مراجعة أردنية شاملة لنموذج الأمن الغذائي

انعكاسات الجائحة وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية جاءت إيجابية لتوجيه المعنيين بضرورة بناء الروابط التكاملية بين الصناعات الغذائية والزراعة.
الجمعة 2022/06/17
مبادرات تدعم مشاريع الاستثمار والتقنيات الزراعية

عمان - يتلمس المسؤولون الأردنيون طريقهم نحو القيام بمراجعة شاملة لاستراتيجية الأمن الغذائي المتبعة منذ سنوات في ظل الضغوط التي فرضتها حقائق واقع مشكلات تأمين الإمدادات من الأسواق الخارجية بسبب الحرب في أوكرانيا ناهيك عن التغير المناخي.

واقترحت رؤية التحديث الاقتصادي التي تم الكشف عنها مؤخرا تأسيس جهة متخصصة بالأمن الغذائي، إلى جانب مركز وطني لأبحاث الأمن الغذائي، كجزء من مبادرات متعلقة بالزراعة والأمن الغذائي.

ويحظى الأمن الغذائي في البلاد باهتمام بالغ من قبل الحكومة وكل الأوساط الاقتصادية، حيث شهد العام الماضي إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي تمتد حتى العام 2030، إلى جانب الخطة الوطنية للزراعة المستدامة والتي تمتد حتى العام 2025.

ويعتقد الخبراء أن انعكاسات الجائحة، إضافة إلى تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، جاءت إيجابية لتوجيه المعنيين بضرورة بناء الروابط التكاملية بين الصناعات الغذائية، والزراعة بأشكالها المختلفة، وبما يحقق المنفعة المطلوبة لكل من القطاعين الزراعي والصناعي.

4.5

في المئة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وفق التقديرات الرسمية

وعلى الرغم من أن الأردن يقع إلى جوار أسواق تشهد طلبا مرتفعا على الغذاء، إلا أن انخفاض الإنتاجية، وارتفاع الكلف يؤثران سلبا على قدرته التنافسية لتلبية احتياجات هذه الأسواق.

وتضمنت المبادرات المقترحة كذلك، إعداد نظام رقمي للبيانات الغذائية، وتعديل اللوائح التنظيمية والسياسات ذات الصلة بالزراعة والثروة الحيوانية، وتأسيس مجمع متكامل للأغذية الزراعية والمصنعة، وتجديد البنية التحتية وسلسلة الإمداد والتبريد.

ودعت الرؤية إلى مبادرات أخرى، تتضمن إعادة النظر في حلول تمويل قطاع الزراعة ودعم التأمين، وتطوير الترويج والتسويق الزراعي.

وتتضمن المبادرات أيضا تأسيس منظومة الجمعيات التعاونية والاتحادات الزراعية وتشجيع التحديث والابتكار في قطاع الزراعة، والتوسع في استخدام التقنيات الحديثة.

كما تشمل إطلاق مبادرة للحفاظ على الموارد المركزية، وتقديم خدمات التعليم الزراعي والتدريب المهني لصقل مهارات المزارعين، وإطلاق صندوق لتسريع الاستثمار في القطاع الغذائي بالمملكة.

وتتضمن المبادرات المقترحة كذلك دعم مشاريع الاستثمار والتقنيات الزراعية والبحث والتطوير في مجال التقنيات الغذائية، وتوفير مسرعات وحاضنات الطعام المحسن تحت إشراف وزارة الزراعة وتعزيز المخزون الاستراتيجي من الحبوب، ولاسيما القمح والشعير، بما في ذلك زيادة المساحات المخصصة لزراعتها.

وبلغت مساهمة قطاع الزراعة بالناتج المحلي الإجمالي حسب تقديرات العام الماضي 4.5 في المئة وبقيمة 1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار)، فيما وصلت صادراته إلى 800 مليون دينار (1.1 مليار دولار).

ويدفع هاجس تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء بشكل مستدام الأردن إلى مطاردة الجدوى من وراء توسيع مشاريع الزراعة العضوية على الرغم من بعض التحديات التي تواجهها في طريق تجسيد أهدافها واقعيا.

وتعكف الحكومة بمساعدة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) على اعتماد هذا الأسلوب في عمليات زرع المحاصيل لمواجهة آثار التغير المناخي المدمر على القطاع والذي أبقى البلد من بين أكثر دول المنطقة استيرادا للغذاء.

Thumbnail

وشهدت البلاد، شحيحة الموارد، خلال الأعوام الماضية ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة صيفا بسبب موجة الجفاف التي ضربت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أدى إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها السنوية.

ويطمح الأردن من خلال الإمكانات الاستراتيجية وأولويات القطاع الزراعي للتحول إلى مركز إقليمي لإنتاج المحاصيل مع ضمان استدامة الأمن الغذائي لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية على الصعيد المحلي.

كما تأمل في دعم استخدام أحدث التقنيات الزراعية والحلول الذكية لتجديد أساليب الإنتاج لجعل البلد مركزا إقليميا للصادرات الزراعية.

ومن الأولويات كذلك، تحسين القيمة الغذائية المضافة إلى القطاع بتطوير البنية التحتية لسلسلة التوريد، وفرص الصناعات الغذائية، وتحسين التسويق الزراعي للصادرات، وتقليل الفاقد الزراعي والغذائي عبر التحول الرقمي لاستدامة الأمن الغذائي في عموم البلاد.

وتشكل الصناعات الغذائية واحدة من القطاعات الفرعية المنبثقة عن الصناعة، التي سلطت ورشة العمل الاقتصادية الأردنية التي تعقد حاليا في عمّان الضوء عليها، نظرا إلى دور القطاع الفرعي في توفير فرص العمل والمساهمة في الصادرات، والناتج المحلي الإجمالي.

وتظهر أرقام وزارة التجارة أن نحو 60 في المئة من صادرات الصناعات الغذائية الأردنية تتركز ضمن اتفاقية التجارة الحرة العربية.

وترى أوساط القطاع أن الأردن يتمتع بوجود العديد من الصناعات التنافسية، ولديه القدرة على سد احتياجات السوق المحلية واستغلال الفرص التصديرية وعلى رأسها قطاع الصناعات الغذائية.

وبحسب الأرقام الرسمية يصل عدد العاملين بالقطاع الزراعي، في الوقت الحالي إلى 76 ألف عامل يشكلون 5.5 في المئة من إجمالي القوى العاملة النشطة بالبلاد، فيما يتوقع أن يصل عددهم إلى 144 ألف عامل بحلول 2033.

10