مساعي فصل الايزيديين عن القومية الكردية تثير جدلا في كردستان العراق

أربيل (كردستان العراق) – يحتدم الجدل داخل أوساط القومية الإيزيدية، في ظل المساعي النيابية الرامية إلى تشريع قانون "القومية الإيزيدية" وهو مسار يكتنفه الكثير من الغموض والتساؤلات، خاصة في ظل تحفظ أطراف كردية تعتبر الإيزيديين من قومتيهم.
وفي تفاصيل القانون المطروح، فإنه سيعامل الإيزيديين على أنهم قومية ما يجعلهم بموازاة القوميات العراقية الأخرى (العربية والكردية والتركمانية وغيرها) ويفصلهم عن القومية الكردية.
وكان نواب الكتلة الإيزيدية في البرلمان العراقي تقدموا الأسبوع الماضي بمقترح القانون مشفوعا بتوقيعات 182 نائباً من قوى مختلفة حصلوا على دعمها. واعتبرت الكتلة القانون بأنه "يأتي لإنصاف المكون مما تعرض له من إبادة جماعية على يد تنظيم داعش.
وأكد رئيس الكتلة الإيزيدية في البرلمان العراقي، نايف خلف سيدو، أن مقترح القانون تمت إحالته الى اللجنة القانونية البرلمانية، مضيفاً في تصريح صحافي، أن "القانون يندرج ضمن جهود دعم حقوق الإيزيديين في العراق وإنصافهم"،
وأشار إلى أن "رئيس مجلس النواب (بالوكالة) وافق على إحالة مقترح القانون إلى اللجنة المالية" مؤكداً أنه "ستجري مناقشة القانون في اللجنة القانونية قبل قراءته قراءة أولى وثانية ومن ثم التصويت عليه".
وأثار مشروع القانون قلق بعض الحساسيات الإيزيدية المرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي عمل عبر منصاته الإعلامية إلى تبرير رفضه لتمريره معتبرا أنه يفتح بابا للتفرقة.
وأعلن المجلس الروحاني الإيزيدي، السبت، عن رفضه لمحاولات تغيير القومية الإيزيدية من الكردية إلى أية قوميةٍ أخرى والتلاعب بهويتهم.
وقال المجلس في بيانٍ له، إن الإيزيديين "جزء لا يتجزأ من الشعب الكردي، وجذورهم التاريخية والثقافية متأصلة بعمق في الأرض الكردية".
وأضاف الإيزيدية ديانة قديمة تعود لآلاف السنين، وهي جزء من التراث الكردي العريق. الإيزيديون يتحدثون اللغة الكردية، وعاداتهم وتقاليدهم تتماشى مع الثقافة الكردية العامة.
وتابع البيان على مر العصور، حافظ الإيزيديون على هويتهم الدينية والقومية رغم التحديات والاضطهادات التي تعرضوا لها.
وأكّد المجلس الروحاني على "ضرورة احترام الهوية الإيزيدية الكردية وعدم محاولة تغييرها أو تزييفها". معتبراً أن الحفاظ على هذه الهوية "حق طبيعي وواجب مقدس، وهو جزء لا يتجزأ من حماية التراث الثقافي والديني للشعب الإيزيدي والكردي بشكل عام".
ونقلت شبكة رووداو الإخبارية المرتبطة بالحزب الديمقراطي عن قائد قوات حماية إيزيدخان حيدر ششو قوله إن المشروع "سيء حقاً. على الإيزيديين اتخاذ موقف لأن المشروع لا يخدمهم".
وتابع "سنقف ضد أي مؤامرة ترمي لعزل الكرد عن كردستان. هذا عمل عدائي. انتهاك للقومية تقف خلفه أياد من خارج القومية الكردية".
ورأى أن المجموعة التي تقف وراء هذا المشروع "تتلاعب منذ سنوات بمشاعر الإيزيديين، وقد يكون مرتبطاً بالدعاية وتضليل المواطنين".
وأعرب قائد قوات حماية ششو عن اعتقاده في أن "المشروع لا يصب في مصلحة الإيزيديين حتى لو تحولت سنجار إلى دولة".
وبشأن موقف الشخصيات الكردية الإيزيدية، قال "نتابع الوضع. قد لا ينجح المخطط. وفقا للدستور نعتبر مكوناً دينياً وجزءاً من القومية الكردية، وسنتخذ موقفاً تجاه أي خطوة تتعارض مع ذلك".
ويبدو أن تصريح ششو مفهوم، باعتباره قريب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتمتع بنفوذ كبير في محافظة نينوى، كما أن الوضع القائم يُدرج الايزيديين ضمن المكون الكردي، بما يعنيه ذلك من استحقاقات انتخابية، وحتى قوة داخل قضاء سنجار.
ويتجلى ذلك في الحملة الإعلامية التي شنها سياسيون ونواب أكراد في الأيام الماضية لرفض القانون معتبرين أنه يهدف لـ"التفرقة وأنه غير قانوني"، وهاجم النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، إبراهيم ميراني الطلب "معتبراً أنه غير قانوني".
وقال في تصريح لشبكة رووداو إن "الطلب غير قانوني، لأن الإيزيدية دين وليست قومية، كما أن الشعب العراقي لا يقسم الأديان على أساس قومي"، مشدداً "ندعم تعويض الإيزيديين، ونحن أول المدافعين عنهم في هذه القضية، لكن لسنا مع تشريع القانون".
ويمنح نظام "الكوتا"، المعمول به في البرلمان، الأقلية الإيزيدية مقعداً واحداً فقط في البرلمان وهو ما قوبل باعتراض من سياسيي المكون، الذين اعتبروا أن المقعد لا يتناسب والحجم السكاني لهم، وهو ما أجبر الإيزيديين إلى الترشح ضمن الكتل الكردية.
ويرى استاذ التاريخ في جامعة صلاح الدين، ياسين طه، أن "فتح هذا الموضوع يُراد منه الجانب السياسي، فقط، بل إن الإيزيديين ومنذ القدم هم ضمن القومية الكردية، وما يتوجب على البرلمان اليوم فهم احتياجات الشعب الإيزيدي وتلبية تطلعاته، أما تشريع قانون يجعلهم قومية فهذا لا يقدم أو يؤخر شيئا في واقع المكون".
وأضاف طه لوكالة "عراق أوبزيرفر" أن "المصادر التاريخية، تشير إلى أن الايزيديين أغلبهم من القومية الكردية، ولذلك ما يجب فعله حاليا هو إجراء استفتاء لفهم ما يريده الشعب الإيزيدي، وفيما إذا كان بالفعل يريد الاستقلال بقومية، لكن المسألة أيضاً تتعلق بالجذور والقضايا التاريخية وغير ذلك، ما يصعب هذا المسار عليهم".
والإيزيديون أقلية عرقية دينية قديمة في شرق سوريا وشمال غرب العراق. واعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية من عبدة الشيطان بسبب عقيدتهم التي تجمع بين المعتقدات الزرادشتية والمسيحية والمانوية واليهودية والإسلامية.
بحسب الإحصاءات، يبلغ عددهم في العراق نحو 1.6 مليون نسمة، وقد وقع عشرات الآلاف منهم ضحية لانتهاكات ارتكبها تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، عند سيطرته على مناطق شمال البلاد، في عام 2014. وبحسب الأمم المتحدة، "عمد داعش إلى استرقاق أكثر من 6.500 من النساء والأطفال وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350.000 في مخيمات النزوح شمالي العراق. ولا يزال أكثر من 120.000 ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم".