مدونون فلسطينيون يروجون للسياحة الداخلية في زمن كورونا

صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحتفي بمسارات طبيعية وتاريخية في الضفة.
الأحد 2020/09/20
رحلة تنسي قلق الحجر

اتجهت كل الدول التي تعتمد على القطاع السياحي كمورد اقتصادي هام إلى السياحة الداخلية مع إجراءات الحجر في زمن كورونا وإغلاق منافذ السفر، وفي هذا الإطار بادر العديد من الشباب الفلسطيني إلى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تشجع الفلسطينيين على اكتشاف بلادهم.

الضفة الغربية - تروج مدونتان من مدوني السفر الفلسطينيين للسياحة المحلية في الضفة الغربية التي تعج بأماكن مقدسة للمسيحيين والمسلمين واليهود.

وتزخر مناظرها الجبلية الطبيعية بمشاهد خلابة من تلال الخليل ونابلس نزولا إلى البحر الميت شديد الملوحة وأخفض بقعة على سطح الأرض.

وتتذرع إسرائيل بمخاوف أمنية لتبرير نقاط التفتيش في منطقة مضطربة تسميها باسمها التوراتي، يهودا والسامرة.

وأملا في تبديد مخاوف الفلسطينيين الذين يتجنبون زيارة مواقع بعيدة خوفا من المحتل الإسرائيلي، أسست الصحافية ملاك حسن والمحامية بيسان الحاج حسن مدونة “أهلا فلسطين”، وهي مدونة وصفحة على موقع إنستغرام تتحدث عن المقاصد السياحية وتقدم النصائح لعشاق التنزه.

قالت بيسان (32 عاما) ” فكرة صبيتين فلسطينيتين تذهبان إلى أماكن يعتبرها اغلب الناس بعيدة أو مغلقة بسبب الاحتلال الإسرائيلي أتت لتبديد هذه المخاوف التي يعمقها المستوطنون الإسرائيليون ونبيّن للفلسطينيين أنه لا يجب أن نترك هذه الأماكن أو ننساها”.

وأضافت وهي تصور مقاطع فيديو في دير يعود للقرن التاسع عشر في قرية إرطاس جنوبي بيت لحم لنشرها على إنستغرام “لا بد أن نزور كل الأماكن في فلسطين ونثبت وجودنا فيها وهذا جزء من وجودنا، من كفاحنا كفلسطينيين”.

وتتطلب قيادة السيارة إلى قرية إرطاس من مدينة رام الله الفلسطينية عبور نقطة تفتيش إسرائيلية واحدة على الأقل والالتفاف على عدة نقاط أخرى وهو مسار بطول حوالي 50 كيلومترا، ومن دون القيود كان سيبلغ نحو نصف المسافة تقريبا.

مواقع تاريخية لا يعرفها الفلسطينيون
مواقع تاريخية لا يعرفها الفلسطينيون

وتوضح صفحة المدونتين على إنستغرام عشرات الأماكن بما فيها العديد من ينابيع الماء عند منحدرات التلال التي يقبل عليها الفلسطينيون والإسرائيليون على السواء.

واجتذبت مدونة الفتاتين أكثر من 5600 متابع منذ إطلاقها في مايو، وتقول الفتاتان، إن هدف المدونة جزئيا هو تعريف الفلسطينيين بمقاصد سياحية محلية خلال الفترة التي تشهد قيودا على السياحة العالمية.

وقالت ملاك (31 عاما) بلهجتها الفلسطينية الأصيلة “يعني أي مكان منروح عليه منسمع برضه من المالكين للمكان أو المكان السياحي إنه عم بجينا كتير ناس من خلالكم، فحسيت إنه إحنا زي ما تقول عبينا فجوة كانت موجودة ع إنستغرام ووسائل التواصل الاجتماعي لتغطية الأماكن المميزة في فلسطين”.

مبادرة “اهلا فلسطين” ليست الوحيدة التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنذ تفشي وباء كورونا في الربيع الماضي، وما تلته من إجراءات للتباعد ومنع الحركة، بدأ الناس يبحثون عن أماكن طبيعية تخرجهم من الضغوطات النفسية التي يمرون بها.

