مدينة بالما في موزمبيق باتت مهجورة مع فرار السكان وسيطرة داعش

العشرات من المدنيين قتلوا على يد التنظيم المتطرف فيما يستمر نزوح الآلاف عن المنطقة مستخدمين كل السبل المتاحة.
الاثنين 2021/03/29
فرار جماعي برا وبحرا

بالما (موزمبيق) - تحولت مدينة بالما، وهي ميناء صغير في شمال موزمبيق، إثر سقوطها في أيدي الجماعات الجهادية بعد هجوم تبناه تنظيم داعش الاثنين، إلى مدينة أشباح بعد أن هجرها الآلاف من سكانها بحرا وسيرا على الأقدام.

وسار الكثير من السكان لأيام عابرين غابات بحثا عن ملاذ في بلدة مويدا المجاورة على بعد 180 كيلومترا جنوب بالما، حيث وصلوا منهكين ومع أقدام منتفخة.

وأفاد أحد الفارين فضل عدم ذكر اسمه "طوال الطريق... سقط الكثير من الناس من التعب ولم يكن بوسعهم مواصلة السير، خصوصا كبار السن والأطفال".

وبدءا من الأربعاء، هاجم المسلحون مدينة بالما الساحلية الصغيرة التي تعد 75 ألف نسمة والواقعة على مسافة حوالي 10 كيلومترات من مشروع غاز ضخم تديره مجموعة توتال الفرنسية، يتوقع أن يبدأ الإنتاج فيه خلال العام 2024.

وقتل العشرات من المدنيين في الأيام الأخيرة جراء الهجوم، فيما يستمر نزوح الآلاف من المنطقة مستخدمين كل السبل المتاحة، وفق ما أفاد شهود ومصادر.

وأورد التنظيم المتطرف في بيان نشرته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام "شنّ جنود الخلافة هجوما واسعا" الأربعاء على المدينة، حيث "استمرت الاشتباكات ثلاثة أيام، استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وتمت مهاجمة ثكنات عسكرية ومقرات حكومية".

وأسفر الهجوم وفق البيان عن "السيطرة على المدينة بما فيها، بعد قتل" العشرات من "الجيش الموزمبيقي والنصارى وبينهم رعايا دول صليبية، وإصابة العشرات"، عدا عن "السيطرة على مبان ومصانع وشركات وبنوك حكومية".

صورة

وقتل العشرات من الأشخاص في الهجوم الواسع الذي نفذه الجهاديون من ثلاث جبهات، ويعد أكبر تصعيد للتمرد الإسلامي الذي يضرب شمال موزمبيق من 2017.

وفرّ بعض الناجين إلى موقع مشروع الغاز، حيث تم نقلهم إلى العاصمة الإقليمية بومبا في قوارب.

وأكدت الحكومة الموزمبيقية مساء الأحد مقتل سبعة أشخاص على الأقل، من ضمنهم رجل من جنوب أفريقيا، في كمين أثناء محاولتهم الجمعة الفرار من فندق لجأوا إليه.

وأفاد أحد الناجين في رسالة إلكترونية بأنّ "الهجمات بدأت بعيد وصول سفينة كبيرة تحمل أغذية"، مضيفا "هاجموا المدينة وجلبوا شاحنات لحمل الأغذية".

وتستمر القوارب التقليدية في الوصول إلى بيمبا آتية من بالما محملة بالآلاف من النازحين، حيث أكدت مصادر لوكالات إغاثة أنّ 6 آلاف إلى 10 آلاف شخص ينتظرون إخلاءهم بعد الهجوم على بالما.

وأجبر الهجوم العمال الأجانب والمحليين على الاحتماء مؤقتا في محطة غاز شديدة الحراسة في شبه جزيرة أفونغي على بعد 6 كيلومترات من بالما، على ساحل المحيط الهندي جنوب الحدود مع تنزانيا المجاورة.

وهناك عمليات جارية لنقلهم إلى بيمبا على بعد حوالي 250 كيلومترا جنوب بالما.

صورة

والأحد وصلت سفينة ركاب كبيرة تحمل اسم "سي ستار" على متنها نحو 1400 شخص، معظمهم عمال في موقع مشروع الغاز ومن بينهم موظفون في توتال.

وأفاد مصدر بأنّ "السلطات أشارت إلى أن سفينة أخرى ستصل الاثنين"، فيما لا يزال آلاف آخرون عالقين في أفونغي، ومن المتوقع أن يصلوا في قوارب أصغر في أقرب وقت.

وفرضت قوات الجيش والشرطة طوقا أمنيا في المنطقة، مانعة الوصول إلى المكان الذي تصل إليه القوارب.

ومن المتوقع أنّ تجري وكالات الإغاثة مباحثات طارئة في بيمبا لتنسيق جهود الإجلاء والمساعدات الإنسانية للسكان الوافدين.

وقالت وزارة الدفاع مساء الأحد إنّ قوات الأمن "عزّزت استراتيجيتها العملانية لاحتواء الاعتداءات الإجرامية للإرهابيين وإعادة الحياة إلى طبيعتها في بالما".

وأوضحت أنها أطلقت "عمليات ترتكز أساسا على إنقاذ المئات من السكان خلال الأيام الثلاثة السابقة".

وتستضيف العاصمة الإقليمية بيمبا مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا جراء التمرد الإسلامي، الذي أدى إلى نزوح قرابة 700 ألف شخص من منازلهم في المنطقة الشاسعة.

وقال شهود لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إنّ المهاجمين أطلقوا النار على الناس في المنازل وفي الشوارع، "فيما كانوا يحاولون الفرار حفاظا على أرواحهم".

وأفاد شهود بأنّ المسلحين هاجموا مصارف ومراكز للشرطة أولا قبل مهاجمة بقية البلدة.

صورة

وما زالت هوية قادة هؤلاء المتمردين غير معروفة، علما أنهم معروفون محليا باسم "الشباب"، بيد أنّهم أعلنوا ولاءهم لتنظيم داعش العام 2019.

ورغم أنهم أطلقوا حملتهم في 2017، فإن خبراء قالوا إنهم باشروا حشد الصفوف قبل ذلك بعقد، مستغلين الشباب الذين اعتنقوا مذاهب إسلامية متشددة، في تعبير عن سخطهم على تناول السكان للكحول وارتيادهم المساجد بالأحذية والملابس القصيرة.

وأسفر النزاع عن مقتل 2600 شخص على الأقل، أكثر من نصفهم مدنيون، حسب منظمة "أكليد"، كما أدى إلى نزوح أكثر من 670 ألف شخص عن منازلهم، حسب الأمم المتحدة.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود "نشعر بقلق بالغ إزاء تأثير الاندلاع الجديد للعنف على أشخاص ضعفاء في الأساس، إذ يعانون جراء سنوات من النزاع".