مدير "بي بي سي" يحذر من عهد لن يشاهد فيه الجمهور التلفزيون

خدمة نتفليكس تتوسع على حساب حصة محطات البث التقليدية من جمهور المشاهدين الذين يعزفون بأعداد متزايدة عن متابعة القنوات التقليدية، ويتطلعون إلى برامج تكون متاحة برسم الطلب على خدمات مثل نتفليكس.
لندن - سخر المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، توني هول، من نسب مشاهدة شبكة نتفليكس، مدعيا أن سبعة ملايين بريطاني فقط شاهدوا مسلسل The Crown (التاج) على الرغم من الضجة الإعلامية الضخمة حول المسلسل ذي الميزانية العالية.
وحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، أشار هول إلى أن المسلسلات الدرامية رفيعة المستوى مثل Luther (لوثر) وBodyguard (الحارس الشخصي) وصلت إلى جمهور أكبر من عروض نتفليكس باهظة الثمن على الرغم من عرضها على محطات البث العام، وتكلفتها ميزانية أقل.
وقال في مؤتمر صحافي في لندن “لقد شاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل الحارس الشخصي 17 مليون مشاهد”.
ولا تكشف شبكة نتفليكس أبدا عن عدد الأشخاص الذين يشاهدون أيا من عروضها، تاركة المسألة إلى منافسيها في المجال والإعلام لملء الفراغات. ويعني هذا النهج أن شركة خدمة البث هذه لا يتعيّن عليها الكشف عن أيٍّ من عروضها أثير حوله ضجة، ومع ذلك لم يلق رواجا عند الجماهير، وفي الوقت نفسه تتجنّب المقارنات المباشرة بين شعبية عروضها وحجم الجمهور الذي تتمتع به البرامج على القنوات التقليدية.
وقال متحدث باسم “بي بي سي” إن الذي هول استند إلى استطلاع رأي وطني تمثيلي أجرته الهيئة العام الماضي، سُئِل خلاله البريطانيون عما إذا كانوا قد شاهدوا على الأقل 15 دقيقة من مسلسل التاج The Crown. ومن جانبها، رفضت نتفليكس التعليق.
هول يطالب هيئة "بي بي سي" بتحسين المحتوى الذي توفره على الإنترنت، والاستعداد لعهد لن يشاهد فيه الجمهورقنوات التلفزيون المباشر أبداً
وجاء موقف هول الهجومي ضد نتفليكس تزامنا مع مطالبته هيئة “بي بي سي” بتحسين المحتوى الذي توفره على الإنترنت، والاستعداد لعهد لن يشاهد فيه الجمهور، الذي يدفع مقابل خدمات البث، قنوات التلفزيون المباشر أبداً.
ومن المخطط أن يستمر مسلسل التاج، الذي يرصد فترة حكم الملكة إليزابيث منذ السنوات الأولى وحتى الوقت الحالي، ستة مواسم بميزانية تبلغ 100 مليون جنيه إسترليني. وأثار المسلسل الدرامي، الذي ألّفه بيتر مورغان، ضجة واسعة في أنحاء العالم، واعتُبر أنه انعكاس لبيئة إعلامية يفضل فيها أبرز ممثلي التلفزيون البريطاني العمل لدى شركات خدمات البث، ووفق ميزانية ضخمة بدلا من العمل لإنتاج محتوى لوسائل البث العام المحلية.
وجاء موقف هول الهجومي ضد نتفليكس تزامنا مع مطالبته هيئة “بي بي سي” بتحسين المحتوى الذي توفره على الإنترنت، والاستعداد لعهد لن يشاهد فيه الجمهور، الذي يدفع مقابل خدمات البث، قنوات التلفزيون المباشر أبداً.
وقال هول إنَّ “بي بي سي” وغيرها من محطات البث العام عرضت محتوى بريطانياً مميزاً لن توافق نتفليكس ولا أمازون أبدا على عرضه. ومع ذلك، احتج بأنَّ محطات البث التقليدية تواجه عراقيل بسبب الضوابط الإعلامية المُشدَّدة التي لا تسري على الفيديوهات المنافسة التي تُعرَض على شبكات الإنترنت.
