مرشحو الرئاسة الجزائرية يلجأون إلى الشبكات الاجتماعية لكسر العزوف الانتخابي

سخرية وتهكم على مواقع التواصل من محاولات إقناع المواطنين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع.
السبت 2024/09/07
نتيجة محسومة

كثف المرشحون للانتخابات الجزائرية من الدعاية والترويج الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولة التأثير على الناخبين ودفعهم إلى صناديق الاقتراع في ظل المخاوف من تدني نسبة المشاركة، نظرا إلى أن الكثيرين منهم يعتبرونها محسومة مسبقا.

الجزائر - أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات الإلكترونية ساحة للجدل والنقاش حول المرشّحين الثلاثة في معركة الوصول إلى الرئاسة في الجزائر حيث يبذل كلّ مرشّح وفريقه أقصى جهدهم لاستقطاب أصوات الناخبين في مشهد يعكس تحوّلًا جوهريًا في إستراتيجيات الحملات الانتخابية في الجزائر، لكسر العزوف الانتخابي مع الإجماع على أن النتيجة محسومة مسبقا لصالح الرئيس عبدالمجيد تبون.

ويتمثل الرهان الرئيسي الذي يواجهه تبون في نسبة المشاركة مقارنة بانتخابات 2019 التي أوصلته إلى الرئاسة بـ58 في المئة من الأصوات وسط نسبة امتناع قياسية.

ومن خلال متابعة الحملات الانتخابية بدا أن الترويج للبرامج الانتخابية للمرشحين الثلاثة يعتمد بشكلٍ رئيسي على الوسائط الاجتماعية الأكثر رواجًا في الجزائر، خاصّة وأن هذه المنصّات تستقطب عددًا كبيرًا من الجزائريين من مختلف الأعمار والفئات. لكن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا بطرق متعددة مع هذه الحملات وغلب عليها السخرية والتهكم من محاولات إقناع المواطنين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع وقال أحدهم:

 

وسخر آخر:

وعلقت ناشطة على الانحياز الإعلامي لتبون داعية إلى إفساح المجال لمنافسيه بالحديث حتى لو كان تمثلا:

ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية اعتمدت مديرية حملة تبون، على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لنشر محتوى خطاباته، بالإضافة إلى تصريحات قيادات الأحزاب السياسية المؤيدة له، على غرار المسؤولين السياسيين لحزب جبهة التحرير الوطني، والتجمّع الوطني الديمقراطي، وحركة البناء، التي برز فيها مسؤولها السياسي عبدالقادر بن قرينة بشكلٍ ملحوظ من خلال تصريحاته المثيرة للجدل التي انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعتبر مديرية حملة المرشّح تبون أنّ المنصّات الإلكترونية، جزءًا من الإستراتيجية الانتخابية التي وضعتها المديرية لضمان نجاح الحملة والوصول إلى أكبر عدد من الجزائريين، سواءً باستخدام الأساليب التقليدية أو وسائل الإعلام الحديثة.

وقال سمير عقون، منسق الحملة الانتخابية لتبون، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أنّ مديرية الحملة قد شكّلت فرق عمل متخصّصة منذ بداية الحملة تعمل على تسويق البرنامج الانتخابي لمرشّحها عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك عبر الموقع الرسمي للمديرية. وتابع إن هذه الفرق تعمل على نشر محتوى المداخلات والتجمّعات الانتخابية للمرشّح عبدالمجيد تبون، بالإضافة إلى مواد داعميه، على منصّات التواصل الاجتماعي.

من جهته، كشف رضوان بلخيري المكلف بالمنصة الرقمية والإعلام والعلاقات العامّة، في مديرية الحملة الانتخابية للمترشّح تبون بولاية تبسة، أن الولاية احتلت المراتب الأولى حسب الإحصائيات الرقمية المقدمة أسبوعيًا. وأضاف المتحدّث في تصريح للصحافة، إن الاعتماد على المنصّات الرقمية في الترويج لبرنامج الانتخابات تعد سابقه في تاريخ الانتخابات الجزائرية، إذ أن الاعتماد على هذه المنصّة الرقمية يساعد في معرفه مختلف النشاطات التي أنجزت عبر الولايات من ناحية، ومن ناحية أخرى سهّلت عمليه التواصل بين المديرية العامة، والمديريات الولائية، والمندوبيات المحلية للبلديات.

ورغم ذلك يبدو تسويق البرامج الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي ترويجا ودعاية ليس أكثر إذ لم تشهد هذه المنصات نقاشا حقيقيا حول أهمية وجدوى برامج المترشحين، ولا أسئلة على المستوى السياسي والفكري والأيديولوجي، وبقيت محصورة في الشق التقني لإدارة الحملة الانتخابية، حيث برز ذلك في وجود احتجاجات حول تكافؤ الفرص والانحياز الإعلامي لمرشّح على حساب آخر.

