مرشحو الوزن الخفيف يحثون الخطى لخوض الانتخابات الرئاسية في الجزائر

الجزائر- بعد الوزير السابق بلقاسم ساحلي الذي أعلن الترشح للانتخابات الرئاسية تستعد زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون لخوض تجربتها الثالثة، فيما تواصل حركة البناء الوطني تحضيراتها لإعلان زعيمها عبدالقادر بن قرينة مرشحا عنها للمرة الثانية على التوالي.
وما يشترك فيه هؤلاء هو أنهم مرشحون من الوزن الخفيف لا يتعدى دورهم مهمة “أرانب السباق”، في ظل غياب منافس من الوزن الثقيل بإمكانه إزعاج مرشح السلطة.
وأعلن حزب العمال الجزائري خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر القادم، بمرشح عنه، دون أن يكشف عن هوية المرشح المذكور، غير أن كل الفرضيات ترجح كفة زعيمته حنون، لتكون بذلك التجربة الرابعة من نوعها في مسارها السياسي.
وجاء إعلان حزب العمال عن مشاركته في الانتخابات المذكورة لينضاف إلى مرشحين آخرين عبروا عن نية خوضهم الاستحقاق، كما هو الشأن بالنسبة إلى بلقاسم ساحلي، الذي رشحه تحالف حزبي يوصف أعضاؤه بـ”المجهريين” قياسا بمحدودية الانتشار والهيكلة على مستوى التراب الوطني.
هؤلاء يصنفون في خانة "أرانب السباق" الذين ينشّطون الاستحقاق من أجل أن يضفوا عليه نوعا من الشرعية الديمقراطية
وفي الاتجاه نفسه تتهيأ حركة البناء الوطني لإعلان رئيسها عبدالقادر بن قرينة مرشحا عنها بعد استنفار مؤسساتها المركزية خلال الأسبوع الأخير، حيث تم فتح مشاورات داخل نخب وهياكل الحركة للحسم في الطريقة التي تتم بها المشاركة، فضلا عن عرض نتائج استشارة سبق للقيادة السياسية أن عرضتها على الكوادر والمناضلين.
ويرجح مصدر من داخل حركة البناء الوطني أن تنتهي المشاورات الجارية إلى إعلان مرتقب يقضي بالمشاركة في الموعد وترشيح بن قرينة، لتكون بذلك تجربته الثانية على التوالي في التسابق على كرسي قصر المرادية.
ونظمت حركة البناء الوطني ندوة خصصت لشرح خطتها الإعلامية تحسبا للانتخابات الرئاسية. وخلال إشرافه على افتتاح فعاليات هذه الندوة، التي حملت عنوان “شرح وإثراء الخطة الإعلامية الرقمية للانتخابات الرئاسية”، أبرز بن قرينة “الأهمية الإستراتيجية التي يكتسيها الاستحقاق المقبل لاستكمال بناء الجزائر الجديدة”.
ولفت إلى أن حركته “أطلقت مجموعة من الاستشارات مع مختلف النخب الوطنية لتعبئة المواطنين من أجل إنجاح هذا الموعد الهام، وأن حزبه يواكب مستجدات الثورة الرقمية بفضل شبابه المتكون على إدارة الفعل السياسي وعلى الثقافة الإلكترونية”.
وأوضح بن قرينة أن “الحركة ستفصل في طبيعة مشاركتها في الانتخابات الرئاسية ليوم 7 سبتمبر خلال اجتماع مجلسها الشوري الوطني أواخر شهر ماي (مايو) القادم، وذلك بعد استكمال المشاورات مع كل المناضلين والنخب في مختلف ولايات (محافظات) الوطن”.
كما أعلن حزب التجمع الجزائري عن ترشيح طارق زغدود، بعد اجتماع المكتب الوطني للحزب، وتم تشكيل لجنة خاصة بالحزب، لينضاف بذلك إلى المحامية والحقوقية زبيدة عسول، المحسوبة على فواعل الحراك الشعبي، والتي كانت من أوائل المعلنين عن رغبتهم في خوض الاستحقاق.
ويشترط قانون الانتخابات الجزائري أن يكون المرشح حائزا على 60 ألف تزكية، تجلب من 29 محافظة من مجموع 58 محافظة تشكل التراب الجزائري، على ألا يقل عن 1200 توقيع في المحافظة الواحدة، أو 600 تزكية من منتخبين في أي مجلس من المجالس المحلية أو الوطنية، وهو ما يعتبر عائقا حقيقيا للكثير من الطامحين إلى دخول السباق الرئاسي.
ويجمع الوجوه المذكورة قاسم مشترك يتمثل في كونهم مرشحين من الوزن الخفيف، فمن سلم من مقصلة جمع التزكيات لا يمكن أن ينافس مرشحي الوزن الثقيل سواء كانوا في المعارضة أو في السلطة، ولم يتجاوز أحسنهم في التجارب الماضية سقف السبعة في المئة من مجموع المصوتين، ولذلك عادة ما يصنف هؤلاء في خانة “أرانب السباق” الذين ينشّطون الاستحقاق من أجل أن يضفوا عليه نوعا من الشرعية الديمقراطية، والمرشح الأوفر حظا هو من تقدمه السلطة.
مع بداية العد التنازلي للموعد الانتخابي، مازال الترقب يطبع موقف السلطة حيال مرشحها
وفيما تلتزم القوى السياسية الفاعلة والشخصيات المستقلة المؤثرة الصمت إلى حد الآن، تنبئ الساحة السياسية ببروز المزيد من الوجوه والشخصيات التي تدخل المعترك بإمكانيات وأهداف متباينة، بمن فيها من يبحث عن مكانة تحت الأضواء من أجل إغراء السلطة بالتعامل معه في قادم الاستحقاقات والمواعيد.
وكان عبدالقادر بن قرينة، ممثل إخوان الجزائر في التنظيم العالمي، قد دخل في تحالف مع السلطة بعد انتخابات عام 2019، وحول حركته (البناء الوطني) إلى ذراع سياسية للمرافعة لصالح خيارات السلطة في مختلف المجالات، وكثيرا ما أدى دور الناطق الرسمي باسمها في قضايا مصيرية.
وهو دور بات محل أطماع العديد من الوجوه والفعاليات السياسية، خاصة أولئك الذين يرغبون في سحب البساط من تحت أقدام الحلفاء التقليديين، الذين يراقبون التطورات عن كثب في انتظار كشف السلطة عن مرشحها للقفز إلى المركب من أجل الدعم والتأييد.
ومع بداية العد التنازلي للموعد الانتخابي بعد قرار تقديمه بثلاثة أشهر، مازال الترقب يطبع موقف السلطة حيال مرشحها؛ ففيما تذهب غالبية التوقعات إلى التجديد للرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، لا تستبعد دوائر أخرى فرضية الخطة البديلة المتمثلة في مرشح آخر وفق ما تمليه الضرورات والتوازنات داخل معسكر السلطة.