"مرآة الأحوال" نبيل سليمان يفضح الطغيان في مجتمعاتنا

صدر للروائي السوري نبيل سليمان ضمن العدد 109 يناير 2016 من كتاب مجلة الرافد الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة كتاب “مرآة الأحوال”، وهو عبارة عن كتاب سردي ساخر يجمع بين المقالة والتداعيات الحكائية، وفيه يفضح الكاتب الطغيان في مجتمعاتنا بالعودة إلى المشتقات الفكرية والنفسية والثقافية. إذ قدّم دراسات تحليلية نقدية لفكر الطاغية ومنطقه وسط منظومة حيوية متكاملة.
إلا أن للعنوان ارتباطه مع “مرآة الأحوال” أول جريدة عربية في لندن أصدرها رزق الله حسون عندما نشبت حرب القرم بين روسيا والدولة العثمانية وفرنسا وإنكلترا. بينما يحيل الشقّ الثاني من العنوان إلى ملحمة “الإلياذة” لليوناني هوميروس.
يوجّه سليمان نقده اللاذع للطغيان وممارساته المتبدّية في كافة الأشكال وفي مختلف المجالات التي يأتي في مقدمتها الأدب وتحديدا الشعر. حيث أعلن أن الدكتاتورية مفردة يقابلها الطغيان، وبالتالي يستحق الدكتاتور لقب الطاغية. ويوضح أن الصراع بين الشعر والطغيان، أو الصراع بين الشاعر والطاغية، هو القول بالصراع بين الشعر والدكتاتورية، أو بالصراع بين الشاعر والدكتاتور.
ونزولا عند مبدأ الزوال الحتمي للطغاة، يقف الكاتب ليقول: وها هي الحكاية السردية للطغيان، في مطلع الألفية الثالثة، تؤكد أنها لا تموت ولو بارى كرهنا كره ما بعد الحداثيين للسرديات الكبرى، على الرغم من اختفاء طاغية بالأمس، وعلى الرغم من أن الطاغية الأدهى طغيانا سيختفي غدا أو بعد غد.
ويضيف: وعلى أية حال، وسواء أكان الخلود للطغاة والطغيان، أم ولّوا وولّى، فما عاد لي إلا أن أردّد قول محمد الماغوط “الطغاة كالأرقام القياسية، لا بد أن تتحطم في يوم من الأيام”.
يعالج سليمان طرحه بالسخرية مثلما يعالجه بالمعلومة الدقيقة وبالجدية. وهي السخرية اللازمة لاستمرار العيش في ظل هذا الاختناق الفظيع، والذي تسببه الدكتاتوريات/ الطغاة. ففي ختام كتابه، يقول ضمن المقطع ما قبل الأخير: وعلى الرغم من نباهتي الكبرى وحذري الأكبر، فإنني لم أكن أدري أنني أجدف، عندما ضبطني صديقي الوطني جدا جدا، كما ضبطتني مسطرته الوطنية جدا جدا، متلبسا أيضا بالسؤال عن الحرية، أي بالسؤال الذي تلبّس كثيرات وكثيرين، منذ أن لفظ واحدهم رحم خصيب، إلى أن هرست خده/ خدها أول صفعة من أب أو شيخ أو معلم أو محقق أو سجان، إلى أن حذف له/ لها أول رقيب أول عبارة من قصيدة، وربما من مقالة، بل من رواية، والله أعلم.