مرسوم جديد لإنهاء الصراعات السياسية على قيادة الجامعة الكويتية

الكويت- قطعت السلطات الكويتية خطوة جديدة باتجاه النأي بالتعليم الجامعي عن التسييس والحدّ من ظاهرة هيمنة قوى إسلامية على إدارة شؤون الجامعات والتحكم بقرارها من خلال تدخلها في اختيار من يشغل المناصب القيادية في المؤسسات الجامعية.
وتمّ بموجب مرسوم جديد سحب صلاحية مجلس الجامعات الحكومية في وضع شروط ترشيح مدير الجامعة ونوابه وإسناد تلك الصلاحية للحكومة ممثلة بوزير التعليم العالي والبحث العلمي.
ويهدف المرسوم إلى الحدّ من الصراعات السياسية على المناصب القيادية في المؤسسات الجامعية والتي ينخرط فيها تيار الإخوان المسلمين بقوةّ الأمر الذي تسبب لسنوات طويلة بظهور خلافات ذات طبيعة سياسية داخل الحياة الجامعية، وخصوصا عندما كان النفوذ الإسلامي، والإخواني تحديدا، يظهر في قرارات مسقطة ذات طبيعة أيديولوجية منعدمة الصلة بالعملية التعليمية والنشاط الأكاديمي من قبيل قرار منع الاختلاط بين الجنسين في الجامعات والذي أثار عند صدوره في وقت سابق جدلا حادا وخلافات عميقة داخل الأسرة الجامعية بطلبتها ومدرسيها وإدارييها.
◄ نفوذ الإسلاميين داخل الجامعة الكويتية كثيرا ما تجسد في قرارات مؤدلجة من قبيل قرار منع الاختلاط بين الجنسين
ويضاف القرار إلى خطوة أخرى كانت السلطات الكويتية قد قطعتها قبل عدة أشهر في اتجاه النأي بالجامعة الكويتية عن محاذير التسييس وتمثّلت في إلغاء انتخابات اتّحاد الطلبة الذي تحوّل على مرّ السنين إلى منبر سياسي لجماعة الإخوان التي عرفت دائما كيف تستخدم نفوذها السياسي وسلطة المال التي تمتلكها للهيمنة عليه.
وقضى المرسوم الجديد بتعديل بعض أحكام القانون رقم 76 لسنة 2019 في شأن الجامعات الحكومية والمتعلّق بتعديل تعيين مدير الجامعة.
ويكون تعيين المدير وفقا للمرسوم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة بناء على عرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ويتم اختيار من يشغل المنصب من بين أعضاء الهيئة الأكاديمية للجامعة ممن يشغلون درجة أستاذ.
وتضمن التعديل بحسب مذكرة إيضاحية مصاحبة له، حذف اختصاص مجلس الجامعات الحكومية بوضع الشروط الواجب توافرها للترشيح لمنصب مدير الجامعة ونوابه، وحذف ما ينص على الإعلان عن شغور منصب مدير الجامعة الحكومية وفتح باب التقدم له، وعلى تشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة بمعرفة مجلس الجامعة، وذلك ليكون الاختيار عن طريق الوزير المختص.

◄ إبراهيم الحمود أشار بشكل صريح إلى تدخل مجموعة محسوبة على تيار الإخوان المسلمين في الجامعة من خلال فرض عمداء وقياديين
وجاء هذا التغيير في بعض وجوهه مستجيبا لمطالبات لم تنقطع خلال السنوات الماضية بإنهاء تدخّل الإسلاميين في الشأن الجامعي والحد من تأثيرات ذلك على إدارة الجامعات وحتى على برامجها التعليمية ومستوى مخرجاتها.
وسبق لهيئة التدريس والهيئة التدريسية المساندة بجامعة الكويت أن عقدت مؤتمرا تحت عنوان “انقذوا جامعة الكويت” نددت فيه بالضغوط التي تمارس لتشكيل لجنة اختيار مدير الجامعة من أوساط من خارج الجامعة ودعت خلاله إلى إنهاء التدخلات في شؤون الجمعية وأعضائها.
ووصف عدد من الأعضاء بعض القرارات المتعلّقة بالنقل والندب وتعيين القياديين بالجامعة بالتنفيعية والعشوائية وغير الخاضعة لأي دراسة مسبقة.
وأشار رئيس الجمعية إبراهيم الحمود بشكل صريح إلى تدخل مجموعة محسوبة على تيار الإخوان المسلمين في الجامعة من خلال فرض عمداء وقياديين.
وكانت السلطات الكويتية قد حسمت في سبتمبر الماضي أمر الانتخابات الطلابية وقرّرت وقفها قبل أيام قليلة على موعد إجرائها في الشهر نفسه، وذلك بعد أن رأت أنها “لم تعد تخدم المصلحة العامة للطلاب.”
وجاء القرار بعد الضجة التي ثارت حول الانتخابات وما يشوبها من تدخلات حزبية وقبلية ومن استخدام كثيف للمال السياسي فيها خصوصا من قبل جماعة الإخوان بما أتاح للجماعة السيطرة المطلقة على اتحاد الطلبة لأكثر من أربعة عقود.
وتتالت خلال الفترة الأخيرة التحذيرات الصادرة عن العديد من الجهات ذات الصلة بالتعليم والحياة الجامعية من تحوّل الانتخابات الطلابية إلى مصدر لزرع التوتر والشقاق بين الطلبة وداخل المجتمع ككل وتقسيمه على أسس حزبية وقبلية، مشيرة إلى تصاعد ظاهرة العنف داخل الجامعات كنتيجة للتوترات التي تؤججها الصراعات السياسية التي تتخلل المناسبات الانتخابية.
واكتسى القرار في نظر الجهات التي سبق أن طالبت به أهمية قصوى كونه يمثل بداية لتقويم مسار التعليم الجامعي في البلاد والنأي بالطلبة عن الانصراف عن الشؤون المتعلّقة بتحصيلهم العلمي وتكوينهم الدراسي إلى صراعات حزبية وقبلية تحرّكها من وراء الستار قوى باحثة عن السلطة والنفوذ.
ويستهلك التعليم في الكويت بمختلف مراحله بما في ذلك التعليم الجامعي مبالغ ضخمة من موازنات الدولة، لكنه لا يوفّر في مقابل ذلك مخرجات تناسب الصرف السخي عليه، حيث توصف تلك المخرجات بالضعف علميا كما أنها لا تغطي عدديا حاجة الدولة من الكفاءات والكوادر اللازمة لإدارة مؤسساتها ما يجعلها تواصل الاعتماد بشكل كبير على الكوادر الوافدة من الخارج، الأمر الذي يضيف عبئا إلى أعبائها المالية الكبيرة.
