مراكش السينمائي ينهي دورة استثنائية بتتويج فيلم إيراني

"حكاية من شمرون" يفوز بالنجمة الذهبية والجمهور يعود إلى الصالات بعد غياب.
الاثنين 2022/11/21
المخرج الإيراني يهدي جائزته لنساء بلاده

في أول دورة له بعد جائحة كورونا، أعاد مهرجان مراكش الدولي الحياة إلى القطاع السينمائي ببرنامج ثري جمع محبي الفن السابع في المغرب بنجوم عالميين وأتاح لهم ندوات وورشات مهمة وأفلاما تحظى بإشادة الكثير من النقاد، وعرفتهم على تجارب سينمائية من دول وثقافات متنوعة.

مراكش (المغرب) - حاز الفيلم الإيراني “حكاية من شمرون” للمخرج عماد إبراهيم داهكردي الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمدينة مراكش المغربية.

ويستكشف الفيلم، وهو أول فيلم روائي طويل لعماد إبراهيم داهكردي، حياة شاب إيراني يعيش في شمرون في شمال طهران يتحول إلى الجانب المظلم خلال محاولته جني الأموال بسهولة.

وقال المخرج “أريد أن أقدّم تحية إلى كل من فقدوا أرواحهم وهم يقاتلون من أجل استعادة الحرية ليعيشوا كما يريدون”، في إشارة إلى الاحتجاجات الإيرانية التي اندلعت قبل أكثر من شهرين بعد وفاة مهسا أميني. وأضاف المخرج البالغ 43 عاما “أهدي جائزتي لجميع نساء إيران وللجيل الشاب الذي يخاطر بحياته من أجل الحرية”.

باولو سورينتينو: المخرجون الجدد المشاركون في مهرجان مراكش السينمائي الدولي كلهم مهتمون بالمواضيع الدرامية
باولو سورينتينو: المخرجون الجدد المشاركون في مهرجان مراكش السينمائي الدولي كلهم مهتمون بالمواضيع الدرامية

ومنحت لجنة التحكيم برئاسة المخرج الإيطالي باولو سورينتينو والتي تضم الممثل الفرنسي طاهر رحيم والمخرجة اللبنانية نادين لبكي والممثلة الألمانية – الأميركية ديان كروغر جائزة أفضل إخراج للفيلم الدرامي “برق” (2022) للسويسرية كارمن جاكيي.

أما جائزة لجنة التحكيم فمنحت لمخرجتين هما المغربية مريم التوزاني عن فيلم “أزرق القفطان” الذي يمثل المغرب في جوائز الأوسكار والبرتغالية كريستيل ألفيس ميرا عن فيلم “الروح الحية”.

وفازت الممثلة الكورية تشوي سونغ – يون بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “رايسبوي ينام” للمخرج الكندي أنتوني شيم، فيما حصد جائزة أفضل ممثل الإندونيسي أرسوندي بينينغ سوارا عن دوره في فيلم “سيرة ذاتية” لمواطنه المخرج مقبول مبارك.

وشهد المهرجان الذي يعد واحدا من أبرز الملتقيات السينمائية في أفريقيا، في دورته لهذا العام، تنافس 14 فيلمًا على “النجمة الذهبية” للمهرجان، 6 منها لمخرجات سينمائيات.

وقال باولو سورينتينو رئيس لجنة التحكيم “أثناء عملية الاختيار، لم تكن هناك سوى أعمال درامية، ربما لأن المخرجين الجدد مهتمّون بالمواضيع الدرامية”.

من جانبها، رأت إدارة الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش التي نظمت تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، واختتمت فعالياتها مساء السبت بالمدينة الحمراء، أن هذه الدورة كانت “دورة استثنائية على عدة أصعدة”.

وأوضح البلاغ الذي صدر عقب اختتام المهرجان أن هذه الدورة “تمثل عودة لهذه التظاهرة بعد توقف دام لسنتين بسبب الجائحة”، مبرزا أنها أكدت أيضا الحماس الكبير للجمهور لمشاهدة مختلف أقسام المهرجان، حيث شاهد أزيد من 150 ألف شخص عروض 124 فيلما في كل من قصر المؤتمرات بمراكش، وسينما كوليزي، وساحة جامع الفنا وكذلك في متحف إيف سان لوران.

وأضاف المصدر ذاته أنه تم اعتماد ما يقارب 20 ألف شخص حصلوا على بطاقتهم الإلكترونية لحضور مختلف أقسام المهرجان، أي ما يقارب ضعف الاعتمادات التي تم تسجيلها خلال الدورة الثامنة عشرة التي أقيمت سنة 2019، مضيفا أن ما يقارب خمسة آلاف طفل ومراهق حضروا العروض المخصصة للجمهور الناشئ.

