مساعي وقف معارك اللوائح بالبرلمان التونسي: تهدئة أم محاصرة لعبير موسي

الدستور التونسي والنظام الداخلي للبرلمان ينص على أن يتم التصويت على اللائحة بالغالبية المطلقة فهل يكتمل النصاب.
الأربعاء 2020/12/23
تحركات مُثيرة

تونس - يتجه البرلمان التونسي إلى سحب حق التقدم بمشروع لائحة من رؤساء الكتل ليقع ربط “صحّتها الشكلية” بإمضائها من طرف ثلث أعضاء البرلمان المتألف من 217 نائبا، وذلك في خطوة تستهدف وقف معارك اللوائح القائمة منذ فترة بين عبير موسي رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر وكتلة ائتلاف الكرامة المقربة من حركة النهضة الإسلامية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى خفض التوتر السائد داخل البرلمان، لكنها قد تكون سلاحا بيد النهضة وحلفائها لمحاصرة موسي التي قدمت العديد من اللوائح التي أزعجت الحركة الإسلامية كما بقية الأحزاب.

وكانت موسي قد قدمت مؤخرا لائحة بهدف تنديد البرلمان بتبييض الإرهاب، وتمت مقاطعة جلسة مناقشتها من قبل جل الكتل النيابية ما أعاد الجدل بشأن هذه اللوائح إلى الواجهة.

والكتل المقاطعة للجلسة هي النهضة (54 مقعدا)، والكتلة الديمقراطية (38 مقعدا)، وقلب تونس (30 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (18 مقعدا)، والكتلة الوطنية (9 مقاعد)، وكتلة تحيا تونس (10 مقاعد) وغير المنتمين إلى كتل (26 مقعدا).

وفي أعقاب الجلسة قال رئيس كتلة حركة النهضة عماد الخميري إنه “آن الأوان لتعديل الفصل 141 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب (البرلمان) وذلك من أجل أن يصبح استخدام اللائحة ضمن أغلبية محترمة لا تقل عن ثلث أعضاء المجلس وفي مضامين مجمّعة”.

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “هذا الإجراء الجديد الذي اتخذه البرلمان التونسي يؤكد أنه تحول إلى برلمان تحت الطلب، لأن هناك أسسا تم البناء الديمقراطي عليها يتم هدمها بمثل هذه الإجراءات”.

وأضاف الترجمان في تصريح لـ”العرب” أن “التراجع على هذه الأسس يؤكد أن صبر رئاسة المجلس والكتل الكبرى قد نفد في علاقة بالنشاط السياسي ولوائح الحزب الدستوري الذي ليس هو الوحيد الذي يقدم لوائح، وبالتالي ما حدث هو هدم لجزء من الشكل الديمقراطي التونسي”.

باسل الترجمان: الإجراء الجديد بالبرلمان ينسف أسس الديمقراطية

ويرأس رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي البرلمان التونسي.

ومعركة اللوائح داخل البرلمان التونسي ليست وليدة اللحظة، حيث تقدم الحزب الدستوري الحر في وقت سابق بلائحة للتنديد بالتدخل الأجنبي في ليبيا ورفضها البرلمان.

كما تقدمت كتلة ائتلاف الكرامة بلائحة تُطالب فرنسا بالاعتذار عن “مرحلة الاستعمار وبعدها”، وتم إسقاطها بعد أن صوت 77 نائبا لصالحها.

وينص الدستور التونسي والنظام الداخلي للبرلمان على أن يتم التصويت على اللائحة بالغالبية المطلقة أي 109 أصوات على الأقل ليتم إقرارها.

وحاليا لا تزال هناك 3 مشاريع لوائح على الأقل في مكتب البرلمان التونسي لم يقع النظر فيها.

وتنص الأولى التي تقدم بها الحزب الدستوري الحر على تصنيف الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، وأن يعلن “رئيس الحكومة هذا التصنيف.. واعتبار كل شخص أو جمعية أو حزب في تونس له ارتباطات مباشرة أو غير مباشرة مهما كان نوعها بهذه التنظيمات أو يدعو لتبني أدبياتها مرتكبا لجريمة إرهابية بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب التونسي”.

أما الثانية فهي أيضا للدستوري الحر وتستهدف “التنديد بالعنف ضد المرأة والتمسّك بمجلّة الأحوال الشخصيّة وتعهّد البرلمان بتطوير التشريعات لفائدة المرأة”.

واللائحة الثالثة قدمتها كتلة الإصلاح الوطني (16 نائبا) تتعلق بـ”إدانة ممارسة العنف اللفظي والمادي وتدعو لأخلقة السلوك والخطاب داخل البرلمان”.

ومع الأحداث التي يعرفها البرلمان التونسي والتي وصلت حد العنف الجسدي في وقت سابق بعد أن اعتدى نواب من ائتلاف الكرامة على نائب من التيار الديمقراطي، تزداد المخاوف من أن تتعمق الفجوة بين المجلس النيابي والشارع لاسيما مع تكثيف الدعوات إلى حل البرلمان.

وقال باسل الترجمان إن “المطالب بحل البرلمان ستزيد في الانتشار بعد الإجراء الأخير ومع استمرار عجز هذه المؤسسة التشريعية في أداء مهامها، هذا البرلمان أثبت بامتياز أنه فاشل وعاجز عن أداء دوره ولو نقوم بحوصلة بسيطة لأعمال هذا المجلس النيابي في دورته البرلمانية الأولى سنجد أنه أفشل مجلس في تاريخ البلاد”.

إلى ذلك، تستمر الدعوات داخل الشارع التونسي ومن شخصيات مستقلة وحزبية إلى حل البرلمان والذهاب في مؤتمر وطني للإنقاذ وذلك بسبب تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، إلى جانب الفوضى التي باتت ترافق عمل البرلمان.

4