مسؤولان أميركيان يلتقيان حفتر وسط تصاعد أزمة المركزي الليبي

قائد أفريكوم والقائم بأعمال السفارة الأميركية يحثان الأطراف الليبية على المشاركة في المبادرة الأممية وخفض التصعيد.
الأربعاء 2024/08/28
مباحثات حول تطوير الشراكة وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية

بنغازي – أعلنت السفارة الأميركية في ليبيا، مساء الثلاثاء، أن قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجنرال مايكل لانجلي والقائم بالأعمال جيريمي بيرنت التقيا في مدينة بنغازي بقائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) المشير خليفة حفتر، لمناقشة التزام الولايات المتحدة بتعزيز شراكتها مع الليبيين من جميع أنحاء البلاد.

وأضافت السفارة، في منشور على موقع "إكس"، أن الولايات المتحدة تحث جميع الأطراف الليبية على المشاركة بشكل بناء في الحوار بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي.

ولفتت إلى دعم واشنطن "للجهود الليبية الرامية إلى حماية سيادة ليبيا في ظل التحديات الأمنية الإقليمية"، مشيرة إلى أن المسؤولين الأميركيَين شددا على أهمية الحفاظ على استقرار ليبيا، وخفض التصعيد في ظل التوترات الحالية.

ووصل قائد "أفريكوم" والوفد المرافق له إلى قاعدة بنينا الجوية الثلاثاء، حيث كان في مقدمة مستقبليهم كل من أمين عام "القيادة العامة" الفريق خيري التميمي ورئيس أركان الوحدات الأمنية الفريق خالد حفتر، ورئيس أركان القوات البرية الفريق صدام حفتر، ورئيس أركان القوات الجوية الفريق محمد المنفور.

وذكر مكتب إعلام القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك أن حفتر عقد اجتماعا مع قائد "أفريكوم" والوفد المرافق له، حضره الفريق خيري التميمي والفريق خالد حفتر والفريق صدام حفتر، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لـ"القيادة العامة" اللواء فوزي المنصوري، ومدير مكتب القائد العام اللواء أيوب بوسيف، وآمر "اللواء 155 مشاة" اللواء باسم البوعيشي.

وقال البيان "القيادة العامة" إن حفتر رحب في مستهل اللقاء بالوفد الأميركي، مشيدا بتطور العلاقات الودية بين القيادة العامة والولايات المتحدة، ومؤكدًا أهمية تعزيز التنسيق والتعاون المشترك في مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأوضح أن "الاجتماع تناول أهمية تطوير الشراكة بين البلدين بما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة، وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية والأمنية".

وأضاف أن الفريق أول مايكل لانغلي، أشاد من جانبه "بالدور المحوري الذي تلعبه القيادة العامة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا، وبالجهود التي تبذلها في مراقبة وضبط الحدود مع دول الجوار".

وجاء لقاء المسؤولين الأميركيين بقائد الجيش الوطني الليبي، في خضم أزمة متصاعدة حول إدارة المصرف المركزي تثير مخاوف أممية وأميركية من خروجها عن السيطرة في ظل عمليات شد حبال بين المجلس الرئاسي ومن خلفه حكومة الوحدة الوطنية، وبين باقي الفرقاء الرافضين لقرار حل الإدارة الحالية للمصرف.

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قد أطلقت مبادرة لعقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي للتوصل إلى توافق، وذلك في محاولة منها لحلحلة الأزمة.

وسارعت واشنطن إلى تأييد المبادرة، واعتبرت السفارة الأميركية أن الخطوة "تمهد الطريق إلى الأمام لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي”، داعية "جميع الأطراف إلى اغتنام هذه الفرصة".

وأبدى المجلس الرئاسي الليبي تعنتا في الرد على المقترح الأممي وأكد في بيان أنه اتخذ قراره مجتمعا لتعزيز سيادة القانون واختيار محافظ للمصرف المركزي يتمتع بالنزاهة والكفاءة، مرفقًا بقرار آخر بتشكيل مجلس إدارة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.

