مزادات علنية تكرس تخلف روسيا عن سداد ديونها

باريس - نظم مجلس دائنين مزادات علنية الاثنين على ديون روسيا، في حدث رمزي يكرس تخلف موسكو عن السداد، وهو الأول منذ مطلع القرن الماضي، لكنه يعكس أثر العقوبات على موسكو بعد ستة أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا.
ويقدم المجلس المعروف باسم لجنة تحديد مشتقات الائتمان (سي.دي.دي.سي) غير المعروف لدى العموم، هذه المزادات بهدف التعويض على المستثمرين الذين تسلحوا بعقد تأمين ضد تخلف روسيا عن السداد أو ما يعرف بـ”مقايضات التخلف عن السداد” (سي.دي.أس).
ولم تعلن موسكو أبدا عن تخلفها عن سداد ديونها الخارجية، لكن كان يعتبر أمرا حاصلا من قبل غالبية الأطراف الاقتصاديين رغم غياب تقييم وكالات التصنيف الائتماني الذي منع بموجب العقوبات الغربية.
ويعد هذا الأمر أول تخلف عن السداد لموسكو في ديونها الخارجية منذ 1918 وقضية القروض الروسية التي أطلقتها في ظل حكم القيصر في الأسواق الغربية لاسيما فرنسا والتي رفض الزعيم البلشفي لينين الاعتراف بها.
السعر النهائي للمزادات سيحدد قيمة الاسترداد من خلال مقايضات التخلف عن السداد
ولا يغير ذلك الكثير على أرض الواقع، لأن روسيا مقطوعة بمطلق الأحوال عن أسواق رؤوس الأموال الدولية منذ غزوها أوكرانيا في نهاية فبراير الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن موسكو غير مديونة كثيرا بالعملات الأجنبية، وتبلغ ديونها الخارجية حوالي 40 مليار دولار. ومن جانب آخر فإن حجم دينها العام يشكل 20 في المئة فقط من إجمالي الناتج الداخلي لديها.
وفي موازاة ذلك كانت عائداتها النقدية بفضل مبيعات الوقود ضخمة منذ بدء السنة بسبب ارتفاع الأسعار، لكن هذا لم يمنع الكرملين من الاعتراض منذ أشهر على تخلف “غير شرعي” لأن العقوبات سببته.
وتقنيا، تجرى عملية المزاد على الديون الروسية على مرحلتين. الأولى هي تحديد سعر أساسي لثمانية سندات تم طرحها في المزاد فيما تستند المرحلة الثانية المفتوحة بشكل أوسع أمام المستثمرين على المرحلة الأولى لتحديد سعر نهائي للسندات.
وكتب المصرف الأميركي جي.بي مورغن في مذكرة حديثة حددت كل عقود التأمين على التخلف عن السداد الروسي، بحوالي 2.37 مليار دولار أن “السعر النهائي لهذه المزادات سيحدد قيمة الاسترداد من خلال مقايضات التخلف عن السداد”.
والمزادات هذه اعتيادية في حالات التخلف عن السداد، والفرق الوحيد هو أن المهل كانت طويلة جدا في الملف الروسي ما أحدث حالة عدم يقين على مدى عدة أسابيع في مسألة التعويض على المستثمرين.
وقال خبير اقتصادي لوكالة الصحافة الفرنسية، لم تكشف هويته، “من اللحظة التي أقر فيها مجلس الدائنين بأن روسيا تخلفت عن سداد دين مستحق التي يطلق عليها اسم ‘حدث ائتماني’، إلى تنظيم المزاد الاثنين، مرت أكثر من ثلاثة أشهر في مقابل 30 يوما في الأوقات العادية”.
وتفسر هذه الفترة الطويلة بالجمود الحاصل في النظام المالي الروسي تحت تأثير العقوبات حيث لم يعد للمستثمرين الدوليين الحق منذ الربيع في مبادلة الأسهم الروسية فيما أن نظام المزايدات يفرض القيام بمبادلات حول هذه الأسهم.
وبهدف تسهيل هذه المزادات، سمحت السلطات الأميركية بشكل استثنائي بمعاملات على السندات الروسية الثمانية الموضوعة بالعملات الأجنبية بين الثامن والثاني والعشرين من سبتمبر الجاري.
وبحسب جي.بي مورغان فإن جاذبية الدين الروسي للمستثمرين في نهاية هذه المزادات باتت غير أكيدة بسبب تعذر مبادلة المنتجات المالية من هذا البلد لأشهر.
وتخيم حالة من عدم اليقين أيضا على الموعد الدقيق الذي ستنتهي فيه عملية تعويض المستثمرين. وقال فرع أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا التابع للجنة سي.دي.دي.سي ومقره لندن، والذي ينظم المزادات، في الأيام الماضية إن أيام العطلة بسبب جنازة الملكة إليزابيث الثانية قد تؤخر العملية بشكل طفيف.