وعلى غرار الدورات السابقة، خصصت دورة 2022 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش مكانة خاصة للسينما المغربية من خلال برمجة تحتفي بجيل جديد من السينمائيين، و”الذين حظيت أعمالهم بالإشادة من قبل النقاد في المغرب وخارجه”.

وأشار البلاغ في هذا الصدد إلى أن “ملكات”، وهو أول فيلم طويل لياسمين بنكيران، والفيلم الطويل الثاني لفيصل بوليفة “المحكور ما كي بكيش”، و”شظايا السماء”، أول فيلم طويل لعدنان بركة، حصدت نجاحا كبيرا خلال عرضها في مراكش.

الدورة التاسعة عشرة خصصت برمجة تحتفي بجيل من السينمائيين الذين حظيت أعمالهم بالإشادة من النقاد

وذكر أن قسم بانوراما السينما المغربية، الذي قدمت فيه خمسة أفلام، افتتح بعرض فيلم “أيام الصيف” للمخرج فوزي بنسعيدي، في أول عرض عالمي له أمام جمهور متحمس ملأ قاعة العرض بأكملها. كما عرفت هذه الدورة مشاركة مهمة للمهنيين المغاربة الذين بلغ عددهم 350 شخص.

من جهة أخرى، تميزت الدورة التاسعة عشرة للمهرجان بتكريم أربعة أسماء متميزة من السينما العالمية، حيث أعرب الممثل الهندي رانفير سينغ عن “فخره الكبير كسفير للسينما الهندية” من خلال الاحتفاء به وتكريمه في مراكش. وبتسلمه لدرع التكريم من يد الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار أكد المخرج الأميركي جيمس جراي أن “المغرب ومراكش يحتلان مكانة خاصة في قلبه”، قبل أن يوجه نداء إلى السينمائيين والفنانين بشكل عام “نحن بحاجة إليكم لأنكم تفتحون أرواحنا وتساهمون في إمتاعنا”.

من جهتها، يضيف البلاغ، لم تخف المخرجة المغربية فريدة بنليزيد تأثرها العميق عندما حظيت بالتكريم بمناسبة هذه الدورة التاسعة عشرة، بعد أن سبقت لها المشاركة في عضوية لجنة تحكيم الدورة الأولى للمهرجان سنة 2001.

ونقل البلاغ عن بنليزيد قولها مذكرة بسياق تنظيم الدورة الأولى، إنه “قبل بضعة أيام من انطلاق المهرجان في 28 سبتمبر، بعد أحداث 11 سبتمبر، طرح السؤال حول إمكانية إلغاء هذه التظاهرة، لكن الملك قرر بإرادته الخاصة أن ينعقد المهرجان”.

بدورها، شاركت الممثلة والمنتجة الأسكتلندية تيلدا سوينتون “بتصريح قوي” يهم الفن السابع جاء فيه “تظهر لنا السينما من نحن، في تنوعنا الكبير. إنها انعكاس لرغباتنا وإخفاقاتنا وإنجازاتنا وأحلامنا. تحيا السينما ويحيا الاختلاف”.

وحسب المنظمين، فقد شهدت الدورة “لحظات أخرى لا تخلو من قوة” من ضمنها سلسلة الحوارات مع شخصيات متألقة من عالم السينما، عبارة عن جلسات تبادل مفتوحة سمحت لجمهور المهرجان بالحديث مع مخرجين وممثلين ذوي شهرة عالمية مثل ليوس كاراكس، أصغر فرهادي، جيريمي آيرونز، جولي ديبلي، جوليا دوكورنو، جيم جارموش، روبن أوستلوند، مارينا فويس، رانفير سينغ والمؤلف الموسيقي غابرييل يارد.

كما جمعت الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش 250 خبيرا دوليا حول مجموعة مختارة من 23 مشروعا وفيلما في إطار الدورة الخامسة لورشات الأطلس، فقد واكب برنامج الإنتاجات السينمائية للمهرجان منذ إطلاقه سنة 2018، 111 مشروعا وفيلما لمخرجين من العالم العربي والقارة الأفريقية، منها 48 مشروعا من المغرب.

وخلص البيان إلى أنه بعد عامين من التوقف الاضطراري تميزت عودة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بحضور قوي للجمهور وبحماس كبير للسينمائيين من أجل اللقاء وتبادل الآراء. كما سلط المهرجان هذه السنة مرة أخرى الأضواء على تنوع التجارب السينمائية في العالم، وأسهم في الكشف عن مواهب جديدة، مع منح عشاق السينما والجمهور فرصة اللقاء بشخصيات مرموقة من السينما العالمية.

15