مذكرات تفاهم إعلامي لتقريب شعبي السعودية والسلطنة

حملة ضخمة على تويتر رافقت زيارة ولي العهد السعودي إلى سلطنة عمان.
الأربعاء 2021/12/08
نعم.. اختفت علامات التحفظ

مذكرات تفاهم في المجال الإعلامي بين السعودية وسلطنة عمان تطرح أكثر من سؤال حول أهميتها في هذا التوقيت. وإن اعتبر مراقبون إعلاميون أنها “شكلية”، قال آخرون إنها ستنعكس على ضبط الخطاب المنفلت على مواقع التواصل الاجتماعي.

مسقط – أكد وزير التجارة ووزير الإعلام بالوكالة في السعودية ماجد القصبي أن “التقارب السياسي بين السعودية وسلطنة عمان موجود ولكن الأهم هو تقارب الشعوب”، مشيرا إلى دور الإعلام في هذا الجانب.

وقال الوزير بعد توقيعه مذكرات تفاهم في المجال الإعلامي مع وزير الإعلام العماني عبدالله بن ناصر الحراصي إن “الإعلام صناعة تترك آثارا وانطباعات في أذهان المواطنين”.

مدرين المكتومية: مذكرات التفاهم تدعم التوجهات المستقبلية للبلدين

وتضمنت المذكرات التي وقعها الوزيران على هامش الزيارة التي يؤديها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى سلطنة عمان “التنسيق المشترك بتنظيم الإعلام المرئي والمسموع لتبادل كافة التشريعات والخبرات والرأي حول كل ما من شأنه أن يساعد في عملية ضبط المحتوى الإعلامي والأخلاقي للقنوات الفضائية ومحطات إذاعات أف.أم والإعلام على شبكة الإنترنت والمصنفات الفنية ومحتوى الألعاب الإلكترونية وتبادل المعلومات في هذا المجال”.

ورافقت زيارة الأمير محمد إلى سلطنة عمان حملة إلكترونية ضخمة خاصة على موقع تويتر ضمن عدة هاشتاغات على غرار#عمان_السعودية_مستقبل_واعد و#السعودية_عمان و#عمان_ترحب_بالأمير_محمد_بن_سلمان و#محمد_بن_سلمان_ضيف_عمان.

ووصف مراقبون الاتفاقيات بـ”الشكلية”. ويعتقدون أن المذكرات التي تمَّ التوقيع عليها بهدف التفاهم الإعلامي يجب أن تأخذ منحى أكثر جدية؛ حيث يجب متابعة الطرفين لآلية تنفيذها والانتقال من مجرد وثيقة ومذكرة تفاهم إلى واقع فعلي يتم تنفيذه على أرض الواقع.

وفي هذا السياق، رفض الكاتب العماني أحمد الشيزاوي التعليق على أهمية مذكرة التعاون الإعلامي السعودي – العماني، في رده على سؤال لـ”العرب”، معتبرا المذكرة بمثابة اتفاق شكلي لن يكون لها أي أثر ميداني على الإعلام بين البلدين.

لكن في المقابل، قال إعلاميون إن مذكرات التفاهم في المجال الإعلامي مهمة جدا للبلدين. وأكدت الإعلامية العمانية مدرين المكتومية أنها تصب في صالح دعم التوجهات المستقبلية للبلدين سواء على مستوى رؤية “عُمان 2040” أو “السعودية 2030”.

وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى وجود نقاشات مجتمعية بهذا الشأن بين مواطني البلدين على مواقع التواصل الاجتماعي ترجح هذا التوجه، كما تستنكر عبارة “التقارب العماني – السعودي”، حيث يعتبرون أنه لم يكن هناك تباعد بالأساس ليكون هناك اليوم تقارب، لافتة إلى أن هذه الفرضية يدعمها حجم البيانات والتصريحات الرسمية من البلدين ما يؤكد “وجود مسارات جديدة ترتكز جميعها على تركيز علاقات راسخة بين البلدين”.

واختار مراقبون إعلاميون تسليط الضوء على شمول الاتفاقية لضبط مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديدا تويتر، خافيا لتشكيل
الرأي العام والتأثير فيه. ويلعب الهاشتاغ دورا مهما في قيادة الرأي العام عبر تويتر في دول الخليج العربي عامة.

وسمح تويتر لمستخدميه بالتفاعل بأشكال كانت مستحيلة من قبل في بلدان جرى العرف أن يتم فيها ضبط النقاش من خلال مراسيم رسمية ومن خلال الموروث الثقافي.

مراقبون يصفون الاتفاقيات بـ”الشكلية”

ولا تخفي الحكومات الخليجية تخوفها من الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي حيث وصل الأمر إلى تهديد السلم الاجتماعي وإثارة الرأي العام كما أصبح استخدام تويتر يهدد علاقات الدول في ما بينها. وسبتمبر الماضي حذر الادعاء العام في سلطنة عُمان من تزايد وتيرة نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متوعدا بسجن من تثبت مشاركته فيها.

