مدير الاتصالات الرئاسية فخر الدين ألتون "غوبلز على الطريقة التركية"

مديرية الاتصالات ووكالة الاستخبارات تضعان خطة قوامها الشعارات الدينية والقومية لإنقاذ أردوغان
السبت 2023/02/18
لماذا تلومون أردوغان لوموا القضاء والقدر

في حين وُجهت الانتقادات التي رافقت استعداد الحكومة التركية للزلزال وكيفية الاستجابة له ضربة قوية لشعبية الرئيس رجب طيب أردوغان، فإن المؤسسات الرسمية لا همّ لها سوى إنقاذ منصب أردوغان في الانتخابات القادمة.

أنقرة - أثار تشبيه زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا كمال كيليجدار أوغلو لمدير الاتصالات الرئاسية فخر الدين ألتون بوزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز، جدلا واسعا في تركيا، ووصف كيليجدار أوغلو بـ”فيتامين غوبلز الناقص”.

وجاءت تصريحات كيليجدار أوغلو بعد مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي تم تمويله من قبل مديرية الاتصالات واعتبر زلزال 6 فبراير “كارثة القرن”.

وفي أعقاب الانتقادات المتزايدة لرد الحكومة على زلزالين كبيرين، أكدت مؤسسات الدولة والمسؤولون، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، في مناسبات عديدة أن الزلزال “كارثة القرن”، مدعية أنه “لم يكن من الممكن الاستعداد لمثل هذا الزلزال”، وهذا يعني أن الحكومة ليست مسؤولة عن ردها “المتأخر”.

وكالة الاستخبارات أمرت وسائل الإعلام بدفع نقاط الحوار الدينية بقوة، والتي عزت خسائر الزلزال إلى القضاء والقدر

وقال كيليجدار أوغلو  إن “أردوغان بدا غير قادر على تنسيق أنشطة البحث والإنقاذ (بعد الزلازل)، فيما ركز على تنسيق اتصالاته. لقد أعدوا شريط فيديو عندما كان الناس تحت الأنقاض، بدأت (الحكومة) في تقديم مقاطع فيديو ذات تأثيرات شبيهة بالأفلام الوثائقية. لقد فقدوا عقولهم حقا. لقد أنفقوا الكثير من المال إنهم يرتكبون أخطاء تلو الأخرى”.

وأضاف ساخرا “هذا الفيتامين الناقص غوبلز (فخر الدين ألتون) لم يفعل ذلك لأول مرة. قالوا ‘نموذج الاقتصاد الجديد’، فارتفعت معدلات البطالة. قالوا ‘مكافحة شاملة للتضخم’، فزاد التضخم بشكل كبير. قالوا ‘قرن تركيا’ والآن يتحدثون عن كارثة القرن. علاقاتهم العامة هي محاولة لتطبيع عجزهم وخزيهم”.

وكانت تقارير إعلامية أكدت أن مديرية الاتصالات اشترت حسابات أكثر متابعة ليطرحوا ضمنها حملة “كارثة القرن”. وأجبرت الانتقادات مديرية الاتصالات على سحب الفيديو من حسابات على واقع التواصل يتابع بعضها أكثر من 70 ألف متابع.

ووجه الاستعداد للزلال والاستجابة له ضربة لشعبية أردوغان مع اقتراب تركيا من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في مايو المقبل، فيما تقول تقارير إنه قد يتم تأجيلها.

وقال كيليجدار أوغلو إن أردوغان ونظام الرجل الواحد هما “كارثة القرن”.

وبالمثل نشر حزب العمال التركي في 15 فبراير صورة على تويتر، معتبرا أردوغان “كارثة القرن”.

ويذكر أنه من مكاتب في ناطحات سحاب في أنقرة، يشكل مسؤولون أتراك أخبار الأمة، كما يقول المطلعون على وسائل الإعلام، دائما لصالح أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.

وقال أكثر من عشرة من المطلعين على الصناعة الإعلامية في تركيا إن “التوجيهات إلى غرف الأخبار تأتي غالبا من مسؤولين في مديرية الاتصالات الحكومية التي تتولى العلاقات الإعلامية. والمديرية من صنع أردوغان، ويعمل بها حوالي 1500 شخص ومقرها في برج في أنقرة يرأسها الأكاديمي السابق فخر الدين ألتون”.

إنقاذ منصب أردوغان أولوية المؤسسات الرسمية
إنقاذ منصب أردوغان أولوية المؤسسات الرسمية

ويصدر مسؤولو ألتون تعليماتهم في مكالمات هاتفية أو رسائل واتساب تكون مسبوقة بكلمة “أخي” المألوفة.

ولم يكن ألتون، الرجل الذي يدير الآلة الإعلامية، معروفا كثيرا في صناعة الأخبار في عام 2018 عندما عينه أردوغان رئيسا لمديرية الاتصالات التي أطلقها حديثا. وعمل ألتون (46 عاما) سابقا في الجامعات ثم في مؤسسة فكرية مؤيدة للحكومة.

وتم تكليف المديرية، التي تبلغ ميزانيتها السنوية حوالي 680 مليون ليرة (38 مليون دولار)، بتنسيق الاتصال الحكومي. وقد انبثقت عن المديرية القديمة للإعلام والصحافة والإعلام، التي كان دورها الأساسي إصدار بطاقات صحافية للصحافيين لكن مسؤولياتها تمتد إلى نطاق أوسع، بما في ذلك مواجهة “حملات التضليل المنهجية” ضد تركيا من خلال وحدة أنشأتها المديرية العام الماضي.

وتوظف المديرية مراقبين إعلاميين ومترجمين وموظفين قانونيين وعاملين في العلاقات العامة داخل تركيا وخارجها. ولديها 48 مكتبا أجنبيا في 43 دولة حول العالم.

وقال شخص “إنه هيكل ضخم لكن القرارات يتخذها ألتون ونوابه على أعلى المستويات”.

ومن جانبه رد ألتون على كيليجدار أوغلو في سلسلة من التغريدات استخدم فيها لغة عاطفية وقال “لم تمض حتى عشرة أيام منذ أن اهتز وطننا الجميل بواحدة من أعظم الكوارث الطبيعية التي شهدها التاريخ على الإطلاق.. لقد عملنا بلا توقف منذ اللحظة الأولى للكارثة الكبرى من أجل الحفاظ على روح التضامن والوحدة التي تكاد تعيد كتابة تاريخ هذه الأمة الحبيبة”.

وأضاف “بمعرفة الروح التي خرجت بها أمتنا من كل اختبار عظيم وكيف ولدت من رمادها في كل مرة، فإننا نخوض كفاحا كبيرا لإغلاق مجال الاتصال في بلادنا أمام عناصر الحرب النفسية حتى لا نعطي فرصة لمن يهاجمون هذه الروح. مقارنة بتضحيات هذه الأمة النبيلة، فإن عملنا لا يستحق الذكر، ونحن ندرك ذلك جيدا”.

وتابع ألتون “نرى عن كثب كيف ينزعج أعداء تركيا من عملنا بينما نحارب جميع أنواع الأخبار المزيفة والاستفزاز والمعلومات المضللة، بما في ذلك تحديات العصر الجديدة. الشيء الآخر الذي لم نتفاجأ من مشاهدته ولكننا ما زلنا نشعر بالعذاب عند مشاهدته هو أنه حتى في بيئة كارثية، تحاول مجموعات معينة إضفاء الشرعية على المعلومات المضللة تحت ستار المعارضة وتحويلها إلى جهاز للحرب النفسية ضد بلدنا”.

وأشار “فوق كل هذا، نضيف أن السياسي الذي لا يشعر بالارتياح لكفاحنا ويحاول الحصول على ترشيح رئاسي من خلال هذه الكارثة العظيمة، باستهداف مديرية الاتصالات، والتي هي الوصي على مجال الاتصال في بلدنا، لديه مستوى منخفض للغاية”.

وأضاف ألتون “من المؤسف أنه في مثل هذه البيئة المروعة، يمكن لزعيم معارضة استخدام نكات يتم إنتاجها في الشارع. ونأسف لأنهم أبقوا أمتنا الحبيبة مشغولة بهذه الأجندة في مثل هذا الوقت غير العادي”.

ويقول محللون سياسيون إن أردوغان سيحتاج إلى أكبر قدر ممكن من المساعدة الإعلامية إذا أراد تمديد فترة ولايته إلى عقد ثالث لقيادة تركيا، العضو في الناتو والقوة العسكرية الإقليمية التي تقع على مفترق طرق الهجرة العالمية والتجارة والتاريخ.

وتتشارك مديرية الاتصالات مع وكالة الاستخبارات التركية لإنتاج عمليات تأثير نفسية وتأثيرية أساسها رواية دينية قومية لتعزيز شعبية أردوغان.

وأمرت الوكالة وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة بدفع نقاط الحوار الدينية بقوة، والتي عزت بشكل أساسي الخسائر الفادحة في الزلزال إلى القضاء والقدر بدلا من سوء البناء، وغياب تطبيق القانون وانتشار الفساد.

كيليجدار أوغلو: إن أردوغان ونظام الرجل الواحد هما "كارثة القرن"
كيليجدار أوغلو: إن أردوغان ونظام الرجل الواحد هما "كارثة القرن"

وأكد موقع “نورديك مونيتور” أن وكالة الاستخبارات التركية قامت بنشر النشطاء الدينيين في منطقة الزلزال وضمهم إلى فرق الإنقاذ والإغاثة. وشوهد تأثير هذه التعبئة السرية خلال جهود الإنقاذ التي تم بثها على الهواء مباشرة من قبل القنوات التلفزيونية التي تسيطر عليها الحكومة حيث أظهرت هؤلاء النشطاء يرددون عبارات دينية كلما انتشل شخصا من تحت الأنقاض.

وعلى الرغم من توجيه إنذارات متكررة من قبل المنقذين لهؤلاء النشطاء للتوقف عن ترديد الشعارات الدينية بسبب التأثير الصادم المحتمل على الضحايا في اللحظة الحرجة عندما رأوا الضوء والحشد لأول مرة بعد أيام من الانتظار المؤلم في الأماكن المظلمة والضيقة، واصل هؤلاء النشطاء ترديد شعاراتهم.

ووفقا للخطة التي وضعتها وكالة الاستخبارات فإن مثل هذا العرض العلني للشعارات الدينية من شأنه أن يثير ردود فعل غاضبة من الكتلة العلمانية. وقد نجحت الخطة وسقط العلمانيون في الفخ، وبدأوا في مناقشة الأمر، وهو ما أراد أردوغان حدوثه. ثم تلقفت سائل الإعلام التابعة لأردوغان الأمر وبدأت المذيعون في توجيه سهام النقد لمعارضي الشعارات الدينية الفجة. وساعد ذلك رجب طيب أردوغان على وقف النزيف الناجم عن الانشقاقات في قاعدته الدينية المحافظة.

5