وقال الأمين الوطني للإعلام والاتصال في حركة مجتمع السلم، عبدالمنعم بن حمدة أن حزبه أخذ بعين الاعتبار الظروف المناخية التي تجري فيها الحملة الانتخابية، “خاصّة وأننا في فصل الصيف، حيث يصعب حشد المواطنين في القاعات والساحات، لذلك تم التركيز بشكلٍ كبيرٍ على هذه المنصات.

ولأوّل مرة، تم اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في إيصال برنامج المرشّح والتسويق للنشاطات التي يقوم بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. وأضاف أن مديرية حملة مرشحهم تلقت منذ بداية الحملة الانتخابية ما يقارب 20 مليون رسالة إلكترونية عبر مختلف الوسائط الاجتماعية للاستفسار حول برنامج مرشّحهم.

وواجهت القنوات التلفزيونية في الجزائر، موجةً من الانتقادات من مرشّحي المُعارضة وملاحظين، يتحدثون عن انحيازها لـ”مرشّح السلطة” وانتهاك أحكام التشريعات الإعلامية الموجبة للإنصاف في تغطية المترشحين أثناء الحملة الانتخابية.

◙ تسويق البرامج الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي يبدو دعاية ليس أكثر إذ لم تشهد المنصات نقاشا حقيقيا

وتحدث وليد زعنابي نائب مدير حملة المترشح عن التيار الديمقراطي اليساري يوسف أوشيش، عن رصد عدة تجاوزات تخص “التحيز الإعلامي والتهريج وتتفيه العملية الانتخابية، وعدم تكافؤ الفرص بين المترشحين”. وكشف عن تقديم احتجاجات في وقتها للسلطة المخولة، رغبة منهم في “فرض خطاب راقٍ ونقاش بناء وممارسة سياسية تليق بالجزائر وشعبها وتطلعاته المشروعة”.

وكانت مديرية المترشّح عبدالعالي حساني شريف قد اعترضت لدى السلطة المستقلة للانتخابات على طريقة التناول الإعلامي للانتخابات، وطالبتها كتابيًا بالتدخّل لفرض تكافؤ الفرص وعدم الانحياز لمترشّح على حساب مرشحها.

وكتب أحمد صادوق مدير حملة حساني في تدوينة له، نشرها بعد انطلاق الحملة الانتخابية “تُخصّص محطات تلفزيونية حيزًا زمانيًا محدودًا للمترشّح مقارنة بما يحصل عليه مساندو الرئيس المترشح عبدالمجيد تبون”. ولفت إلى أن مبدأ تكافؤ الفرص “غير محقّق من حيث التغطية الإعلامية، لبعض القنوات الخاصة والعمومية ما يخالف حسبها الميثاق الذي أمضاه ممثلو وسائل الإعلام مع سلطة السمعي البصري تحت إشراف السلطة المستقلة للانتخابات، الذي ينصّ في عمقه على الوقوف بمسافة متساوية بين المرشحين الثلاثة”.

ويتضمن هذا الميثاق الصادر في 29 يوليو برعاية وزارة الاتصال مجموعة من المبادئ أهمّها الحرص على أن تكون التغطية الصحفية للنشاطات والعملية الانتخابات متوازنة وغير منحازة.

ويُطالب الميثاق الصحافيين بتجنب أي إغراءات أو امتيازات بأي شكل من الأشكال مقابل معلومات لنشرها أو بثها. وبدورها رفعت إدارة جبهة القوى الاشتراكية احتجاجًا إلى سلطة الانتخابات تضمن جردًا بالتجاوزات المسجلة خلال 10 أيام الأولى من الحملة الانتخابية، أهمها التحيز في التغطية الإعلامية. وامتد النقد أيضًا إلى الصحف الورقية المتهمة بالتحيز، واستندت الانتقادات إلى ما تعكسه الصفحات الأولى للجرائد والمساحات المخصصة للانتخابات.

وتُعد التجاوزات المنسوبة لوسائل الإعلام، جزءًا من انتهاكات سجّلتها المعارضة، وقعت خلال أول أسبوعين من الحملة الانتخابية، منها استغلال وسائل الدولة وانخراط الإدارة المباشر في دعم مرشح السلطة، وتكليف وزير الداخلية بمديرية حملة الرئيس المترشح تبون، وانخراط مسؤولي مجالس عمومية على شاكلة المجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني في الحملة. وطرد طاقم مرشح معارض من فندق بالجنوب لإفساح مجال لمرشح السلطة.

من جانبها، سجلت وكالة الأنباء الرسمية في متابعة لها، “عدم تسجيل أي تجاوز يتعلق باستخدام خطاب التجريح أو الكراهية ولا تلقي السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أي شكوى، وهو ما يعكس نظافة الحملة من تأثير المال الفاسد”. واعتبرت أن “وسائل الإعلام الوطنية غطت الحملة الانتخابية بشكل دقيق وعادل، حيث مكنت المواطن من حقه في إعلام موضوعي ونزيه”.

5