مساعي تغيير النظام الانتخابي في الكويت تتمخض عن نظام هجين

الكويت - استقر رأي القوى السياسية الكويتية الساعية لاستبدال نظام الانتخابات التشريعية على التخلي عن التحوّل بالكامل من نظام الصوت الواحد إلى نظام القوائم النسبية، والدفع بتصوّر يقوم على نظام هجين يقوم على أن يكون للناخب الواحد صوتان أحدهما للقائمة والثاني لمرشّح منفرد. وأعلن عن ذلك رئيس اللجنة التشريعية البرلمانية النائب مهند الساير الذي كشف أيضا عن اكتمال التصور النهائي لتعديلات النظام الانتخابي ورفعه للجلسة البرلمانية المقرّرة للتاسع عشر من شهر ديسمبر الجاري، موضّحا أنّه سيكون بإمكان المرشّحين للانتخابات الترشّح “بنظامي القوائم والمنفردين”.
وأفضت حملة كبيرة ضدّ نظام الصوت الواحد الذي كان قد أقرّ سنة 2012 بمرسوم أصدره أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ليحلّ محلّ نظام الأصوات الأربعة لكل ناخب، إلى حالة من الوفاق السياسي الواسع على التخلّي عن ذلك النظام الذي قيل إنّه شجّع ظاهرة شراء الأصوات الانتخابية وكرّس فردية العمل السياسي.
ونظّمت اللجنة التشريعية والقانونية في البرلمان الكويتي مؤخرا ملتقى تحت عنوان “نظام انتخابي متقدم لمشاركة شعبية فاعلة” بحضور برلمانيين حاليين وسابقين وفعاليات سياسية ومجتمعية وذلك لمناقشة إقرار نظام انتخابي جديد.
وبرزت ضمن مقترحات تعديل النظام الانتخابي فكرة إقرار نظام القوائم النسبية الذي يسمح من خلاله للناخب بأن يصوت لأكثر من قائمة واحدة، على أن يكون فوز القائمة أو أي عدد من المرشحين فيها للانتخابات العامة والتكميلية وفقا لأسبقية تسلسل أسماء المرشحين في نموذج الترشيح وذلك بقسمة جميع الأصوات الصحيحة التي أعطيت في جميع الدوائر الانتخابية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم.
لكن هذا المقترح سرعان ما اصطدم بعائق أساسي تمثل في أنّ نظام القوائم النسبية يتطلّب وجود أحزاب سياسية وهو أمر غير متوفّر في الكوت ولا يمكن تحقيقه إلاّ بإجراء تعديل دستوري عميق قد لا يحظى بموافقة السلطات العليا في البلاد.
كما لا يحظى موضوع السماح بتشكيل الأحزاب السياسية بالإجماع داخل الساحة الكويتية المنقسمة بين مؤيّد للفكرة باعتبارها وسيلة للارتقاء بالحياة السياسية، ورافض لها يرى أن وراء طرحها نوايا مبيتة لهيمنة تيارات وقوى بعينها على البلاد ولتقليص دور الأسرة الحاكمة، وخصوصا القوى الأكثر هيكلة وتنظّما وغنى مادّيا وتتمثّل تحديدا في القوى الإسلامية بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي تدير عددا من الجمعيات الأقرب إلى أحزاب لا ينقصها سوى الإشهار بشكل رسمي.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساير قوله إن من ضمن ضوابط القوائم ألاّ يقل عدد المترشحين ضمنها عن أربعة ولا يزيد عن ستة، “وذلك رغبة في تعزيز العمل الجماعي وعدم إغفال الأقليات في كل دائرة”، مبينا أنّ أحد صوتي الناخب يذهب إلى القائمة والصوت الآخر يذهب إلى المرشح المستقل أو إلى عضو بأيّ قائمة أخرى.
كما نقلت عن مقرر اللجنة التشريعية عبدالكريم الكندري القول إنّ اللجنة التشريعية تلقت العديد من الاقتراحات سواء المتعلّقة بنظام القوائم أو النظام الفردي أو القوائم النسبية المفتوحة والصوت الحر.
وأشار إلى أن القانون المتوافق عليه هو عبارة عن مزيج يشمل النظام الجماعي دون إغلاق باب الترشح الفردي بهدف إعطاء تجربة أخرى للبرلمان الكويتي لأنّ النظم الانتخابية، بحسب رأيه، “لم توضع كي تثبت بل مع التجربة تصحح الأخطاء”.
أما بشأن موضوع عدالة الدوائر الذي أثاره عدد من نواب مجلس الأمّة، فقال الكندري إنّ اللجنة ارتأت تأجيل النظر في الموضوع “إلى حين تكليف المفوضية العليا للانتخابات بوضع دراسة واضحة لأعداد المواطنين الكويتيين بهدف النأي عن تعارض المصالح”.
ولم تعلن الحكومة الكويتية بشكل واضح موقفها من تعديل النظام الانتخابي، وقالت مصادر مقرّبة منها في وقت سابق إنّها تدرس خيار عدم المشاركة في التصويت على قانون الانتخابات الذي سيطرح على البرلمان ، الأمر الذي يعني أنّها لا تريد أن تكون طرفا مباشرا في تغيير النظام الانتخابي، إلاّ أنها يستبعد أن تقوم بعرقلته نظرا لما يحظى به من دعم نيابي واسع، في وقت تسلك فيه حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح نهج المرونة والتوافق مع السلطة التشريعية حرصا على عدم إثارة المشاكل معها.