مساعي اللحظات الأخيرة لتجنب فراغ حاكمية مصرف لبنان

الأزمة المحتملة في حاكمية المصرف المركزي تزيد الوضع سوءا في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية.
الثلاثاء 2023/07/25
أزمة متزايدة

بيروت - التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الاثنين في السراي الحكومي مع نواب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري وبشير يقظان وسليم شاهين وألكسندر مراديان، في مسعى اللحظات الأخيرة لتفادي فراغ حاكمية المصرف إذ تنتهي ولاية رياض سلامة أواخر الشهر الجاري.

ويغلي لبنان على صفيح ساخن، إذ تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قريبا وليس في الأفق ما يدل على وجود توافقات سياسية أو قانونية لتعيين حاكم جديد مع رفض حزب الله أن تتولى الحكومة التعيينات الإدارية، وهو ما حدث مع مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الذي لم يمدد له مع انتهاء ولايته ولم يعين بديل له أيضا، إضافة إلى رفض النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان استلام مهامه مؤقتا.

وتنتهي في الحادي والثلاثين من يوليو ولاية سلامة (72 عاما)، أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم، والذي تشكّل ثروته منذ عامين محور تحقيقات في لبنان والخارج، إذ تلاحقه شبهات عدة بينها اختلاس وغسيل أموال وتحويلها إلى حسابات في الخارج و”إثراء غير مشروع”.

وفي حال شغور المنصب، يتولى نائب الحاكم الأول، وهو المنصب الذي يشغله حاليا وسيم منصوري، مهام الحاكم ريثما يعين بديل.

إلا أن المسؤول في مصرف لبنان أفاد برفض منصوري تسلّم مهام حاكم المصرف المركزي، في ظل الشلل السياسي القائم الذي لا يمكن التكهن بموعد انتهائه وامتناع السلطات عن تنفيذ إصلاحات ضرورية، من بينها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، يشترطها المجتمع الدولي لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية المتمادية منذ نحو أربع سنوات

وتزيد الأزمة المحتملة في حاكمية المصرف المركزي الوضع سوءا في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتطلب تعيين موظفين من الدرجة الأولى توافقا سياسيا، يبدو من الصعب توافره في الوقت الراهن على وقع الانقسامات الحادة.

ويقول مراقبون إنه في نهاية الأمر، عند سقوط جميع المساعي لحلّ أزمة الحاكمية، هناك المادّة 18 من قانون النقد والتسليف التي لن يدير لها نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري ظهره، ولا باقي نوّاب الحاكم، والتي تتيح للأخير تسلّم مهامّ حاكم مصرف لبنان إلى حين تعيين حاكم أصيل.

ونائب الحاكم، وفق مصادر قانونية، محكوم بهذا الواجب الوظيفي وإلّا صُنّف الأمر إخلالاً وظيفياً تترتّب عليه مسؤوليات، وينطبق الأمر نفسه على نواب الحاكم إذا أعلنوا استقالتهم التي سترفضها الحكومة إذا حصلت.

معطيات تشير إلى أنّ خيار التعيين لم يُدفن تماماً بعد، وما يزال يُعمل عليه سرّاً، إذ أن الخلاف الحقيقي هو على الاسم لا على الآليّة أو المبدأ

وتتعقد جهود إيجاد خليفة لسلامة بسبب انهيار أنظمة الحكم وتصاعد التوتر السياسي في البلاد. وعادة ما يعين رئيس البلاد حاكم مصرف لبنان المركزي، لكن مجلس النواب (البرلمان) لم ينتخب حتى الآن خليفة للرئيس السابق ميشال عون الذي انتهت فترة رئاسته في أواخر أكتوبر الماضي.

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو من أنصار سلامة منذ فترة طويلة، للصحافيين الاثنين إن “الضرورات تبيح المحظورات”، في إشارة إلى أن على حكومة تصريف الأعمال تعيين حاكم للمصرف.

وعلى الرغم من المعوّقات الكبيرة التي تحول دون تعيين مَن يخلف سلامة في حاكمية مصرف لبنان، تشير معطيات إلى أنّ خيار التعيين لم يُدفن تماماً بعد، وما يزال يُعمل عليه سرّاً، إذ أن الخلاف الحقيقي هو على الاسم لا على الآليّة أو المبدأ.

ويحمّل العديد من اللبنانيين سلامة والنخبة الحاكمة الموجودة منذ فترة طويلة مسؤولية الانهيار المالي للبنان. ويقول سلامة إنه كبش فداء لهذا الانهيار الذي أعقب فسادا وإسرافا في إنفاق الساسة على مدى عقود.

وظل سلامة لسنوات قريبا جدا من السلطة. ودافع عنه ميقاتي في أواخر عام 2021، قائلا إنه يجب أن يظل في منصبه حتى مع بدء تحقيقات معه بشأن عمليات كسب غير مشروع. وأضاف أنه لا أحد يغيّر ضباطه أثناء الحرب. لكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن سلامة يعيش عزلة متزايدة.

2