وأضاف “المشهد الذي نعمل فيه تغير بدرجة تفوق التصور خلال العقد الماضي. لكن الضوابط ما زالت في غالبها كما هي”.
وتابع هول أنّ إجمالي ما تنفقه “بي بي سي” على المحتوى التلفزيوني خلال عام يُقدَّر بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يتركها تنازع من أجل المنافسة. وقال “يقدر محللون أنَّ نتفليكس أنفقت ما يصل إلى 13 مليار دولار أميركي على الأفلام والعروض عام 2018.. بينما تخصص ديزني ميزانية 100 مليون دولار أميركي للموسم الواحد من مسلسل حرب النجوم Star Wars.
ودافع هول عن خطط إضافة عروض “بي بي سي” إلى خدمة بث “بريت بوكس” BritBox الجديدة التي تتطلب الدفع مقابل مشاهدة المحتوى، وذلك بعد انتهاء بثِّها على خدمتها “آي بلاير”، التي ستتطلب دفع مبلغ ما، إضافة إلى 154.50 جنيه إسترليني قيمة الاشتراك السنوي.
وكانت قناة “بي بي سي” ومنافستها قناة “آي تي في” أكدتا الاتفاق على ضم قواهما من أجل إطلاق خدمة لبث الأفلام باشتراك تُسمى “بريت بوكس”، بحلول نهاية العام الحالي في محاولة لمواجهة خدمة نتفليكس.
وأفادت صحيفة الغارديان أن تحالف القناتين المتنافستين يأتي رداً على التهديد الذي تشكّله خدمة نتفليكس بتوسعها على حساب حصة محطات البث التقليدية من جمهور المشاهدين، الذين يعزفون بأعداد متزايدة عن متابعة القنوات التقليدية ويتطلعون إلى برامج تكون متاحة برسم الطلب على خدمات مثل نتفليكس.
وستبث خدمة بريت بوكس التي من المقرر إطلاقها في وقت لاحق من العام الحالي برامج من أرشيف “بي بي سي” و”آي تي في” مع برامج جديدة تُنتج خصيصا للخدمة الجديدة.
ولاحظت صحيفة الغارديان عدم توفر تفاصيل عن قيمة الاشتراك في الخدمة الجديدة رغم إشارة الإعلان عنها إلى أن الاشتراك فيها سيكون بسعر “تنافسي”.
وتعهدت قناة “آي تي في” باستثمار 65 مليون جنيه إسترليني على الأقل في المشروع المشترك خلال العامين المقبلين. ولكن قناة “بي بي سي” لم تكشف إن كانت سترصد موارد مالية مماثلة للمشروع.
وكانت هيئة تنظيم الاتصالات منعت قبل عشرة أعوام إطلاق مشروع مماثل متعللة حينذاك بأسباب تتعلق بالمنافسة. وأشارت صحيفة الغارديان إلى أنّ كثيرين في قطاع البث التلفزيوني في بريطانيا يحملون قرار الهيئة مسؤولية فتح الباب أمام نتفليكس لاحتلال موقع مهيمن في سوق البث.
وأكدت هيئة تنظيم الاتصالات هذه المرة ترحيبها بخدمة “بريت بوكس” قائلة إنها تريد أن ترى تعاون قنوات البث البريطانية “لمواكبة لاعبين عالميين بتقديم محتوى بريطاني نوعي يكون متاحا للمشاهدين في أي وقت، وكيفما يريدون متابعته”.
وتتوفر خدمة “بريت بوكس” الآن في الولايات المتحدة حيث لديها 500 ألف مشترك يدفعون لمشاهدة مجموعة مختارة من البرامج التلفزيونية البريطانية. وجاء الإعلان متزامنا مع صدور التقرير المالي لشركة “آي تي في” الذي يبين هبوط أرباحها في سوق تنافسية صعبة.