"مذكرات امرأة كردية" دروس حياتية

لندن - “مذكرات امرأة كردية” سيرة ذاتية للكاتبة الكردية السورية فوزية قجو المقيمة في الولايات المتحدة، وفيها تدون شهادتها على زمنها، وتكتب حكايات أسرتها وأهلها والمحيطين بها بمحبة، وتخصص الحيز الأكبر من مذكراتها للآخرين.
كتبت فوزية قجو مذكراتها بلغتها الكردية، وذلك بعد أن تعلمتها في سن متقدمة، حيث كانت أميّة في بداية حياتها، لكنها تغلبت على أميّتها وبدأت القراءة والكتابة بلغتها الكردية في وقت كانت اللغة الكردية ممنوعة في سوريا.
ترتحل فوزية قجو في سيرتها الحياتية بين حريق سينما عامودا ولوعة الغربة في واشنطن، تكتب أخبار بلدتها الصغيرة عامودا منذ أن كانت طفلة وحتى صارت جدة، تروي تاريخ البلدة من خلال تاريخها الشخصي وذكرياتها عنها؛ الجميلة منها والمريرة، تكتب عن راحلين فارقوا عالمنا وتبقى وفية لهم، تواصل محبتها لهم بتخليدهم في ذاكرتها، ترى الخير في الناس وتراهن عليه، وتقابل بما تعطيه من محبة وإحسان في رحلتها الحياتية.
تحكي حكاياتها عن الحوادث التي عاصرتها وكانت شاهدة عليها، تتطرق بداية للحديث عن حريق سينما عامودا الذي يشكل تاريخا مفصليا في تاريخ المدينة، وتتذكر كيف كانت المدينة متشحة بالحداد والسواد لزمن طويل لاحق، وكيف لم تستطع تخطي تلك الكارثة المفجعة، وتصور تأثر والدها الشديد بالمأساة.
وتحكي كذلك عن حوادث شكلت منعطفات تاريخية، توردها في سياق حياتها الشخصية، وكيف تبدت في مرآتها حينها، من ذلك مثلا ذكرياتها عن عيد النوروز وتعامل السلطة مع المحتفلين به، ثم اضطرارها إلى السماح به بطريقة مواربة بعد تقديم الكرد للتضحيات في سبيل إحياء عيدهم القومي.
وفي تقديمه للكتاب يقول الروائي السوري هيثم حسين “تمثل سيرة الخالة فوزية سيرة كثيرات من النساء الكرديات البطلات اللاتي تحدين ظروفهن القاسية، وتصدين لغدر الأيام، وكابرن على الجراح، وواصلن الدرب من دون يأس أو استسلام. وعلى الرغم من الظروف القاسية والمواقف العصيبة التي تعرضت لها إلا أنها لم تنكسر، بل ظلت قوية بروح الأمومة التي كانت تتسلح بها وتواصل من خلالها رحلة عطائها وصمودها. وهي التي تعلمت القراءة والكتابة بعمر متقدم، وتغلبت على أميتها، وبدأت تهندس غربتها بالقراءة والكتابة، فكتبت شهادتها عن حياتها وزمنها”.
ويضيف إنها “دروسٌ حياتية وعبر تاريخية كثيرة تحفل بها هذه المذكرات التي تتبدى كبحث في أغوار المجتمع الكردي في عامودا وجوارها، وكيف تشظى أبناؤها هنا وهناك في عالم حمل لهم كثيرا من المفاجآت، وقادهم في دروب أحلامهم ومآسيهم معا في مساراتهم، ورسم مصائرهم بصيغ غير متوقعة”.
يذكر أن كتاب “مذكرات امرأة كردية” صدر حديثا عن منشورات رامينا في لندن بترجمة الشاعر والمترجم ياسين حسين.
أما فوزية قجو، فهي من مواليد مدينة عامودا التابعة لمحافظة الحسكة سنة 1953، لم تذهب إلى المدرسة كغالبية بنات جيلها حينذاك، لكنها بمساعدة زوجها إبراهيم قجو تعلمت القراءة والكتابة باللغة الكردية. كانت قصص وقصائد الشاعر جكرخوين والشاعر تيريج مراجع رئيسة لمطالعتها وتعلمها. كتبت مذكراتها هذه، بدءا من نعومة أظافرها وحتى الأحداث الأخيرة التي هبت على المدن والبلدات السورية.