفيذي لشركة مومنتس أنوفيشن أيمن إرشيد، إن المؤتمر يأتي لمناقشة أحدث الاتجاهات العالمية بصناعة التكنولوجيا الرقمية والمالية ودور الابتكار في بناء قطاع مالي مستدام.
وأكد أهمية المؤتمر في مناقشة محاور تدفع بالقطاع المالي للتقدم والاستدامة وأبرز التحديات والفرص في مجال الفينتيك وتأثير الذكاء الاصطناعي على الخدمات المالية والتطور الكبير الذي يحدث في مجال المحافظ الرقمية وأنظمة المدفوعات والبنوك الرقمية.
وأوضح أن التقارب بين التكنولوجيا والقطاع المالي وسرعة الابتكار وفر العديد من الفرص والتحديات والتغيرات الكبيرة، كما أنه أعاد تشكيل طرق الوصول إلى الخدمات المالية بدءا من انتشار البنوك الرقمية وأنظمة المدفوعات الرقمية إلى الذكاء الاصطناعي.
وبذل البنك المركزي الأردني جهودا ضمن رؤية مشرقة أسهمت خلال السنوات الماضية في تقدم التكنولوجيا المالية والتزامه المستمر في تشجيع الابتكار ووضع الأردن كوجهة رئيسية للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط.