مراكز البيانات في السعودية تحفز الاستثمارات العقارية

تمضي السعودية قدما من خلال خططها الإستراتيجية إلى زيادة زخم الاستثمارات في قطاع العقارات خلال العقد الحالي بالاعتماد أكثر على التكنولوجيا، وتحديدا مراكز البيانات بالاستعانة بأبرز الشركات العالمية، بما ينسجم مع رؤية التحول الطموحة.
الرياض - يشكل تشييد مراكز البيانات رافدا رئيسيا للقطاع العقاري في البلد الخليجي، والذي من المتوقع أن تزيد مساهمته بالناتج المحلي للبلاد إلى عشرة في المئة بحلول 2030، وفق وكالة ستاندرد آند بورز، وسط استمرار نمو الطلب على الوحدات المكتبية.
وأوضح تقرير صدر الأربعاء عن شركة الاستشارات العقارية نايت فرانك، ومقرها لندن، أن تطوير البنية التحتية لمراكز البيانات في السعودية يتيح فرصا استثمارية واعدة.
وأكدت نايت فرانك استمرار الفجوة بين العرض والطلب في سوق مراكز البيانات، حيث تبلغ القدرة الإجمالية لهذه المراكز في الرياض حاليا 263 ميغاواط، وفي جدة 121 ميغاواط، بينما تتصدر الدمام مدن البلاد بقدرة تتجاوز 392 ميغاواط.
وتستهدف الحكومة تأسيس بيئة أعمال متكاملة لاحتضان شركات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات ومراكز البيانات، وتوفر كل ما تحتاجه لتنمية أعمالها، بحسب تصريحات وزير الاستثمار خالد الفالح خلال مبادرة مستقبل الاستثمار الشهر الماضي.
وتعزز المبادرات الرقمية التي تقودها السعودية فرص الاستثمار في مراكز البيانات، كما يقول ستيفن بيرد، الشريك في نايت فرانك ورئيس مراكز البيانات العالمية.
وأشار أيضا إلى وجود حوافز مثل المناطق الاقتصادية الخاصة، وقانون حماية البيانات الشخصية، ما يجعل أكبر اقتصاد عربي سوقا رئيسية للبنية التحتية لهذه المراكز القابلة للتوسع.
ويؤكد بيرد على أهمية التركيز على تطوير مرافق قابلة للتوسع وفعالة في استخدام الطاقة لتلبية احتياجات مزودي الخدمات السحابية والتطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
وشهدت السعودية بالفعل خلال العام الجاري تدفقا للاستثمارات في مجال مراكز البيانات، التي تعد محورا رئيسيا للاقتصاد الرقمي.
وأعلنت العديد من الشركات، وفي مقدمتها أمازون وداتا فولت، خلال مؤتمر ليب 24 الذي أقيم خلال مارس الماضي في الرياض، عن استثمارات تفوق 11 مليار دولار، لبناء مراكز بيانات ضخمة بالبلاد، من ضمنها 10 مليارات حصة الشركتين العملاقتين لوحدهما.
وكان راجيت ناندا، الرئيس التنفيذي لشركة داتا فولت، قد كشف بمقابلة سابقة مع بلومبيرغ الشرق عن تدشين مشروع لمراكز البيانات المستدامة في السعودية بكلفة 3.5 مليار دولار.
كما عقدت شركة غروك الناشئة بمجال الذكاء الاصطناعي شراكة مع عملاق النفط أرامكو لإنشاء مركز بيانات ضخم في السعودية.
واعتبرت غروك أن المشروع سيكون أكبر مركز في العالم لمعالجة البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليكون في خدمة شركات الشرق الأوسط وأفريقيا والهند.
ويُتوقع أن تصل كلفته إلى “تسعة أرقام”، بحسب ما قاله جوناثان روس الرئيس التنفيذي لغروك أثناء مقابلة مع وكالة بلومبيرغ.
ورصدت مجموعة داماك العقارية الإماراتية نحو 272 مليون دولار للاستثمار بمركز بيانات في السعودية، ومن المخطط أن يُفتتح بداية العام المقبل، كما أفصح رئيسها حسين سجواني الشهر الماضي.
