مزاج انتقادي غير مألوف يبرز في عُمان بمناسبة انتخابات مجلس الشورى

مسقط - لم تخل فترة انتظار انتخابات مجلس الشورى العماني من بروز ملامح مزاج سياسي ناقد على غير المعتاد لأسس ترشّح وانتخاب أعضاء المجلس الذي كانت الضغوط الشعبية قد وقفت أصلا وراء تطوير صلاحياته من استشارية إلى تشريعية ورقابية، وذلك في إثر الاحتجاجات النادرة التي كانت السلطنة قد شهدتها سنة 2011.
غير أن المجلس، بحسب منتقديه، عاود السقوط منذ ذلك الحين في شكلية الدور وانساق أعضاؤه في المحاباة والمسايرة وتنازلوا طوعا عن صلاحياتهم بسبب خلل في طريقة وصولهم إلى المجلس بدءا باختيارهم على أسس قَبَلية وشخصية ضيّقة بعيدا عن تنافس الأفكار والبرامج.
مجلس الشورى غير مستجيب لرغبات جيل عماني شاب يظهر جرأة متزايدة في الدفاع عن التغيير والتطور
ويقرّ المنتقدون بأن المجلس يعمل في حدود المتاح وأن أعضاءه يتحرّكون في بيئة سياسية مغلقة، لكنّهم يقولون في المقابل إنّ لهم بعض الهامش المكفول بالقانون وعليهم أن يستغلوه لتلبية حدّ أدنى من طموحات ناخبيهم وخصوصا الشباب الذين يظهرون جرأة في الدفاع عن التغيير والتطور في السلطنة بما يلائم عصرهم.
وبرز النَفَسُ الانتقادي لانتخابات مجلس الشورى العماني مع نشر نشطاء على منصة إكس لملاحظاتهم وتعليقاتهم بشأن بعض المرشّحين وطرقهم في استمالة الناخبين.
وهاجم أحد المعلّقين الدعوة إلى إنشاء تجمع ثمريت الانتخابي في هذا التوقيت، واصفا إياها بالدعوة الفاشلة والمفتقرة إلى المصداقية.
وتقع ولاية ثمريت ضمن محافظة ظفار بجنوب سلطنة عمان وتعتبر عقدة مواصلات هامة لوقوعها في ملتقى طرق رئيسية تربط معظم الولايات الساحلية في تلك المنطقة بمختلف مناطق السلطنة الأخرى.
كما انتقد المعلّق النزعة النفعية المباشرة للمرشّحين، قائلا إنّ الدعوة أتت في الوقت الضائع لأنّها ببساطة لا تخدم إلا شخصا واحدا فقط انقطعت به السبل وأدرك أنه سيفشل في الانتخابات بعد أن تم حسمها لصالح المرشح المنافس. وانتهى إلى القول إنها دعوة لتحقيق مصلحة شخصية فقط.
وتطرّق ذات المعلّق إلى ظاهرة انفصال المرشّحين لمجلس الشورى عن محيطهم ومشاغل ناخبيهم، مشدّدا على ضرورة أن تكون أي دعوة إلى تجمع حقيقي لأبناء ولاية ثمريت بناء على مشاورات ولقاءات مسبقة تضع محددات وآليات لاختيار المرشح الذي يدعمه التجمع بعيدا عن المحاصصة والتعصب القبلي، وأن يتم الاتفاق عليه قبل إعلان فتح باب الترشيح والترشح للانتخابات حتى تتساوى فرص الجميع لممارسة حقوقهم في الوصول إلى المجلس بعدالة ومساواة.
ولا تخلو هذه التعليقات من تلميح إلى ظاهرة ما بات يعرف في عُمان بـ”مرشّحي السلطة المقنّعين” في إشارة إلى عدد من المرشحين الخاضعين لتوجهات قبائلهم التي تأتمنها السلطات على مراقبة مناطقها ومسكها بإحكام.
وزير الداخلية العماني حمود بن فيصل البوسعيدي يصدر قرارا وزاريا بإجراء انتخابات مجلس الشورى في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر القادم
وقال معلّق ثان على منصّة إكس إنّ ولاية ثمريت بحاجة إلى تجمع يخرجها من التكتل القبلي الضيّق الذي مازال حكرا على توجه واحد، معتبرا أنّ فكرة التجمعات الانتخابية تخدم المجتمع ككل لأنها تقوم على أسس دمج المجتمع وإشراك الجميع وبذلك تتاح الفرص الحقيقية للكفاءات في جو تنافسي حقيقي.
وصبّ معلّق ثالث انتقاداته اللاذعة على تجمّع صلالة الانتخابي، مؤكّدا “قلنا مرارا وتكرارا إن أجندة تجمع صلالة هذه هي تجمع فتيل النار الذي يسعى إلى تحقيق مآرب لا تحمد عقباها، والأيام حبلى وإن غدا لناظره لقريب”.
وعلق آخر بالقول “المفروض يشوفوا عائلة ظروفها صعبة وعليها ديون وأولادها باحثون عن عمل وعندهم مؤهلات علميه ليرشحوه.. هي في النهاية (عضوية مجلس الشورى) راتب أربع سنوات”.
وكان وزير الداخلية العماني حمود بن فيصل البوسعيدي قد أصدر مؤخّرا قرارا وزاريا بإجراء انتخابات مجلس الشورى في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر القادم على أن يجري التصويت خارج البلاد في الثاني والعشرين من الشهر نفسه.
ويتكون المجلس من تسعين عضوا ينتخبون بالاقتراع السري المباشر كل أربعة أعوام كما يتم اختيار رئيسه من بين أعضائه باعتماد ذات الطريقة في الانتخاب.