مراكش وجهة الفن الأفريقي المعاصر

"54 – 1" معرض يجمع فنانين أفارقة على أرض المغرب.
الجمعة 2025/02/07
مجموعة مهمة من الأعمال الفنية

صار معرض "54-1" حدثا سنويا مهما يجمع فنانين أفارقة على أرض المغرب، يمنحهم فرصة التعريف بأعمالهم المعاصرة ويفتح أبوابا أوسع أمام صالات العرض والفنانين المحليين، معزز حضور مدينة مراكش كواحدة من أهم الوجهات الثقافية في المغرب والقارة السمراء.

مراكش (المغرب) - يراهن معرض دولي للفن التشكيلي الأفريقي المعاصر على الجاذبية السياحية لمراكش للترويج لفنانين أفارقة، ويساهم أيضا في تحفيز النشاط الثقافي بالمدينة المغربية الأشهر في العالم.

فقد قدّم المعرض المسمى “54-1” في دورته الأخيرة التي أقيمت بين 30 يناير الماضي و2 فبراير الجاري، أعمالا لـ27 دارا للعروض الفنية من 14 بلدا أفريقيا وأوروبيا، مستهدفا الأثرياء من هواة جمع اللوحات وأيضا المتاحف العالمية المرموقة.

ويسعى هذا المعرض العالمي، الذي يلتزم بتوفير رؤية واضحة للفن المعاصر في أفريقيا، إلى تعزيز وجهات النظر المتنوعة للأفريقيين، بما في ذلك التفسيرات المتطورة لتجربتهم في دول الشتات.

ثريا الكلاوي: نهدف إلى إعطاء رؤية أكبر للفنانين الأفارقة في الفن المعاصر
ثريا الكلاوي: نهدف إلى إعطاء رؤية أكبر للفنانين الأفارقة في الفن المعاصر

ويضم المعرض صالات مخصصة للفن المعاصر إلى جانب صالات مخصصة لنقاشات الفنانين والمناقشات الجماعية وطرح المشاريع الفنية الخاصة.

وهذه المرة الأولى التي يتجاوز فيها عدد صالات العرض الأفريقية نصف المشاركين. وقد حضرت صالات العرض المغربية بقوة عبر ثمانية ممثلين، مسلطة الضوء على النمو المضطرد للمشهد الفني المغربي. وخصص المعرض فضاء عرض ثان باسم “دا دا” في قلب المدينة القديمة بمراكش، إلى جانب موقعه الرئيسي في قصر المامونية الشهير.

واعتبرت ثريا الكلاوي، مؤسسة المعرض، في تصريحات صحافية، أن توسع المعرض إلى فضاء “دا دا” يعكس نجاح “54-1” مراكش، ويؤكد التزامه المستمر داخل الساحة الفنية المغربية، ويبرهن على قدرته على التمدد في أفريقيا، في وقت يشهد فيه الفنانون المشاركون فيه اهتماما متصاعدا.

ويتميز هذا المعرض الأفريقي عن الملتقيات المشابهة بكونه “فضاء ضيقا وحصريا للغاية”، ما يجعل الأعمال المعروضة فيه “أكثر بروزا”، كما تقول العارضة السنغالية آيسا ديون.

وتضيف ديون، وهي مؤسسة دار العرض “آتيس دكار” في السنغال “تلقينا أصداء جد ممتازة حول فنانينا وهذا مهم جدا، لأن أهمية معرض فني لا تكمن فقط في المبيعات وإنما أيضا في تطوير علاقات مع زبائن مستقبليين.”وقد تمكنت من بيع ثلاثة أعمال بسعر إجمالي يناهز 31 ألف دولار.

بدورها خرجت مديرة دار العرض “رواق 38” كانيل هامون جيليه بحصيلة “ناجحة” من هذه الدورة. وتقول “نحن جد سعداء بالزخم الذي أثاره فنانونا وقد بعنا ست لوحات،” مفضلة عدم كشف الثمن.

