مركز "إنساني" حوثي يدير العمليات العسكرية ضد السفن التجارية

العمليات التي استهدفت حركة الملاحة قبالة سواحل اليمن، أشرف عليها “مركز تنسيق العمليات الإنسانية”.
الأربعاء 2024/10/09
من نتائج العمل الإنساني للمركز الحوثي

الحديدة (اليمن) - أظهر تحقيق لمنظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي تشنها جماعة الحوثي في اليمن على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسته الجماعة في وقت سابق هذا العام.

وأفاد تحقيق لمنظمة إينباكت (تأثير) أن العمليات التي استهدفت حركة الملاحة قبالة سواحل اليمن، أشرف عليها “مركز تنسيق العمليات الإنسانية”.

وأنشئ المركز في فبراير الماضي بمرسوم أصدره رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، أعلى مسؤول سياسي في حركة أنصارالله الحوثية المرتبطة بإيران.

ويتبع المركز “مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ويخضع لإشرافه”، بحسب نصّ المرسوم الذي نشرته وسائل إعلام تابعة للحوثيين في حينه.

ومن مهامه “التخفيف من الآثار والتداعيات الإنسانية في مسرح العمليات العسكرية” عبر “الامتثال للقانون الدولي الإنساني والقوانين والمواثيق الدولية الأخرى ذات العلاقة”، و”التواصل والتنسيق داخليا وخارجيا مع جميع الأطراف والجهات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية”.

أحمد حامد المشرف على المركز الذي يدير الهجمات على السفن يلقب برئيس الرئيس نظرا إلى نفوذه الكبير وسلطاته الواسعة

وأكدت المنظمة السويسرية أن المركز يديره “أحمد حامد، وهو من الشخصيات النافذة لدى الحوثيين، وقريب من مهدي المشاط والقوات المسلحة للحوثيين”.

وكان تقرير صادر عن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة بشأن اليمن عام 2021 اعتبر أن حامد “ربما يكون أقوى زعيم مدني في سلطة الحوثيين من خارج أسرة الحوثي”.

وقالت المنظمة السويسرية إنّ الرجل وهو مدير مكتب المشاط “يعرف باسم رئيس الرئيس لأن كل القرارات الإستراتيجية لحكومة الحوثيين لا تتخذ من دون موافقته”.

ومنذ نوفمبر الماضي يشنّ الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس منذ أكتوبر 2023.

وأربكت تلك الهجمات حركة الملاحة في البحر الأحمر الشريان الحيوي للتجارة العالمية ورفعت كلفة النقل بارتفاع أسعار التأمين على السفن وطواقمها، وأيضا باضطرار العديد من الشركات العاملة في مجال النقل البحري إلى تغيير طريق ناقلاتها نحو طريق أطول يلتف على القارة الأفريقية الأمر الذي يستغرق وقتا أطول ويستهلك كميات أكبر من الوقود.

وأظهرت بيانات لويدز ليست إنتليجنس أن حركة المرور عبر قناة السويس انخفضت من نحو 2000 سفينة شهريا قبل نوفمبر 2023 إلى نحو 800 سفينة فقط في أغسطس 2024.

المركز أنشئ في فبراير الماضي بمرسوم أصدره رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، أعلى مسؤول سياسي في حركة أنصارالله الحوثية

ويمثل البحر الأحمر أسرع طريق لنقل البضائع إلى المستهلكين في أوروبا وآسيا. ولم يوقف الحوثيون حركة السفن كليا، وتستطيع أغلبية السفن المملوكة لصينيين وروس الإبحار بلا عوائق وبتكاليف تأمين أقل.

ولمحاولة ردع الحوثيين تشنّ القوّات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة لهم في اليمن منذ يناير الماضي. وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ ومسيّرات يقول إنها معدّة للإطلاق. وتبعا لذلك، أعلن الحوثيون أن السفن الأميركية والبريطانية باتت أهدافا مشروعة لهم.

وتطرق تحقيق المنظمة السويسرية الى أسلوب عمل مركز تنسيق العمليات الإنسانية الذي يتحكم باختيار الشركات التي يسمح لسفنها بعبور الممرات المائية المحاذية لليمن خصوصا مضيق باب المندب. وأوضح “يشارك مركز تنسيق المساعدات الإنسانية على الأرجح في تحديد الأهداف والهجمات”.

وأفادت المنظمة بأن المركز “يضفي الطابع المؤسسي على حرب العصابات البحرية التي تشنّها الجماعة المسلحة”، وأنه “وفّر وسائل للسفن للتواصل مع المنظمة مباشرة” مثل أجهزة الاتصال الإذاعي وأرقام هواتف وعناوين بريد إلكتروني.

ونشرت المنظمة السويسرية رسالة بالبريد الإلكتروني وجهها الحوثيون في مارس إلى المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، المسؤولة عن السلامة البحرية.

حركة المرور عبر قناة السويس انخفضت من نحو 2000 سفينة شهريا قبل نوفمبر 2023 إلى نحو 800 سفينة فقط في أغسطس 2024

ومنع هذا المستند عبور السفن العائدة لأربع فئات من شركات النقل: تلك العائدة إلى أو المشغّلة أو المدارة من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، إضافة إلى تلك التي تتجه إحدى سفنها إلى ميناء إسرائيلي.

وطلب المركز من المنظمة الأممية إبلاغ الشركات المالكة والمشغّلة للسفن، إضافة إلى شركات التأمين، بذلك.

وأكدت شركة بحرية دولية لوكالة فرانس برس أنها تلقّت بضع رسائل من الحوثيين، يعود آخرها إلى نحو ثمانية أشهر. وكانت الرسائل تطلب عدم عبور السفن قبالة اليمن تحت طائلة استهدافها.

وكان قد تم الكشف مؤخرا عن اعتماد جماعة الحوثي ضمن تكتيكاتها لإرباك حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر على وسيلة إضافية لهجماتها على السفن تتمثل في توجيه تهديدات عبر رسائل نصية وصوتية لأطقم تلك السفن والشركات المالكة لها بهدف إشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف بين مستخدمي الممر البحري الإستراتيجي الذين تعتبرهم تابعين لدول من المعسكر “المعادي”، بغض النظر عن علاقة أنشطتهم التجارية بإسرائيل التي تقول الجماعة إنّها تستهدفها بهجماتها “تضامنا” مع الفلسطينيين. 

وحذرّت مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر الأحمر “أسبيدس” خلال اجتماع مع شركات شحن عقد في أوائل سبتمبر الماضي من تطور تكتيكات الحوثيين.

وقالت أسبيدس في وثيقة أرسلتها إلى شركات الشحن إن قرار الحوثيين إرسال تحذيرات إلى أساطيل بأكملها يمثل بداية “المرحلة الرابعة” من حملتهم العسكرية في البحر الأحمر.

3