"مرجاجو".. رواية جزائرية عن مرحلة خطيرة من تاريخ البلاد

الجزائر – يشتغل الروائي بن شارف حميدي في روايته “مرجاجو.. شظايا وندوب”، الصادرة عن دار خيال للنشر والترجمة بالجزائر، على أحداث وقعت إبان الحقبة العثمانية، من نهاية القرن 18 ميلاديا إلى بدايات القرن 19؛ وهي فترة كانت مليئة بأحداث خطيرة، كان من ضمنها الحملة الإسبانية على الجزائر صيف سنة 1775، وما أعقبها من احتلال وهران سنة 1792، إلى غاية دخول البلاد في نفق مظلم، مع تأجج الثورات الشعبية ضد الوجود العثماني مطلع القرن 19.
ويؤكد حميدي في تصريح له أن هذه الظروف ولدت تقاطع المصائر الكبرى التي عرفتها البلاد مع مصائر الأفراد، حيث يعيش بطل الرواية سليمان بن محمد الهلالي أو “سليمان مرجاجو”، الذي يسافر مطلع العام 1806 في مهمة غريبة من مرسى وهران إلى الجزائر على متن فرقاطة حربية، حاملا معه كتابا من الباي محمد المقلش إلى الداي أحمد باشا في الجزائر، التي قرر الاستقرار فيها نهائيا، حال عودته من زيارة أهله في شرق الجزائر بعد أن تعذر عليه زيارتهم، خلال سنوات طويلة بسبب الحروب التي اشتعلت من أقصاها إلى أقصاها.
ويشير الروائي بالقول “في هذه الرحلة البحرية يكتشف القارئ شخصية سليمان مرجاجو تلميذ المدرسة الكتانية بقسنطينة، والشاب البدوي الذي تحول إلى صائد للأسود والفهود عند سفوح جبل قريون، حيث كانت مضارب قبيلته (الجوامع)، وكيف قادته الغواية، بعد ذلك، للسفر من شرق البلاد إلى معسكر عاصمة الغرب لذلك العهد، حيث وجد نفسه فجأة مكلفا من طرف الباي محمد بن عثمان الكبير بمهمة خطيرة كجاسوس إلى وهران، التي كانت تحت قبضة الإسبان”.
تطرأ ظروف غير متوقعة جعلته يقع في الأسر، فيزج به في السجن بضع سنوات، ومثلما كان دخوله إلى السجن غريبا، فقد كان خروجه منه لا يقل عنه غرابة، ليرجع “سليمان مرجاجو” إلى حلبة الصراع من جديد، حيث تلاحقت الأحداث، واضطره تسارعها إلى تأجيل عودته إلى قبيلته في الشرق، ويختار أن ينضم إلى المرابطين عند أسوار وهران إلى غاية تحريرها.
ويضيف حميدي بأن نشوة الفتح لم تدم طويلا، فقد انقلبت الأوضاع إلى جحيم حقيقي، سنوات قليلة بعد ذلك، وأن الرواية تحمل بين طياتها إطلالات يكتشفها القارئ حول الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي كانت تعيشها البلاد، وصراعات النفوذ بين الدول المتنافسة في البحر المتوسط.
يشار إلى أن بن شارف حميدي صاحب هذا العمل السردي روائي وأكاديمي، من مواليد عام 1980 بالشهبونية من محافظة المدية (جنوب الجزائر)، وهو حاصل على شهادة دكتوراه في اللسانيات من جامعة وهران (غرب الجزائر).