مراقبة الفساد تضرب قطاع الطائرات الخاصة في السعودية

أكدت مصادر مطلعة أن قطاع بيع وتأجير الطائرات الخاصة في السعودية يعاني من الركود بسبب تشديد الرقابة على الفساد وأن الأثرياء أصبحوا يخشون إظهار ملامح ثرواتهم خشية فتح أبواب التحقيق. وقد أدى ذلك إلى توقف نشاط معظم الطائرات الخاصة في البلاد.
لندن - تزايدت المؤشرات على أن حملة لمكافحة الفساد في السعودية أثرت بشدة من قطاع بيع وتأجير الطائرات الخاصة في مؤشر على أثر الحملة على الشركات الخاصة والنخبة الثرية.
وأكدت مصادر مطلعة أن عشرات الطائرات التي يملكها أفراد وشركات تأجير طائرات وتقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات متوقفة عن العمل في مطارات بأنحاء من السعودية وخاصة في العاصمة الرياض ومدينة جدة.
وأضافت أنه جرى تسليم بعض تلك الطائرات للدولة في إطار تسويات تم التوصل لها بعد إطلاق الحملة في أواخر عام 2017 عندما احتُجز عشرات من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين.
ونسبت وكالة رويترز لمصدرين تأكيدهما أن البعض الآخر من الطائرات يملكه سعوديون ممنوعون من السفر أو عازفون عن استخدامها لأنهم لا يريدون إظهار ثرائهم خشية أن يبدو ذلك استهزاء بحملة مكافحة الفساد التي تنفذها الحكومة.
وأثرت الحملة على مجتمع الأعمال والشركات الخاصة، وهو قطاع يعاني بالفعل من تداعيات انخفاض أسعار النفط وضعف ثقة المستهلك، مما أضر بثقة المستثمر وعزّز حالة الضبابية المحيطة بسياسات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأوضحت المصادر أن الطائرات المتوقفة، التي قدر أحد المصادر عددها بما يصل إلى نحو 70 طائرة، تشمل طائرات بومباردييه وجلف ستريم. وتوجد أيضا طائرات ايرباص وبوينغ أكبر حجما، وهي طرز ترتبط أكثر بشركات الطيران لكنها تُستخدم عادة في الشرق الأوسط كطائرات خاصة أيضا.
وقد تبلغ تكلفة طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس أو ايرباص أي 320 نيو ما يصل إلى 130 مليون دولار، وإن كانت التكلفة النهائية تتوقف على مدى تجهيز الطائرة بالتكنولوجيا ومزايا مثل غرف النوم الخاصة وغرف الاجتماعات وحتى معدات اللياقة البدنية.
وتشير بيانات فلايت أسيند للاستشارات إلى أن عدد الطائرات الخاصة المسجلة في السعودية تراجع إلى 129 في نهاية العام الماضي مقارنة مع 136 في نهاية العام السابق.
وتوفر الطائرات الخاصة المرونة للمسافرين على خلاف شركات الطيران التجارية نظرا لأنها غير مقيّدة بمواعيد الوصول والمغادرة. وتسمح أيضا بسرية أكبر في الرحلات.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان قد ذكر في الشهر الماضي أن الدولة جمعت أكثر من 50 مليار ريال (13.33 مليار دولار) من تسويات تم التوصل لها في إطار حملة مكافحة الفساد.
وأُطلق سراح معظم من كانوا محتجزين في فندق ريتز كارلتون بالرياض في نوفمبر الماضي بعد تبرئتهم أو التوصل إلى تسويات مالية مع الحكومة، التي قالت إنها تسعى لجمع أكثر من 100 مليار دولار إجمالا سواء نقدا أو على شكل أصول.
وقال مصدران مطلعان إنه لم يتضح كيف ستنقل الحكومة ملكية الطائرات المتوقفة في المطارات في أنحاء البلاد، نظرا لأن العديد منها مملوك عبر شركات خارجية أو أنه محل رهن. وقالت ثلاثة مصادر إنه من المرجح أن تكون تلك الطائرات مازالت مسجلة في السعودية.
وأكدت مصادر أخرى أن الحكومة يمكنها استيعاب تلك الطائرات في أساطيلها الحالية التي يستخدمها وزراء ومؤسسات مملوكة للدولة. وقالت إن الحكومة تدرس تأسيس شركة تابعة لها للطائرات الخاصة تكون مؤلفة بالكامل من الطائرات المصادرة.
وقالت رويترز إنها لم تحصل حتى الآن على رد من المكتب الإعلامي للحكومة على طلب للتعقيب بشأن تأثير حملة مكافحة الفساد على قطاع الطائرات الخاصة أو عن خططها بشأن الطائرات المصادرة.
وحظيت حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الأمير محمد باستحسان واسع النطاق بين عموم السعوديين لأسباب منها أن الحكومة قالت إنها استخدمت بعض الأموال المحصلة من الحملة لتمويل مخصصات اجتماعية.
129 طائرة خاصة مسجلة في السعودية في نهاية العام الماضي مقارنة مع 136 في العام السابق
وأكدت ثلاثة مصادر مطلعة أن عدد رحلات الطيران على متن طائرات خاصة في السعودية شهد تراجعا كبيرا خلال العام الماضي، نظرا لقلة عدد الطائرات المتاحة بما في ذلك المستأجرة.
وقارن إيان مور رئيس العمليات التجارية في شركة “فيستا جت” ذلك التحول بما حدث في الصين حيث أضعفت حملة لمكافحة الفساد سوق الطائرات الخاصة.
وقال إنه ليس من الجيد سياسيا بالنسبة للأثرياء السعوديين السفر على متن رحلة خاصة في الوقت الراهن، خاصة إذا كانوا يملكون تلك الطائرات.
وأكدت مصادر مطلعة أن بعض السعوديين الأثرياء يسافرون على رحلات شركات طيران تجارية إلى الإمارات والبحرين وغيرها من المقاصد ثم يستقلون طائرات خاصة مستأجرة لتفادي التدقيق الحكومي.
وتكشف بيانات شركات صناعة الطائرات أن إقبال رجال الأعمال في السعودية على شراء طائرات خاصة انخفض منذ إطلاق حملة مكافحة الفساد قبل نحو 14 شهرا.
وقال ستيفن فريدريش رئيس العمليات التجارية في قسم طائرات رجال الأعمال في شركة امبراير، إن “عدم وضوح الرؤية في الأسواق لا يساعد ثقة المستهلك بأي حال أو شكل أو هيئة”.