مركز "ارتياد الآفاق" يعيد الاعتبار إلى أدب الرحلة

أثرى المركز العربي للأدب الجغرافي “ارتياد الآفاق” المكتبة العربية بعدد هام من الإصدارات التي تنتمي إلى أدب الرحلة، هذا النوع الأدبي الفريد والهام باعتباره جسرا ثقافيا بين الأنا والآخر، وقد أصدر المركز الكتب المتوجة بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، التي أسسها منذ ستة عشر عاما، حقق خلالها نجاحات متواصلة كجائزة خاصة بنوع أدبي مهم ومحوري سواء في الماضي أو اليوم.
أبوظبي - فاز المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ “ارتياد الآفاق” في دولة الإمارات العربية المتحدة بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع “النشر والتقنيات الثقافية” والتي اختتمت دورتها الـ13 بإعلان المتوجين بها من كتاب وباحثين وأدباء عرب وأجانب.
وتعليقا على الفوز بجائزة النشر أكد الشاعر نوري الجراح مدير عام المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الأفاق أن الجائزة تعتبر التفاتة طيبة نحو مشروع عربي رائد انطلق سنة 2000 من عاصمتين هما أبو ظبي ولندن، ونشط على مدار عقدين من الزمن، ليجعل لأدب الرحلة العربي وللمرة الأولى في تاريخ الثقافة العربية خزانة مرموقة من كتب الرحلات واليوميات والدراسات المتعلقة بأدب ممتع وشيق وخطير، هو أدب الرحلة.
وكانت جائزة الشيخ زايد للكتاب برئاسة رئيس مجلس أمنائها الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان قد أعلنت فوز المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ “ارتياد الآفاق” في دولة الإمارات العربية، وهو مركز بحثي عربيّ مستقلّ وغير ربحيّ تأسّس سنة 2000، مرتبط بدارة السويدي الثقافية في أبوظبي التي يرعاها الشاعر والأديب الإماراتيّ محمد بن أحمد السويديّ.
ويعنى المركز بأدب الرّحلات والأدب الجغرافيّ، ويقوم على تحقيق ودراسة ونشر نصوص قديمة وحديثة ذات أهمية في هذا المضمار، ويتضمن ذلك نشر الرحلات العربية القديمة في طبعات محقّقة تحقيقا علميا تصحبها مقدّمات و دراسات وافية. كما يقدّم نصوصا لرحلات معاصرة قام بها كتّاب عرب، وتضمّ إصداراته أيضا ترجمات لرحلات قام بها رحّالة وأدباء أجانب إلى العالم العربيّ، وبدأ المركز مؤخّراً بالسعي إلى نشر الرحلات والدراسات الجغرافية المتعلقة بجغرافية الخليج العربي بما يتيح فرصة استثنائية لسدّ ثغرة واضحة في هذا الميدان الأدبيّ والمعرفيّ المهمّ.
وقد أنشأ المركز جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة وهي الجائزة الأولى الخاصة والفريدة من نوعها في هذا الضرب من الأدب والتي تمنح سنويا منذ 2003 وحتى اليوم لأفضل الكتب المؤلّفة أو المحقّقة أو المترجمة في هذا المجال. ويشرف على الجائزة مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح الذي علق على الفوز بقوله “الجائزة بالنسبة إلينا محطة من شأنها أن تنبه جمهور الثقافة العربية إلى أهمية أدب الرحلة ما يضيف مهتمين جددا بهذا النوع من الأدب وهذا النوع من الكتابة المنفتحة على العوالم القريبة والبعيدة. إن مشروع ارتياد الآفاق، بطبيعة الحال هو مشروع استراتيجي عربي يردم الفجوات التي فتحتها أزمنة الصراع بين الأنا الثقافية العربية والآخر؛ الآخر القريب والآخر البعيد”.
وأضاف الجراح “لدينا من خلال أدب الرحلة فرصة رائعة للتواصل بين الثقافات والحضارات وإعادة تعريف الذات وإعادة تقديمها للآخر من خلال العناصر الكاشفة عن المكونات الأقوى والأكثر جوهرية. من هنا فإن مشروع ارتياد الآفاق هو مشروع ثقافي عربي طليعي وتنويري، والحاجة إليه تستدعيها أسباب عديدة خصوصا أن العالم العربي عرف خلال العقد الأخير خضات أليمة جدا وتقهقرا ثقافيا خلّف نكوصا مجتمعيا مريعا في ظل صعود موجات من الظلام نادت بانقطاع الذات الثقافية عن الفضاء الإنساني الأوسع.
ويتابع الشاعر “حققنا من خلال هذا المشروع عبر 19 عاما حوالي 300 كتاب وليس 60 كتابا كما ورد في بيان الفوز، لم تكن غالبيتها موجودة في المكتبة العربية وكانت عبارة عن مخطوطات، أو لم تكن قد كتبت وهي رحلات معاصرة. وكرسنا سلسلة لرحلات الحج كما عقدنا 7 ندوات دولية كبرى و6 ندوات أخرى في عواصم عربية وأجنبية وحصل على جوائزنا أكثر من ثمانين كاتبة وكاتبا وباحثة وباحثا من مختلف البلدان العربية وبعض البلدان الأجنبية، وأرسلنا في إطار مشروع أطلقنا عليه اسم رواد الآفاق عددا من البعثات الأدبية والعلمية التي مشت على خطى الرحالة العظام في العالم ونشرت في كتب”.
على صعيد آخر يشير مدير عام المركز إلى أن أدب الرحلة صورته تغيرت، فصورته القديمة غير صورته الحالية، لم يعد أدبا معلوماتيا فحسب بل بات أدب استكشاف يطال الأعماق الخاصة للذات والأبعاد الخفية في الآخر من خلال عملية التواصل التي يقدمها السفر للمسافرين.
وكشف الجراح عن أن هذا العام سيقدم المركز نشاطا كبيرا في الهند على خطى ابن بطوطة الذي يعتبر شيخ الرحالين وأبرز رحالة في التاريخ الإنساني، وسيشترك في المشروع أدباء وباحثون عرب مشارقة ومغاربة مع أدباء وباحثين من الهند. وهناك أيضا نشاط بين الأندلس والمغرب يتصل بتحقيق المخطوطات الأندلسية والمغربية في أدب الرحلة والسفر باتجاه الأندلس.