مديرة منظمة المرأة العربية: رجال الدين مسؤولون عن مشاكل النساء

القاهرة – رغم الخطوات الواسعة التي خطتها المرأة العربية في السنوات الأخيرة على طريق نيل حقوقها الكاملة سياسيا واجتماعيا ومهنيا، لا تزال المنظمات المعنية بحقوق المرأة تشكو من ذكورية المجتمعات العربية بشكل عام. وأرجعت السفيرة ميرفت التلاوي المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، في حوار مع “العرب”، جانبا من استمرار النظرة الذكورية للمرأة العربية إلى رجال الدين الذين يقتضي دورهم توعية المجتمع بحقوق المـرأة التي كفلها الإسلام وأكرمها بها.
ورأت التلاوي أن أحوال المرأة العربية بشكل عام تنطبق عليها الحكمة الشهيرة “كلنا في الهم شرق”، لأن قوانين الأحوال الشخصية في أغلب الدول العربية تحتاج إلى إعادة نظر بما يتوافق والمعايير العصرية.
مع ذلك قالت إن الدساتير والقوانين لا تضمن حصول المرأة على حقوقها لأنها تبقى حبرا على ورق ما لم تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع، وهذا التنفيذ سيظل مرهونا بتغير ثقافة المجتمعات العربية التي تعيش تحت أسر النظرة الذكورية المتجذرة منذ عقود وربما قرون. وأكدت أنه من السهل على أي دولة عربية إنجاز أكثر من مشروع قومي، لكن من الصعب جدا تثقيف عقل واحد تربى على ثقافة مجتمعية تعادي المرأة ولا تعترف بحقوقها.
ولا تنكر التلاوي الانتفاضة النسائية التي تحققت في السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية، مثل الإمارات، والجزائر التي شغلت النساء فيها 31 بالمئة من مقاعد البرلمان، و15 بالمئة في مصر، وفي السعودية فازت 15 سيدة بعضوية مجلس الشورى، فضلا عن تعيين 5 محافظات جديدات في السودان، و8 وزيرات في موريتانيا.
لكن، كل ذلك لم يحقق رضاها ولم يصرف نظرها عن مجمل المشاكل التي لا تزال تعاني منها، مثل العنف وافتقاد المساواة المهنية إلى جانب صعوبة حصول الفتيات والنساء في المستقبل على حقهن في التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي.
من السهل عمل مشاريع قومية لكن من الصعب تثقيف عقل واحد تربى على ثقافة مجتمعية تعادي المرأة
وعن هذا الأمر قالت مديرة منظمة المرأة العربية إن نسبة تمثيل المرأة في اتخاذ القرارات لا تتجاوز 9 بالمئة، كما أن نسبة تحقيق أرباح من عملها لا تزيد عن 24 بالمئة مقارنة بالرجل، وتتفشى الأمية بنسبة 60 بالمئة بين النساء، كما أن هناك أكثر من 1.3 بليون امرأة حول العالم لا يمتلكن حسابا مصرفيا، نسبة هامة منهن من العرب بالطبع.
تظل مشكلة العنف النفسي والجسدي من أهم المشكلات التي تعاني منها المرأة العربية، والتي تتزايد يوما بعد آخر طبقا للإحصائيات الرسمية، وأدرجت منظمة المرأة العربية مناهضة العنف ضد المرأة ضمن خطة عملها في الفترة من عام 2008-2012، وخصته بعدد من الأنشطة التوعوية والبحثية.
ربطت دراسات ميدانية كثيرة بين تزايد العنف ضد المرأة وحالتها الاقتصادية، حيث تزداد النسبة بين النساء الأكثر فقرا، الأمر الذي علقت عليه التلاوي بقولها إن نسبة المرأة من إجمالي القوى العاملة لا تتجاوز 25 بالمئة، وهي نصف النسبة العالمية (50 بالمئة). وأوضحت التلاوي أن تمكين المرأة العربية اقتصاديا، ومنحها فرصا عادلة في العمل، سيحلان الكثير من مشاكلها الحياتية ويزيدان ثقتها بنفسها، لكنها اعترفت بأن نسبة السيدات العاملات في الوطن العربي في زيادة كبيرة في العقود الأخيرة.
وألمحت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية إلى أن أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لـ2030، تهتم بدراسة مشاكل المرأة التي تعول أسرتها في حالة تخلي زوجها عنها، أو إنفاقها على المنزل رغم وجوده أو عند وفاة عائلها، ووضع حلول لها.
النساء اللاجئات سيكون لهن نصيب الأسد من المشاريع مستقبلا، من خلال اكتشاف صاحبات الصناعات الحرفية والقادرات على إنتاج مشغولات تنافس بها الأسواق
وأشارت إلى أن المنظمة عملت على مساعدة المرأة المعيلة والتي تتجاوز نسبتها الـ35 بالمئة في مصر وحدها، وفي لبنان 12 بالمئة، وفي اليمن والسودان 6.22 بالمئة، طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة. ولفتت إلى جهود المنظمة المستمرة من خلال مؤتمرات عديدة نظمتها للوقوف بجوار المرأة العربية المعيلة، اقتناعا بأهمية التمكين الاقتصادي للنساء كمدخل لإعانتهن على الحياة، وإتاحة فرص عمل لهن أو إقامة مشروعات متناهية الصغر.
أشارت مدير منظمة المرأة العربية إلى أن النساء اللاجئات سيكون لهن نصيب الأسد من المشاريع مستقبلا، من خلال اكتشاف صاحبات الصناعات الحرفية والقادرات على إنتاج مشغولات تنافس بها الأسواق.
طبقا للإحصائيات التي رصدتها المفوضية السامية للاجئين والتابعة للأمم المتحدة، فإن 80 بالمئة من اللاجئين في العالم من النساء والأطفال، ربما تزداد في الوطن العربي بعد الأحداث التي شهدتها دول ما يعرف بـ”الربيع العربي” وعلى رأسها سوريا التي تعد النساء هناك أكثر اللاجئات “نكبة”.
اعترفت التلاوي لـ”العرب” بأن اللاجئات في المعسكرات يعانين مشكلات كثيرة، حيث يزداد العبء على النساء والأطفال، وقد عايشت بنفسها قصص لاجئات كثيرات فقدن عوائلهن، وأصبحت المرأة مسؤولة عن الأسرة بكاملها.
وكشفت التلاوي أن المنظمة تنوي في الفترة المقبلة إرسال فرق طبية تزور تلك المعسكرات، وتدوين أسماء المصابات بأمراض مزمنة لمساعدتهن في الحصول على الدواء وعمل اللازم لهن من عمليات جراحية وغيرها.
وقالت إن الدول العربية الأكثر مساندة للاجئين عموما، على رأسها الأردن والعراق رغم مشاكله، ولبنان الذي يشكل اللاجئون حوالي خمس سكانه، ومصر التي سمحت للاجئين السوريين بالعيش في سلام داخل المجتمع والتداخل في نسيجه.