مركبات الهيدروجين تعبّد طريقها نحو حلبات السباق

أوياما (اليابان)- ظهرت كورولا المتواضعة، التي تعمل بالهيدروجين لأول مرة أثناء سباق أقيم مؤخرا على حلبة بالقرب من جبل فوجي في اليابان، وهي جزء من خطوة لجلب التكنولوجيا المتقدمة إلى عالم السباقات وإثبات عزم تويوتا على تطوير سيارات نظيفة.

وكان الرئيس التنفيذي السابق للشركة اليابانية العملاقة أكيو تويودا متألقا بزي السباق المقاوم للحريق، يبتسم عندما كان يستعد للدوران حول الحلبة وهو في هذه السيارة.

وقال حفيد مؤسس شركة صناعة السيارات تعليقا على هذا الإنجاز “هذا هو أول سباق في العالم لسيارة الهيدروجين السائل. نأمل أن يقدم خيارا آخر في مكافحة الاحتباس الحراري”.

ولن تظهر سيارة السباق الهيدروجينية كورولا لدى وكلاء البيع في أي وقت قريبا. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين في تويوتا تأكيدهم أن سباق سوبر تايكيو لمدة 24 ساعة كان مجرد اختبار لهذه التكنولوجيا.

وعلى عكس السيارات الكهربائية، فإن تويوتا تسلك طريقا تراهن على أنه سيثبت نجاحه مع مرور الوقت حيث زودت كورولا بمحرك احتراق داخلي مثلما هو الحال مع المركبات التقليدية، لكنها تحرق الهيدروجين السائل بدلا من البنزين.

وتراجعت الشركة الأكبر في العالم من حيث حجم المبيعات، في التحول العالمي إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، لكنها كانت تعتمد على الهيدروجين كحل محتمل لمشكلة الكربون لسنوات وهو ما ظهر بوضوح في طرازها ميراي.

ويقول الخبراء إن الهيدروجين يحمل إمكانات كبيرة. لكن إلى حدّ الآن يتم تصنيع الكثير من الهيدروجين، بما في ذلك ما يستخدم لتزويد سيارة السباق كورولا، باستخدام الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي.

وأدت زيادة أسعار الوقود والمخاوف بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري إلى زيادة الإلحاح في البحث عن مصادر طاقة بديلة خاصة في اليابان التي تستورد عمليا كل نفطها.

وكانت سباقات السيارات تتحرك لتترك وراءها هدير الغازات التي تستهلك الكثير من الوقود. وأعلنت شركة هوندا موتور المنافسة لشركة تويوتا مؤخرًا أنها ستعود إلى سباقات الفورمولا واحد قائلة إن “اللوائح الجديدة هي فرصة للبحث في التقنيات الجديدة”.

وقدمت شركات صناعة المركبات الأخرى، بما في ذلك شركة جنرال موتورز، التزامات مماثلة؛ مما يعني أن السنوات المقبلة ستشهد تحولا دراماتيكيا في عالم سباق السيارات.

وأعلن بيير فيلون رئيس نادي السيارات دي لويست، الذي ينظم سباق لومان، أن سباق 24 ساعة من لومان، أشهر سباقات التحمل في العالم، سيكون مفتوحًا للسيارات التي تعمل بالهيدروجين باستخدام خلايا الوقود ومحركات الاحتراق ابتداء من عام 2026.

وقال فيون للصحافيين خلال حدث أقيم أواخر مايو الماضي إن “الهيدروجين بالنسبة إليّ حل مستقبلي مثير جدا للاهتمام”. وأضاف “علينا أن نعمل على الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر. هذا مهم جدًا لكوكبنا وأطفالنا”.

وبما يثبت إصرار تويوتا على خوض غمار هذه التجربة أكد رئيسها التنفيذي الجديد كوجي ساتو أنه “يأمل في إصدار إعلان قريبًا عن مشاركة تويوتا في سباق لومان”.

