مساع أردنية لإقناع إسرائيل بتمديد اتفاق المياه

يخشى الأردن من أن ترفض إسرائيل تمديد اتفاقية المياه الموقعة بينهما والمفترض أن تنتهي في مايو المقبل، وهو ما دفعه إلى فتح قنوات دبلوماسية على أمل حث إسرائيل على التجاوب. لكن الأخيرة لا تبدو مستعجلة وتتعمد المماطلة إلى حين خضوع المملكة لطلباتها.
عمان - كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن مساع أردنية تجري خلف الكواليس من أجل إقناع إسرائيل بتمديد اتفاق تزويد المملكة بالمياه لعام إضافي، لكن حكومة بنيامين نتنياهو تمانع وتضع جملة من الشروط من بينها عودة السفراء.
وبموجب اتفاقية وادي عربة للسلام الموقعة بين الجانبين في عام 1994، تزود إسرائيل الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبدالله إلى المملكة، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب.
وكان البلدان توصلا في يوليو 2021 إلى اتفاق جديد يقضي بتزويد إسرائيل للأردن بـ50 مليون متر مكعب من المياه الإضافية المشتراة، وينتهي الاتفاق في مايو المقبل.
وذكرت قناة “كان” الإسرائيلية الاثنين أن الأردن فتح عدة قنوات مع الحكومة الإسرائيلية من بينها الولايات المتحدة ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، الذي شغل سابقا منصب وزير الطاقة، لتمديد الاتفاق.
وأوضحت القناة أن إسرائيل لم تردّ على الطلب الأردني حتى الآن، وذلك على خلفية التوتر بين الجانبين بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة.
الأردن فتح مع الحكومة الإسرائيلية عدة قنوات من بينها الولايات المتحدة ووزير الخارجية يسرائيل كاتس لتمديد الاتفاق
ووفقا لمراسل القناة للشؤون العربية روعي كايس، فقد تقدمت حكومة نتنياهو بعدة طلبات للجانب الأردني قبل الموافقة على طلبه، وتتمثل تلك الطلبات في تخفيف المسؤولين الأردنيين من تصريحاتهم ضد إسرائيل، والعمل على تقليل ما تعتبره تحريضا ضدها داخل المملكة.
وذكر كايس أن الحكومة الإسرائيلية طلبت كذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين بشكل كامل ومن ضمن ذلك إعادة سفير إسرائيل إلى الأردن والسفير الأردني إلى تل أبيب، بعد سحب السفيرين على إثر اندلاع حرب غزة.
وتأتي المطالبات الأردنية بتمديد اتفاق المياه على وقع رفض شعبي داخل المملكة للاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل. وقد أثار حديث عن جسر بري في المملكة لإمداد إسرائيل بالبضائع مؤخرا غضبا واسعا في المملكة، مع دفع حكومة بشر الخصاونة إلى التحرك ونفي الأمر، لكن ذلك لم يكن مقنعا.
وتطالب فعاليات شعبية وسياسية الحكومة الأردنية بضرورة إيقاف الجسر، ويرى متابعون أن التسريبات الإسرائيلية بشأن التمديد لاتفاق المياه من شأنها أن تضاعف من إحراج الموقف الرسمي أمام الرأي العام الداخلي.
وتقول أوساط سياسية إن عمّان أمام موقف صعب بين إرضاء الشارع وإكراهات الواقع، وهي في حاجة ماسة إلى تمديد اتفاق المياه مع إسرائيل، في ظل ما تعانيه من ندرة على هذا المستوى، وهذا ما يجعل من حكومة نتنياهو تمارس نوعا من الابتزاز.
وكانت قناة “كان” العبرية كشفت في يناير الماضي أن وزارة الطاقة الإسرائيلية تدرس رفض تمديد اتفاقية المياه مع الأردن بسبب إدانة العديد من المسؤولين الأردنيين لإسرائيل، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، فيما يتعلق بالحرب في غزة.
وانتقد الصفدي مرارا الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، قائلا إن “الحرب الجارية ليست دفاعا عن النفس، بل هي عدوان سافر من إسرائيل، والأردن سيفعل كل ما هو ضروري لمنع تهجير الفلسطينيين”.
وفي 17 نوفمبر الماضي، أعلن الصفدي تعليق اتفاقية “الماء مقابل الكهرباء” بين إسرائيل والأردن منذ بدء الحرب.
وقال وزير الخارجية الأردني – في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية آنذاك – “لن نستطيع مواصلة اتفاقية الطاقة مقابل المياه، لأنه لا يمكن لوزير أردني أن يجلس إلى جانب وزير إسرائيلي لتوقيع اتفاق، بينما هم يقتلون إخواننا في غزة”.
وجاءت تصريحات الصفدي في محاولة لاحتواء غضب الشارع الأردني الذي طالب بإيقاف خطوات إتمام صفقة تبادل الطاقة مع إسرائيل.
عمّان أمام موقف صعب بين إرضاء الشارع وإكراهات الواقع، وهي في حاجة ماسة إلى تمديد اتفاق المياه مع إسرائيل
وكان الأردن والإمارات وإسرائيل وقعوا في 2021 إعلان نيات “للدخول في عملية تفاوضية، لبحث جدوى مشروع مشترك لمقايضة الطاقة بالمياه”.
ويهدف المشروع – الذي أُطلقت عليه تسمية “مشروع الرخا” – إلى تصدير 600 ميغاواط من الطاقة الشمسية إلى إسرائيل، مقابل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة إلى الأردن.
ويرى مراقبون أن الأردن ليس من مصلحته إجهاض المشروع، وأن ما فعله ليس سوى عملية تجميد للعملية التفاوضية على أن تستكمل بعد انتهاء حرب غزة.
وجدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين تأكيده على ضرورة بذل أقصى الجهود للتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة وحماية المدنيين، مشددا على أن الأردن سيواصل الدفع نحو وقف الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية برا وجوا إلى غزة.
وحذر الملك عبدالله الثاني، خلال لقائه رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير في الكنيست النائب أيمن عودة، وعضويها النائب أحمد الطيبي والنائب يوسف العطاونة، من خطورة استمرار الحرب على غزة والتصعيد بالضفة الغربية والقدس، والذي سيزيد من توسع الصراع.
وأعاد التأكيد على رفض الأردن لأيّ محاولات للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، اللتين تشكلان امتدادا للدولة الفلسطينية الواحدة، مجددا في السياق ذاته رفض الأردن القاطع لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين.
وخلَّفت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية غير مسبوقة ودمارا هائلا في البنى التحتية والممتلكات، بحسب بيانات فلسطينية وأممية؛ مما استدعى مثول إسرائيل، للمرة الأولى منذ عام 1948، أمام محكمة العدل الدولي؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية”.