لكن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أكد أنه "سيستمر منع تدفق النفط والغاز إلى حين عودة محافظ مصرف ليبيا المركزي لممارسة مهامه القانونية" في إشارة إلى الصديق الكبير الذي أقاله المجلس الرئاسي، وذلك "حفاظًا على ثروة الشعب الليبي من العبث والسرقة، وصونًا لمقدرات الوطن"، وفق تصريحات نشرها المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب، الثلاثاء.

وذكر رئيس مجلس النواب، في تصريحات صحافية، أن قرار مجلس النواب رقم 7 لسنة 2024 بشأن تسمية محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه ومجلس إدارته "صدر بموجب القانون ووفق شروطه، ويستلزم استمرار المحافظ الصديق الكبير ونائبه مرعي البرعصي في أداء العمل المكلفين به في إدارة وتسيير المصرف المركزي، وتحمل مهامهما بموجب القانون".

وأضاف أنه سيجرى "التصديق على مجلس إدارة للمصرف المركزي خلال الأيام القليلة المقبلة"، في إشارة إلى تصويت النواب، الثلاثاء الماضي، على اختيار مجلس إدارة جديد برئاسة الصديق الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، مستغربًا "تمكين محمد الشكري محافظًا غير قانوني في هذا الوقت، بعد أن جرى توحيد المصرف الليبي المركزي، على الرغم من تكليفه منذ 2018، ولم يؤد اليمين القانونية، ولا مارس عمله".

وأكد صالح أن "تعيين المحافظ ليس من اختصاص المجلس الرئاسي إطلاقًا، وما قام به المجلس المذكور مخالف للقانون والإعلان الدستوري والاتفاق السياسي"، مشددًا على أن "مجلس النواب أكثر حرصًا على القيام بمهامه وأدا ء اختصاصاته، وتعيين محافظ لمصرف ليبيا المركزي اختصاص أصيل لمجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة".

وأضاف "نحرص على ضرورة احترام جميع الأجسام السياسية ومكونات المجتمع للشرعية الدستورية المنبثقة عن الإعلان الدستوري، والاتفاقيات الدولية المبرمة والمتضمنة دستوريًا، والمحددة في الاتفاق السياسي (الصخيرات) الذي حدد في مادته 15 (مجلس النواب، وبالتشاور مع مجلس الدولة، يعين محافظ مصرف ليبيا المركزي)، وهو نفسه ما نص عليه القانون رقم 1 لسنة 2005 وتعديلاته".

واعتبر أن "الاعتداء على اختصاصات ومهام مجلس النواب هو اعتداء صارخ على رغبة الشعب، ومصادرة إرادته في اختياره وانتخابه لمن يمثله"، داعيًا "كل من تجاوز صلاحياته ونسي مهامه إلى العودة للحق، وتجنب التورط في إصدار قرارات واتخاذ إجراءات من شأنها زعزعة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي".

ورأى عقيلة أن "أي تسوية سياسية لا تضمن حقوق الأقاليم في الثروة مرفوضة، للمحافظة على مسيرة الإعمار والتنمية، وتحقيق العدالة بين الليبيين"، محملًا "المسؤولية الكاملة لما اتخذه المجلس المذكور غير ذي صفة، وحالة الإرباك في القطاع المصرفي داخليًا وخارجيًا، وما قام به من تعدٍ على الأمن والاستقرار، الذي أدى إلى ابتزاز وخطف وتهديد موظفي البنك المركزي".

وطالب عقيلة، النائب العام بـ"تحريك الدعوى الجنائية ضد من ارتكب فعل اقتحام المصرف المركزي، والبدء فورا بإجراء التحقيقات، وإفادتنا بما جرى اتخاذه من إجراءات، وما أسفرت عنه التحقيقات والمتابعة الجنائية"، داعيًا "كل الأطراف إلى الرجوع عن المخالفة، واحترام قواعد الاختصاص، وتنفيذ القوانين والامتثال للشرعية الدستورية، فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل".

