مراكش تحتفي بفن الملحون ودوره في الصناعات الثقافية

الدورة الثامنة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية تؤكد صمود هذا الفن.
الخميس 2023/10/19
تكريم خبير الصناعة التقليدية عبدالعزيز الرغيوي

يواصل مهرجان الملحون والأغنية الوطنية بمراكش احتفاءه فن الملحون كواحد من أعرق وأبرز الفنون في المغرب، والذي يختزل تراثا فنيا وثقافيا كاملا، بما عرفه من قصائد وألحان على امتداد قرون. ويؤكد هذا الحدث صمود فن الملحون وأهمية الأغاني الوطنية، كما يركز المهرجان على الصناعات الفنية المرتبطة بالملحون.

مراكش - انطلقت مساء الثلاثاء بمراكش فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية، المقامة تحت شعار “فن الملحون ديوان المظاهر الحضارية للمغاربة – الصناعة التقليدية نموذجا”.

وتميز حفل افتتاح هذه التظاهرة، المنظمة بمبادرة من جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد، بتنظيم أمسية لفن الملحون بمشاركة الجوق الوطني لفن الملحون برئاسة محمد الوالي والشيخ الحاج امحمد الملحوني، كما استمتع الحاضرون بمختارات من روائع وقصائد فن الملحون قام بأدائها مجموعة من الفنانين.

احتفاء بالموروث

برنامج المهرجان يتضمن أمسيات موسيقية في فن الملحون بمشاركة نخبة من ألمع الفنانين وأعلام هذا الفن وشيوخه ومقدميه
برنامج المهرجان يتضمن أمسيات موسيقية في فن الملحون بمشاركة نخبة من ألمع الفنانين وأعلام هذا الفن وشيوخه ومقدميه

في كلمة بمناسبة افتتاح هذا الحدث قال المدير الفني للمهرجان أنس الملحوني إن “الدورة الحالية تحتفي بالمظاهر الثقافية للمغرب من خلال الصناعة التقليدية التي تعد رافدا مهما من روافد الإرث الحضاري للمغرب”، مشيرا إلى أن الضيف المحتفى به خبير الصناعة التقليدية عبدالعزيز الرغيوي يعد واحدا من خيرة أعلام هذا الإرث الحضاري الممتد الذي خبر خباياه، مؤكدا أن أغلب الصناع التقليديين ينتمون إلى أسرة فن الملحون.

وقالت عتيقة بوستة، نائبة العمدة المكلفة بالشؤون الثقافية والرياضية في كلمتها الافتتاحية، إن تنظيم النسخة الثامنة من مهرجان الملحون والأغنية الوطنية يكرس أحد توجهات المجلس الجماعي منذ 2015 والمتمثل في الحفاظ على فن الملحون المتجذر في عمق الثقافة المغربية والإرث الحضاري للأندلس، حيث ظل رافدا أساسيا للذاكرة الفنية، مواكبا في الآن ذاته للصناعة التقليدية.

ولفتت إلى أن “رغم المنافسة الشرسة للأغنية العصرية الشبابية، فإن فن الملحون ما زال يحظى بمواكبة فئات عريضة من المتابعين، مما يعبر عن مدى تجذره في عمق الوجدان الجماعي للمغاربة”.

وأشار رئيس جمعية الشيخ الجيلالي امثيرد عبدالرحمن الملحوني، في تصريح له، إلى أن المهرجان اهتم كثيرا بتدوين فن الملحون، وخاصة التراث المغربي المراكشي، مبرزا أن دورة هذه السنة تسعى إلى إبراز دور شاعر الملحون في تخزين وتوثيق المهن التقليدية، كفن العمارة المغربية وفن القبب وجميع ما يضع فيه الصانع التقليدي بصمته، وكذلك مجهود الصانع التقليدي في توثيق وتخزين هذا التراث.

كما تميز حفل الافتتاح بتكريم خبير الصناعة التقليدية عبدالعزيز الرغيوي الذي جايل أمهر الصناع التقليديين، ويعد مرجعا من المراجع الكبرى في مجال الصناعة التقليدية.

وعبر الرغيوي في تصريح مماثل عن “سعادته بهذا التكريم الذي يعد تكريما لكل الخطوات والإمكانيات التي سخرت من أجل إحياء التراث سواء كان تراثا ماديا أو غير مادي”.

وأضاف “كوني أشتغل على تراث مغربي أصيل وهو تراث الصناعة التقليدية، في كل مجالاته وكل مكوناته، من معمار وفنون ومختلف الأنواع التي يشملها هذا الفن الجميل، فإن هذا التكريم هو تكريم لهذه المجموعة من الفنون وللذاكرة المغربية، التي تعتبر ذاكرة متميزة على مستوى الدول العربية والدول الأفريقية، باعتبارنا نملك خزانا وتراثا أساسيا لفائدة الإنسانية جمعاء”.

وأشار المحتفى به إلى أنه على امتداد مساره المهني الذي يتجاوز الأربعين سنة، اشتغل على إحياء مجموعة من الحرف المهددة بالاندثار، وساهم في مجموعة من الدراسات والندوات التي تناولت التراث المغربي، على مستوى الوطن العربي وخارجه.

أنشطة ثقافية

مهرجان الملحون والأغنية الوطنية بمراكش يحتفي بالمظاهر الثقافية للمغرب من خلال الصناعة التقليدية التي تعد رافدا مهما من روافد الإرث الحضاري للمغرب

يتضمن برنامج هذه الدورة أمسيات موسيقية في فن الملحون، بمشاركة نخبة من ألمع الفنانين وأعلام وشيوخ ومقدمي هذا الفن، إلى جانب توقيع عدد من الإصدارات ضمنها “في محراب الأثير” وهو باكورة عمل جماعي لثلة من الأساتذة الباحثين تناولوا بالدراسة والتحليل ومضات لعينة من البرامج الإذاعية التي أشرف عليها الإعلامي أنس الملحوني.

كما تشهد فعاليات هذه التظاهرة، المنظمة إلى غاية الحادي والعشرين من أكتوبر الجاري، تنظيم ندوة حول موضوع “الملحون.. ديوان المظاهر الحضارية للمغاربة – الصناعة التقليدية نموذجا”، إلى جانب برمجة رزنامة من الأنشطة الثقافية والتربوية والاجتماعية.

ويعتبر فن الملحون أحد التعبيرات الفنية الراقية التي أحبها وتفاعل معها المغاربة، حيث أبدعوا فيها الأشعار الرائعة والألحان المطربة على مدى أكثر من خمسة قرون، وكانت فاس العاصمة العلمية للمغرب ولا تزال مهدا للعلم، وحاضنة لكل تراث عريق وفن جميل، وملتقى لعشاق ألوان التعبير المغربي الراقي.

وتراهن إدارة المهرجان على قدرة الفنون الأصيلة على البقاء والصمود في وجه العولمة ومنافسة الفنون الواردة، والتكيف مع مستجدات الثقافة الإنسانية والاندماج فيها مع الحفاظ على الثوابت الأصيلة والقواعد الأساسية.

وتتوزع فضاءات العرض التي تحتضن الأنشطة والفقرات المبرمجة، بين مسرح دار الثقافة بالمركز الثقافي الداوديات، ومسرح مؤسسة أريحا 2، ومسرح “ميدان”، وقاعة ندوات مدينة اللغات والثقافات بكلية اللغة العربية، ودار الحياة.

يشار إلى أن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الملحون والأغنية الوطنية تنظم بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة وولاية جهة مراكش آسفي ومجلس الجهة والمجلس الجماعي لمراكش.

12