واعتبر جون هيوود، الأستاذ الفخري وخبير محركات السيارات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن المناقشة المتعلقة بحلول الطاقة الخضراء قد بدأت للتو.

وأشار إلى أن المركبات الكهربائية لها عيوب أيضًا مثل الحاجة إلى مواد مهمة يتم الحصول عليها غالبًا في ظروف ضارة بيئيًا أو أخلاقيا.

وقال هيوود “لا يوجد شيء” غير صديق للبيئة “فيما يتعلق بمحرك الاحتراق الداخلي لأن الوقود الذي تستخدمه هو ما يهم”.

ويتم تصنيع الهيدروجين المستخدم في سيارة السباق تويوتا في مصنع تغويز الفحم في أستراليا، ويتم تسليمه بواسطة إيواتاني، وهي شركة طاقة يابانية.

وهذه العملية هي جزء من مشروع تدعمه الحكومة اليابانية لتعزيز استخدام الهيدروجين في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك أولئك الذين يستخدمون الوقود الأحفوري.

ويتم إنشاء الهيدروجين الأخضر عندما تعمل مصادر الطاقة المتجددة على تشغيل تيار كهربائي يمر عبر الماء، ويفصل جزيئات الهيدروجين والأكسجين من خلال التحليل الكهربائي.

ولا تنتج العملية ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، ولكن يتم حاليًا إنشاء أقل من 0.1 في المئة من إنتاج الهيدروجين العالمي بهذه الطريقة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

ويقول النقاد إنه قد يكون من الأفضل استخدام تلك الطاقة المتجددة فقط، بدلاً من استخدامها لصنع الهيدروجين. لكن مؤيدي هذه التقنية يرون أنه حتى تلك المصنوعة من الغاز الطبيعي يمكن أن تكون سليمة بيئيّا عندما يتم احتجاز انبعاثات الكربون ودفنها تحت الأرض.

واعترف ساتو بالتحدي. وقال للصحافيين على هامش السباق الذي أقيم الخميس الماضي “ما نحتاج إلى القيام به أولاً هو خلق بيئة لاستخدام الهيدروجين”.

وأضاف “لكي ينتشر استخدام الهيدروجين على نطاق واسع يجب أن تكون تلك البيئة صلبة، ومن المهم أن تعمل دورة هذا النظام في جميع الخطوات، بما في ذلك نقله وصنعه”. وتابع “هناك مزالق أخرى بصرف النظر عن خضرة أوراق اعتماد الهيدروجين”. وفي مارس الماضي اشتعلت النيران في سيارة تويوتا تعمل بالهيدروجين السائل أثناء إجراء اختبار لسباق في حلبة سوزوكا، والتي تستضيف سباق الفورمولا واحد وسباقات أخرى.

وتسرب الهيدروجين من أنبوب تم فكه بفعل اهتزازات السيارة وعمل مستشعر التسرب بشكل صحيح، مما أدى إلى إيقاف تشغيل الهيدروجين في أقل من عُشر من الثانية. وبحسب تويوتا، لم يصب أحد بأذى، وكانت المقصورة محمية وتم احتواء الحريق. ومن بين عشرات السيارات المشاركة في سباق فوجي سبيدواي 24 ساعة، كان من المقرر أن تخسر تويوتا كورولا رقم 32 في هذه المنافسة.

واستغرقت عملية إعادة التزود بالوقود والتحقق في الحفرة الحاسمة للغاية للسباق دقائق معدودة، إذ يتقاتل فيه المتسابقون لثوانٍ فقط في العادة.

ومع ذلك، فإن ظهور الهيدروجين السائل لأول مرة في السباق قد يكون خطوة صغيرة إلى الأمام، كما قال تومويا تاكاهاشي رئيس شركة تويوتا غازو ريسينغ.

وأضاف “هذا يتعلق بالبناء من أجل المستقبل، فالسيارات الكهربائية ليست هي الحل الوحيد، ومحرك الاحتراق الداخلي لديه إمكانات”.