وكان محافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير قد تقدم ببلاغين إلى النائب العام يتهم لجنة التسلم والتسليم التي كلفها رئيس المجلس الرئاسي باقتحام المصرف بالقوة، كما أعلن قيام عناصر مسلحة مجهولة بخطف مدير مكتب محافظ المصرف المركزي راسم النجار وثلاثة موظفين بالمصرف.

وتزامن ذلك مع إعلان الكبير فرض القوة القاهرة على جميع خدمات المصرف المركزي داخل ليبيا وخارجها، ومع اعتذار المصرف عن تقديم خدماته مؤقتا بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة التي تحول حاليا دون مواصلته لنشاطه المعتاد.

وتثير النزاعات بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي قلقا من احتمالات إساءة استخدام الموارد المالية للبلاد.

ويعتمد اقتصاد ليبيا بشدة على إيرادات النفط، وكانت هناك تحركات لفرض حالة القوة القاهرة على حقول النفط، وهو ما يعني قطع المصدر الأساسي للدخل في البلاد.

وكانت السلطات الليبية في شرق البلاد، قد قررت، الإثنين، إيقاف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر احتجاجا على سيطرة سلطات طرابلس على مقر المصرف الليبي المركزي وإعفاء محافظه.

والبنك المركزي الليبي ومقره طرابلس محور توترات أمنية منذ منتصف الشهر الحالي كان أبرزها اختطاف مدير إدارة تقنية المعلومات مصعب مسلم الأسبوع الماضي، وقبلها محاصرة مسلحين مقر البنك إثر خلاف بين محافظ البنك والمجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس الذي أصدر قرارا بإعفائه من منصبه.

ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ العام 2012 ويواجه انتقادات متكررة بشأن إدارته إيرادات النفط الليبي وموازنة الدولة توجهها شخصيات بعضها مقرب من رئيس الحكومة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة.

ويحظى محافظ البنك المركزي بثقة مجلس النواب الذي جددها قبل أيام معتبرا أن المجلس الرئاسي في طرابلس لا يملك صلاحية تعيين أو إقالة محافظ البنك.

ويأتي لقاء المسؤولين الاميركيين بحفتر على وقع تصاعد النفوذ الروسي في المنطقة الشرقية وهو ما يزعج الجانب الغربي الذي دخل في صراع مع موسكو بعد الحرب في أوكرانيا.

وتثير التحركات العسكرية للجيش الوطني الليبي في الجنوب الغربي وخاصة قرب معبر غدامس على الحدود مع الجزائر مخاوف من عودة العنف وذلك مع تأهب للقوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.

وكانت لولايات المتحدة قد عبرت عن قلقها الشديد من التعاون العسكري بين الجيشين الروسي والليبي وبالتحديد التقارير التي تفيد بقيام القوات الروسية بتفريغ معدات عسكرية في ميناء طبرق متهمة موسكو بمحاولة استغال الأراضي الليبية لتهديد أمن منطقة الساحل الافريقي ووسط دعوات لاحتواء هذا النفوذ.

ومثل وصول قطعتين حربيتين روسيتين "في زيارة عمل" إلى قاعدة طبرق البحرية شرق البلاد في يونيو الماضي وفق ما أعلنت رئاسة أركان القوات البحرية التابعة لـ"القيادة العامة" مثالا حيا عن حجم الاهتمام الروسي بليبيا والذي سيفتح المجال للتغلغل في كامل القارة السمراء ويهدد دول شمال المتوسط. وتمتلك روسيا نفوذا كبيرا في ليبيا خاصة في المنطقة الشرقية من خلال التعاون العسكري ومجموعة من مرتزقة فاغنر.

ويتمركز عناصر فاغنر الذين يترواح عددهم بين 2000 و2500 عنصر في عدة مواقع عسكرية في ليبيا من بينها قاعدة القرضابية الجوية ومينائها البحري وقاعدة الجفرة الجوية وتمددوا إلى الجنوب الغربي حيث تمركزوا في قاعدة براك الشاطئ الجوية (700 كلم جنوب طرابلس).