مسار المصالحة السعودية - الإيرانية ينأى عن تداعيات الحرب

الرياض- لم تتأثّر العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران بالتطورات العاصفة في المنطقة وما شهده الإقليم مؤخرا من حرب دامية بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية والذي طال منطقة الخليج بشكل جزئي من خلال قيام الحرس الثوري الإيراني بقصف قاعدة العديد العسكرية الأميركية داخل الأراضي القطرية الأمر الذي أثار غضب بلدان مجلس التعاون الخليجي ومن ضمنها المملكة.
وتواصلت المشاورات عالية المستوى بين الرياض وطهران كمظهر على مواصلة السير في مسار المصالحة الذي أنجزتاه قبل أكثر من سنتين بوساطة صينية منهيتين بذلك فترة من الخلافات الحادة والتراشق بينهما كان قد أفضى سنة 2016 إلى قطع العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وجارتها الكبيرة على الضفة الأخرى من الخليج.
ولا يستثني التشاور بين الطرفين مواضيع أمنية ودفاعية حساسة حيث ناقش وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز خلال اتصال هاتفي مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء عبدالرحيم موسوي “الجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة.”
وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” الأحد أن الأمير خالد تلقى اتصالا هاتفيا من موسوي استعرضا خلاله “العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال الدفاعي، وبحثا تطورات الأوضاع في المنطقة.”
ومن جهتها نقلت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن رئيس هيئة الأركان قوله لوزير الدفاع السعودي “إن لدى طهران شكوكا كبيرة في التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار،” موضحا “بما أن لدينا شكوكا تامة في وفاء العدو بالتزاماته، بما في ذلك وقف إطلاق النار، فإننا مستعدون لمواجهته برد قوي إذا كرر العدوان.”
وكانت الرياض قد اتّخذت مواقف مبدئية واضحة من اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل وتدخل الولايات المتحدة فيها لاحقا، أقامتها على اعتبار الدولة العبرية طرفا مبادرا بالعداء.
وعلقت في ضوء ذلك على قيام القوات الأميركية بقصف المنشآت النووية الإيرانية بالقول في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية “تتابع المملكة العربية السعودية بقلق بالغ تطورات الأحداث في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة المتمثلة في استهداف المنشآت النووية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وإذ تؤكد المملكة على المضامين الواردة في بيانها الصادر بتاريخ الثالث عشر من حزيران والذي أكدت فيه إدانتها واستنكارها لانتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتعرب عن ضرورة بذل كافة الجهود لضبط النفس والتهدئة وتجنب التصعيد.”
وتابعت القول “كما تدعو المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود في هذه الظروف بالغة الحساسية للوصول إلى حل سياسي يكفل إنهاء الأزمة بما يؤدي إلى فتح صفحة جديدة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.”
وعلى ذات الأساس المبدئي أدانت الرياض في المقابل قيام القوات الإيرانية بقصف قاعدة العديد بقطر قائلة في بيان لخارجيتها “تدين المملكة العربية السعودية وتستنكر بأشد العبارات العدوان الذي شنته إيران على دولة قطر الشقيقة والذي يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، وهو أمر مرفوض ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال.”
وبات الحفاظ على علاقات إقليمية متوازنة لا تستثنى منها إيران على الرغم من سياساتها المثيرة للمشاكل والتوتّرات جزءا من توجه سياسي واضح لدى صانع القرار السعودي يقوم على الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الاستقرار والهدوء وتجنب الصراعات، والتفرغ في مقبل ذلك لمشاريع التنمية والتطوير والتي شرعت المملكة في إنجازها في نطاق برامجها التحديثي بالغ الطموح.