السعودية شهدت خلال العام الجاري تدفقا للاستثمارات في مجال مراكز البيانات، التي تعد محورا رئيسيا للاقتصاد الرقمي
وأوردت بلومبيرغ في تقرير الشهر الماضي أن مجموعة الاتصالات السعودية (أس.تي.سي) تخطط لإنفاق نحو مليار دولار لتحويل السعودية إلى مركز بيانات إقليمي.
وبرز سوق العقارات السعودية كأحد المجالات الأكثر نشاطا خلال السنوات الماضية مدفوعا بانتعاش الناتج المحلي الإجمالي الكلي، وفي ظل سياسة فتح الأبواب للمشاركة في النهوض بمؤشرات النمو.
وتوقعت نايت فرانك في تقريرها إضافة مليون متر مربع إلى المساحات المكتبية في الرياض بحلول نهاية 2026 لتصل إلى 6.3 مليون متر مربع، وسط تنامي الطلب على العقارات الإدارية.
وستكون هذه الطفرة بفضل برنامج المقرات الإقليمية الذي نجح في جذب عدة مئات من الشركات متعددة الجنسيات لافتتاح مقرها بالمنطقة في العاصمة السعودية.
وكان الفالح قد كشف الشهر الماضي أن عدد الشركات العالمية التي حصلت على ترخيص بالفعل لتدشين مقر إقليمي لها في الرياض قد بلغ 540 شركة، بما يتجاوز المستهدف تحقيقه مع حلول العام 2030.
توزيع سوق مراكز البيانات
- 392 ميغاواط القدرة الإجمالية في الدمام
- 263 ميغاواط القدرة الإجمالية في الرياض
- 121 ميغاواط القدرة الإجمالية في جدة
* شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية
ويرى فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نايت فرانك، أن المشاريع الكبرى في السعودية “حولت الرياض إلى مركز إقليمي وعالمي بارز في مجالات الأعمال، والتمويل والترفيه والسياحة”.
وأضاف أن “49 في المئة من الوظائف الجديدة التي أُنشئت في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية كانت في الرياض”.
وأوضح دوراني أن ذلك أدى إلى تصاعد الضغوط على إيجارات المكاتب، حيث تم تأجير العديد من المكاتب الرئيسية والمتنزهات التجارية بالكامل، مع وجود قوائم انتظار مستمرة.
وتبلغ نسبة الإشغال للمكاتب الفاخرة في الرياض، حسب بيانات سابقة، حوالي 98 في المئة، وهي من الأعلى على مستوى العالم، وهذه الطفرة يواكبها ارتفاع في أسعار العقارات في السعودية منذ بداية العام.
وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء، ارتفع مؤشر العقارات القياسي بنسبة 2.6 في المئة خلال الربع الثالث من العام 2024، على أساس سنوي، بقيادة القطاع التجاري الذي ارتفع بنسبة 6.4 في المئة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق.
وزادت أسعار مباني المكاتب التجارية بنسبة 8.5 في المئة بفعل الزيادة في الطلب وسط انتعاش القطاعات غير النفطية في الاقتصاد السعودي، وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية.
وشهدت العاصمة الرياض أعلى زيادة في أسعار إيجارات المكاتب من الدرجة الأولى على مستوى السوق السعودية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية.
وصعدت الأسعار خلال الربع الثالث من هذا العام على أساس سنوي بنسبة 31 في المئة لتصل إلى حوالي 2604 ريالات (694.4 دولارا) للمتر المربع، كما زادت إيجارات المكاتب من الفئة الثانية بنسبة 27 في المئة خلال عام، وفق نايت فرانك.
أما في جدّة فارتفعت إيجارات مكاتب الفئة الأولى خلال الفترة ذاتها بنسبة 2.9 في المئة لتصل إلى 329.33 دولارا للمتر المربع، بينما سجلت إيجارات الفئة الثانية نموا أسرع بنسبة 3.8 في المئة لتصل إلى 216 دولارا للمتر المربع.
وتقدّر نايت فرانك القيمة الإجمالية لمشاريع العقارات والبنية التحتية منذ إطلاق خطة التحول في عام 2016 بنحو 1.1 تريليون دولار.