ويتفوق أداء المغردين على وسائل الإعلام ذات الخبرة الطويلة والأدوات عالية التقنية، مما يشير أولا إلى القيود الصارمة التي تتحكم في أداء وسائل الإعلام وفي الحرية المحدودة الممنوحة لها بموجب القانون، ويشير ثانيا إلى عدم كفاءة وعجز المسؤولين القائمين على الإعلام عن إصلاح هذا الجهاز الحيوي للدول.

والعام الماضي انتشرت عدة حملات على تويتر موجهة لـ”جميع المغردين في السلطنة والمملكة العربية السعودية” تدعوهم إلى “عدم الانجرار خلف الهاشتاغات التي تحاول إثارة الفتنة بين الشعبين الشقيقين، وأن يكونوا على قدر عال مـن الوعي مـن خطورة الذباب الإلكتروني وأهدافه الخبيثة”. وانتشر حينها هاشتاغ #السعودية_عمان_شعب_واحد. وفي المقابل نأى المغردون السعوديون بأنفسهم عن هاشتاغات تدعم احتجاجات في السلطنة مؤكدين أن هدفها إشعال فتنة. ويبدو مروجو الشائعات “متمكنين” و”يعرفون ماذا يفعلون”، خاصة أنهم يدركون جيدا أن الشعوب الخليجية تؤثر في بعضها.

وكانت تقارير إعلامية سابقة أشارت إلى وجود الملايين من الحسابات الوهمية أو ما يعرف بـ”البوتات” التي تستهدف الدول الخليجية لإثارة البلبلة.

وترتبط اللجان الإلكترونية كثيرا بالمجتمعات المنغلقة لسببين الأول هو عدم وجود إعلام مهني قوي قادر على تشكيل الرأي العام وتحقيق مصداقية لدى الجمهور، والثاني هو أن الجمهور وجد نافذة مجانية لتداول المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة من قبل، حيث كان النظام السياسي يسيطر على المعلومات المتاحة في وسائل الإعلام التقليدية ويسعى لتحريك الرأي العام من خلالها.

ماجد القصبي: التقارب السياسي موجود ولكن الأهم هو تقارب الشعوب

وتواجه وسائل الإعلام الخليجية عامة معضلة ثقة مع الجمهور، الأمر الذي يضعها أمام ضرورة مراجعة خطابها من أجل إعادة الجمهور إليها بعد أن سرقه تويتر، خاصة أنها تحولت إلى مصدر رد الفعل وليس مصدر الخبر.

ويعتقد مغردون أن مذكرة التفاهم إيذان بوضع الحرب الإلكترونية لأوزارها بين السعوديين والعمانيين على مواقع التواصل الاجتماعي رغم أنها لا تعد بنفس قوة الحرب بين السعوديين والقطريين أو السعوديين وأنصار حزب الله اللبناني.

وقال وزير التجارة ووزير الإعلام بالوكالة في السعودية ماجد القصبي في تصريح لوكالة الأنباء العمانية وتلفزيون سلطنة عمان إن الزيارة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان إلى سلطنة عُمان تشكل امتدادا للزيارة التاريخية التي قام بها السلطان هيثم بن طارق إلى مدينة نيوم وتعد بداية لتعزيز العلاقات وتوثيقها بين الشعوب الخليجية. وأوضح أن “مذكرات التفاهم في المجال الإعلامي ستعمل على تقارب الشعوب في ما بينها، وأن دور الإعلام مفصلي”.

وكانت زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى السعودية يوليو الماضي التي تعد الأولى لزعيم عماني إلى المملكة منذ أكثر من عقد، حولت الأنظار إلى إمكانية أن يكون ذلك مؤشرا على تبدل تحالفات الرياض في منطقة الخليج العربي، خاصة أن العلاقات بين عُمان والسعودية فاترة رغم حدودهما المشتركة. وكان المسؤولون السعوديون حذرين من العلاقات الودية بين عُمان وإيران، بينما حرصت مسقط على اتباع مبدأ الحياد الحذر في منطقة مضطربة، وكانت حذرة من النفوذ غير المبرر من جارتها إيران.

وبعد الزيارة اختفت علامات التحفظ في العلاقة بين عمان والسعودية على تويتر، وشاركت شخصيات سعودية معروفة تغريدات على تويتر احتفالا بالتحالف. واحتل هاشتاغ #سلطان_عمان_ضيف_الملك_سلمان، الترند على تويتر في البلدين حينها.

ويذكر أن مذكرات التفاهم في المجال الإعلامي تضمنت أيضا تبادل الدراسات في مجال الرصد الإعلامي والإلكتروني.

16