مسائل إجرائية تصرف جهود القائمين على التعليم في الكويت عن الإصلاح الجذري

يجري حاليا في الكويت البحث عن مداخل لإصلاح التعليم الذي ترسّخت قناعة عامّة بضرورة إدخال تغييرات جذرية عليه ترتقي إلى مستوى ثورة شاملة.
السبت 2024/12/14
قضية هامشية تحولت إلى مشغل رئيسي

الكويت - برزت مجدّدا في الكويت قضيّة الحفاظ على مصداقية عملية اختبار الطلبة ومنع تسريب الامتحانات، وذلك مع مبادرة وزير التربية إلى اتّخاذ جملة من القرارات من بينها إلغاء اختبارات تمّ طبعها بالفعل وإعادة تشكيل اللجان المشرفة على الطبع بعد أن تمّ الكشف عن احتواء تركيبتها على مخالفات.

وتكون المسألة بذلك قد أخذت حيزا من الزمن والجهد أكثر مما تستحقّه بالفعل مطلقة المزيد من الانتقادات للمشرفين على العملية التعليمية في البلاد بسبب انشغالهم بمسائل إجرائية بسيطة بدل الشروع في إجراء الإصلاحات الجذرية المطلوبة على نطاق واسع ومنذ سنوات طويلة لتدارك ضعف التعليم في البلد مناهج ومحتويات ومخرجات.

وكان أعلن منذ أواخر شهر نوفمبر الماضي عن تجنّد السلطات الكويتية بشكل مبكّر وحازم لمواجهة ظاهرة الغش في الامتحانات الدراسية التي تفاقمت خلال السنوات الماضية. وأعلنت وزارة التربية آنذاك عن استعداداتها لاختبارات الفترة الدراسية الأولى بالتنسيق مع كل من وزارة الداخلية ووزارة الإعلام ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وهدفت الخطوة إلى منع تكرار ما حدث في نهاية السنة الدراسية الماضية عندما تفجّرت قضية كبرى لتسريب الاختبارات أدت إلى حدوث اضطراب في إجراء الامتحانات عندما اضطرّت السلطات إلى اتّخاذ إجراء غير مسبوق تمثّل في سحب اختبار مادة التربية الإسلامية وإلغائه بعد أن تم توزيعه على لجان الاختبارات ووصل إلى أيدي الطلبة في بعض اللجان، وذلك بعد اكتشاف حدوث التسريب المذكور. وعلى الرغم من ذلك الجهد واشتراك أكثر من جهة حكومية فيه عادت القضية إلى البروز مجدّدا مع إعلان وزارة التربية عن إجراءاتها الجديدة.

ظاهرة الغش في الامتحانات تعدّ إحدى الظواهر السلبية الكثيرة التي تعانيها العملية التعليمية في الكويت وتؤثّر بشكل واضح على جودتها

وقالت الوزارة في بيان إنّ بعد مراجعة شاملة ودقيقة قام بها الوزير جلال الطبطبائي لأسماء أعضاء “الكنترول” والمطبعة السرية المركزية بالإضافة إلى المطابع السرية في المناطق التعليمية، تبين وجود صلة قرابة من الدرجة الأولى لسبعة أعضاء في المطبعة السرية المركزية المسؤولة عن طباعة امتحانات المرحلة الثانوية، ولديهم أبناء سيؤدون الامتحانات في صفوفها، وذلك من أصل سبعة عشر عضوا في لجنة المطبعة السرية المركزية، ما يمثل انتهاكا صريحا لمبادئ العدالة ومعايير النزاهة والحيادية المنصوص عليها في دليل أعمال “الكنترول”، مشيرة في الوقت ذاته إلى اكتشاف صلات قرابة من الدرجة الأولى لأعضاء آخرين في ثلاث مطابع سرية تابعة للمناطق التعليمية المشرفة على طباعة امتحانات المرحلة المتوسطة.

وبناء على ما تمّ رصده من مخالفات قرر الوزير، بحسب ذات البيان، اتخاذ حزمة من الإجراءات بشكل فوري من بينها إلغاء قرار أعضاء المطبعة السرية المركزية بالكامل واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق المخالفين لضمان تحقيق العدالة، وإلغاء جميع الامتحانات المطبوعة للمرحلة الثانوية المتعلقة بهذه اللجنة المخالفة، وتكليف أعضاء جدد للمطبعة السرية المركزية واختيارهم بدقة وعناية وفق شروط صارمة مع الالتزام بلوائح الامتحانات، وطباعة نماذج جديدة لامتحانات الصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر الثانوي مع الالتزام الكامل بالمعايير الفنية المحددة، وإعادة تشكيل أعضاء المطابع السرية في ثلاث مناطق تعليمية واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية ضد المخالفين.

وتعدّ ظاهرة الغش في الامتحانات إحدى الظواهر السلبية الكثيرة التي تعانيها العملية التعليمية في الكويت وتؤثّر بشكل واضح على جودتها ومخرجاتها ومن بينها، إلى جانب ضعف المحتويات وعدم إحكام المناهج، ظاهرة تزوير الشهادات العلمية التي تسرّبت إلى قطاع التعليم حيث تمّ الكشف في أكثر من مرّة عن زيف شهادات الكثير من العاملين فيه من إداريين وحتى مدرّسين في مختلف المراحل والمستويات.

ويجري حاليا في الكويت البحث عن مداخل لإصلاح التعليم الذي ترسّخت قناعة عامّة بضرورة إدخال تغييرات جذرية عليه ترتقي إلى مستوى ثورة شاملة مثلما يدعو إلى ذلك ساسة وإعلاميون وقادة رأي.

3