مسؤول أميركي كبير يبحث في بغداد كبح تهريب الدولار لايران وتمويل الإرهاب

واشنطن/بغداد – أعلن متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية أن أكبر مسؤولي العقوبات بالوزارة يزور بغداد، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لمواجهة تهرب إيران من العقوبات في العراق، فيما أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على مصرف عراقي.
وقال المتحدث إن وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برايان نيلسون سافر إلى العراق في زيارة بدأت الأحد واستمرت حتى الاثنين، حيث التقى بمسؤولين عراقيين كبار منهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في إطار العمل المستمر لمكافحة التمويل غير المشروع.
وأضاف المتحدث أن نيلسون ناقش في أثناء الزيارة مع نظرائه سبل حماية الأنظمة المالية العراقية والدولية من الجهات الإجرامية والفاسدة والإرهابية.
وذكر المتحدث أن واشنطن ستتعاون لحماية القطاع المالي العراقي "من (أي) إساءة استخدام من جانب إيران أو أي جهة شريرة أخرى".
وجاءت الحكومة العراقية إلى السلطة بمساندة من الأحزاب القوية المدعومة من إيران وفصائل مسلحة لها مصالح في الاقتصاد العراقي غير الرسمي إلى حد كبير.
وقال نيلسون لرويترز الاثنين إن الاجتماعات التي عقدها كانت مثمرة، ومنها اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي العراقي.
وأضاف "من منظور وزارة الخزانة، أعتقد أننا نشعر بالارتياح حقا حيال أدوات الشفافية التي وضعها البنك المركزي العراقي لتحديد التدفقات المالية غير المشروعة التي تمر عبر النظام المالي العراقي".
لكنه حذر من أن العراق يجب أن يضع صوب أعينه دوما مخاطر العقوبات.
وقال نيلسون "سنواصل مراقبة الأفراد العراقيين والشركات والبنوك العراقية التي تعمل لصالح الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية أو تعمل بالنيابة عنها".
وصنفت الولايات المتحدة الاثنين مصرف الهدى العراقي مؤسسة مالية أجنبية تثير قلقا رئيسيا فيما يتعلق بغسل الأموال واتهمته بالعمل كقناة لتمويل الإرهاب. وأدرجت وزارة الخزانة أيضا على لائحة العقوبات مالك ورئيس البنك، حمد الموسوي، لدعمه فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق.
كما اقترح جهاز مكافحة الجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة إصدار قرار بفصل المصرف عن النظام المالي الأميركي من خلال حظر المؤسسات والوكالات المالية المحلية من فتح أو الاحتفاظ بحساب مراسل لبنك الهدى أو نيابة عنه.
وقالت وزارة الخزانة في بيان "مصرف الهدى ورعاته الأجانب، ومنهم إيران ووكلاؤها، يحولون مسار الأموال التي كان من الممكن أن تدعم الأعمال المشروعة والتطلعات الاقتصادية للشعب العراقي. هذه الجهات السيئة تغذي العنف الذي يهدد استقرار العراق وحياة الأميركيين والعراقيين على حد سواء".
وعزا البنك المركزي العراقي، فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف الهدى العراقي، إلى أنشطة المصرف في عام 2022.
وقال البنك في بيان، اليوم الثلاثاء، إن "المصرف لم يشارك في نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية خلال العام 2023"، مبيناً أنه "مستمر في تقديم خدماته المصرفية دون التعامل بالدولار الأميركي ويسمح له التعامل بالعملات الأجنبية الأخرى".
وقبل 8 سنوات سلّمت اللجنة المالية النيابية ملف مصرف الهدى ومالكه اللذين شملتهما عقوبات وزارة الخزانة الأميركية إلى هيئة النزاهة كنموذج على "المخالفات والجرائم التي ترتكب من قبل مجموعة من البنوك وأصحابها في مزاد العملية الأجنبية" وتحويل الأموال "التي هي ثمن بيع النفط ملك الشعب العراقي" إلى خارج البلاد.
وتعود أطوار هذه القضية إلى أكتوبر 2015، عندما وجهت اللجنة المالية النيابية كتاباً بالعدد 740 إلى هيئة النزاهة، دعت فيه الهيئة إلى التحقيق في قيام المصرف بتحويل أكثر من 6 مليارات دولار إلى الأردن، لكن التحقيق لم يجري كما لم يتعرض أحد إلى المساءلة، بل على العكس من ذلك، تم إنشاء إمبراطورية أوسع.
الاتهامات التي وجهت إلى حمد الموسوي، عضو مجلس النواب عن كتلة دولة القانون حالياً، تعلقت بشرائه "الدولار من البنك المركزي بوثائق مزورة" والأموال التي حولها لحساب ثلاث شركات للتحويل المالي هي "الطيب، عراقنا المهج".
بحسب تقرير اللجنة المالية النيابية، قام المصرف بتحويل "6.455.660.368 دولار إلى حسابه في بنك الإسكان الأردني خلال السنوات 2012-2013-2014 وحوّل من هذا المبلغ 5.787.999.397 دولار إلى شركة الطيب في حسابها لدى بنك الإسكان الأردني، وقامت شركة الطيب بدروها بتحويل مبلغ 5.704.158.579 دولار إلى حساب شركة الكمال للصرافة في الأردن وهي شركة صرافة عادية قامت بدورها بتحويل هذه الأموال إلى مستفيدين لا نعلم من هم ولا نعلم كيف استخدموا هذه الأموال التي هي ثمن بيع النفط ملك الشعب العراقي".
في قضية أخرى، طالب مجلس القضاء الأعلى من الادعاء العام في عام 2019 مفاتحة مجلس النواب العراقي لرفع الحصانة عن حمد الموسوي عن "جريمة الاستيلاء على أموال ومعدات مقر مؤسسة (جرونال) وقناة (سي سفن) العائدة للمشتكي (أحمد صالح هاشم) مع مبالغ مبالغ مالية داخل المؤسسة".
أحمد الجلبي الذي كان في 2015 رئيساً للجنة المالية النيابية لفت قبل وفاته إلى أن هناك ثالوثاً وراء فساد مزاد البنك المركزي أطلق عليه (HHA) نسبة إلى الأحرف الأولى لأسماء أضلاعه.
بحسب أحمد الجلبي تألف الثالوث من حمد الموسوي مدير مصرف الهدى، وحسن ناصر جعفر الذي يقف وراءه مصرف عبر العراق وعلي غلام المدير التنفيذي لمصرف الشرق الأوسط.
وتأتي زيارة نيلسون إلى العراق في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد مجموعة من الوكلاء المدعومين من إيران في وقت تقع فيه هجمات على أهداف إسرائيلية وأميركية ومصالح أخرى، في ظل الوضع بغزة والعراق ولبنان وسوريا واليمن.
وطلبت واشنطن من العراق التصدي للمخاطر المستمرة الناجمة عن سوء استخدام العملة الأميركية في بنوك تجارية عراقية، وفي يوليو منعت 14 بنكا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار ضمن حملة كبيرة استهدفت الاستخدام غير المشروع للدولار.
ومع وجود احتياطيات تزيد على 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق بشدة على حسن نية واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات أميركية.
وقال محافظ البنك المركزي العراقي إن العراق ملتزم بتطبيق لوائح مالية أكثر صرامة ومكافحة تهريب الدولارات.
والأسبوع الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة طيران عراقية، ومن وصفتهم بـ"داعمين لفصائل مسلحة مرتبطة بإيران" في العراق.