تجمع فني مهم

ألوان أفريقية متناغمة
ألوان أفريقية متناغمة

المعرض الشهير الذي أطلقته ثريا الكلاوي في لندن عام 2013 (واسمه يشير إلى قارة واحدة و54 دولة)، ثم توسع إلى نيويورك ومراكش، حيث تعد النسخة المغربية الأكثر خصوصية بالنسبة لها، لأنها تترسخ بذلك فعليا في أرض القارة الأفريقية، فضلا عن أن مراكش مدينة والدها الرسام حسن الكلاوي.

وأسس هذا التجمع الفني الكبير بهدف “إعطاء رؤية أكبر للفنانين الأفارقة في عالم الفن المعاصر،” كما توضح مؤسسته ثريا الكلاوي. وبعد نجاح دورته اللندنية، انتقل إلى نيويورك ابتداء من العام 2015، قبل أن يعود إلى أفريقيا من خلال مدينة مراكش في العام 2018.

وتعزو الكلاوي، وهي رائدة أعمال مغربية – فرنسية، اختيار المغرب لكون هذا البلد الأفريقي “يوفر تنوعا من خلال موقعه الجغرافي، وأيضا من خلال العرض السياحي الذي يتيح لنا استقطاب زبائن من مختلف أنحاء العالم.”

وتشير إلى أن النسخة المغربية لهذا الملتقى تحصد في المعدل “بضعة ملايين من الدولارات.” لكن حجمه يبقى صغيرا بالمقارنة مع الملتقيات العالمية الكبرى، مثل معرض “فياك” في باريس أو “آرت بازل” الذي يقام في سويسرا وميامي وهونغ كونغ.

ويستقطب المعرض المغربي في المتوسط نحو 10 آلاف زائر فقط، بينهم حوالي 3 آلاف أجنبي، من دون أن يقلل الأمر من جاذبيته، كما يلاحظ رجل الأعمال التوغولي كلود غرونيتسكي الذي جاء خصيصا من نيويورك. ويقول “في الملتقيات الكبيرة يكون هناك ضغط مادي شديد على العارضين، لدرجة أن هواة جمع اللوحات مثلي قد يشعرون بالمضايقة.”

على خلاف ذلك “هناك شيء من الحميمية في مراكش حيث تتاح فرصة اكتشاف فنانين لا نعرفهم،” كما يضيف غرونيتسكي وهو عضو بمجلس إدارة المتحف الأميركي المرموق “موما بي إس 1” في نيويورك.

جاذبية فنية

خح

استقطبت هذه الدورة فنانين أفارقة مشاهير مثل الغاني أمواكو بوافو، الذي باع أحد بروتريهاته للمتحف البريطاني “تايت”. لكن الملتقى يمنح على الخصوص فرصة التعرف على فنانين صاعدين.

من هؤلاء مصورة الفوتوغرافيا التجريبية الإثيوبية ماهيدر هايليسيلاسي تاديسي، أو النحاتة على الخزف السودانية – الصومالية دينا نور ساتي، والعديد من الرسامين التصويريين مثل النيجيرية شيغوزي أوبي أو الغاني أدجي تاويا.

تلخص الفنانة المغربية الفرنسية مارغو ديغي أهمية المعرض في “الحركية الاستثنائية التي يوفرها للساحة الفنية الأفريقية برمتها.” وهي تقدم بورتريهات مطرّزة على القماش باليد من خلال دار العرض المغربية “أتوليي 21.”

تستفيد الساحة الفنية المغربية هي الأخرى من هذه الجاذبية، حيث تنظم بالموازاة زيارات لمعارض وورشات فنية محلية. وتعلق ثريا الكلاوي مازحة “لن يمضي زوارنا أكثر من ساعة إذا اكتفوا بمعرض 54-1.” من نتائج هذه الحركة أن بعض دور العرض في الدار البيضاء قررت فتح فضاءات لها في مراكش، مثل “رواق 38.”

وهو ما يفسره مؤسس الرواق فهر كتاني قائلا “أصبح المعرض موعدا لا محيد عنه،” وكان “من العوامل التي دفعتنا للإقامة في مراكش، التي حققت في الأعوام الأخيرة قفزات عملاقة في ما يخص الجاذبية الفنية.”

15