و أنشأ الصحافي أمير أبوعرام من مدينة رام الله، صفحة على الفيسبوك تحمل عنوان “وين نروح في الضفة”، مؤكدا أن الجائحة وما رافقها من إغلاق للمطارات ومنع التنقل بين الدول، عززت السياحة الداخلية المحلية.

وقال، “تزخر الضفة الغربية التي تمتاز بتنوعها المناخي بالعديد من المواقع الأثرية والسياحية”، مشيرا إلى أن الكثير من المناطق الجميلة في الضفة خاصة التي تضم الأحراش كمنطقة المسعودية قرب نابلس وأم صفا في رام الله وينابيع المياه كعين فارة في القدس، لا تبدو معروفة لجميع المواطنين، رغم جمالها اللافت وأقدميتها التي تضرب في جذور التاريخ.

ومنذ فترة بدأ شباب فلسطينيون في تنظيم مسارات سياحية من خلال موقع الفيسبوك، أطلقوا عليها مسميات مختلفة، منها: تجوال سفر، امش واتعرف على بلدك، مسار، فرسان الأرض، رحال، الحق في الحركة، درب الزيتون، وغيرها من المجموعات التي تنشط في تنظيم المسارات السياحية.

الضفة الغربية تعج بأماكن مقدسة للمسيحيين والمسلمين واليهود وتزخر بمناطق طبيعية خلابة من تلال الخليل ونابلس نزولا إلى البحر الميت
الضفة الغربية تعج بأماكن مقدسة للمسيحيين والمسلمين واليهود وتزخر بمناطق طبيعية خلابة من تلال الخليل ونابلس نزولا إلى البحر الميت

ومن الأسباب التي شجعت هؤلاء الشباب على مسارات المشي زيادة وعي هؤلاء بأهمية المحافظة على الأرض في وجه التوسع الاستعماري الإسرائيلي، عدا عن الأسباب الترفيهية وللتعرف على المناطق والأرياف، والبعض بات يعتمد على المسارات كنمط اقتصادي مربح.

وقال مدير عام السياحة الداخلية في وزارة السياحة أحمد نعيرات، إن عدد المسارات في فلسطين غير محصور حتى الآن، لأن الناشطون بها يعملون على وضع معايير محددة، حتى يتم تصنيف كل مسار على أنه مسار مرخص.

ويوضح بأن هذه المعايير التي يتم العمل بها، تشترط في المسار أن يحتوي على مقومات الجذب السياحي، وأن يتوفر في المسار التنوع البيئي، مؤكدا أن لديهم الآن 30 مسارا معتمدا على الأرض، وتم إصدار كتاب باسم “دليل المسارات الطبيعية”، ويحتوي على تفاصيل هذه المسارات.

وهذه المسارات المعتمدة تشمل المسارات الدينية والصوفية، والمسارات الطبيعية، وهي بالمجمل مسارات سياحية تدعم حركة السياحة الداخلية.

وتنتشر المسارات على مختلف أراضي السلطة الفلسطينية، ويوجد منها 29 مسارا في الضفة الغربية والقدس وفي المناطق المصنفة “ب” و”ج”، ومسار سياحي واحد في قطاع غزة وهو المسار الساحلي الوحيد في فلسطين.

وحول وجود مرشدين على دراية وخبرة بهذه المسارات، قال نعيرات إنهم يقومون بترخيص أدلاء وخبراء سياحيين، ويقومون بتدريب مجموعة من الأدلاء السياحيين والبيئيين.

وتطلب وزارة السياحة من كل المجموعات الشبابية اعتماد الدليل السياحي المحلي في كل منطقة.

وفي مبادرة أخرى، قام المغامر الفلسطيني جون عتيق بتأسيس موقع إلكتروني متخصص بالمسارات الطبيعية في فلسطين يحتوي على 63 مسارا.

ويقول عتيق، إن هذه المسارات مخصصة للمشي على الأقدام في مختلف المناطق، وليست معتمدة بالضرورة من قبل وزارة السياحة، إلا أنها تحتوي على المسارات الرسمية، وبإمكان أي شخص إضافة أي مسار جيد على الموقع الإلكتروني، ومن ثم تجري عملية مراجعة وتدقيق لهذا المسار قبل نشره على الموقع.

Thumbnail
16