مداهمة المخيمات تجنب إسرائيل مواجهة أوسع مع الفلسطنيين

باتباع إسرائيل سياسة المداهمة النشطة للمخيمات في الضفة الغربية تلاشت المخاوف من مواجهة شاملة مع الفلسطينيين على وقع التوترات في الضفة. ويقول مراقبون إن تراجع دور السلطة الفلسطينية في حفظ الأمن داخل المخيمات يقدم لتل أبيب مبررا للمداهمات.
رام الله – وجدت إسرائيل في مهاجمة مخيمات الضفة الغربية، حيث ارتخت قبضة السلطة الفلسطينية الأمنية، سبيلا لتجنب مواجهة أوسع مع الفلسطينيين.
وبعد المداهمات الأمنية لمخيم جنين الذي يحتضن النسبة الأكبر من المسلحين الفلسطينيين بات مخيم نور شمس، الأقل تسليحا وعتادا، في مرمى المداهمات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وأطلقت إسرائيل في الثالث من يوليو المنقضي عملية عسكرية في جنين ومخيمها هي الأكبر منذ عشرين عاما، استمرت نحو 48 ساعة واستخدمت فيها مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية، ما أسفر عن مقتل 12 فلسطينيا وإصابة نحو 140 آخرين.
ووسط مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية يتخوف السكان من تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة تشبه ما جرى بمدينة جنين ومخيمها (شمال).
ونفذت إسرائيل في الرابع والعشرين من يوليو عملية عسكرية في مخيم نور شمس استمرت نحو 6 ساعات، وخلفت دمارا كبيرا في البنية التحتية والمنازل، بالإضافة إلى اعتقال عدد من سكانه، لكنها واجهت مقاومة كبيرة استُخدم فيها الرصاص الحي والعبوات المتفجرة.
وينشط في مخيم نور شمس مسلحون من مختلف الفصائل الفلسطينية، لكن غالبيتهم يتبعون حركة الجهاد الإسلامي. ويقول سليمان الزهيري، القائم بأعمال رئيس مجلس أمناء جامعة خضوري (حكومية في طولكرم)، إن “إسرائيل تعيد تجربة مخيم جنين هنا في نور شمس”.
ويضيف الزهيري أن “لدى السكان مخاوف حقيقية من قيام الجيش الإسرائيلي بعملية عسكرية واسعة في مخيم نور شمس، وفي الأشهر الأخيرة ينفذ الجيش عمليات عسكرية في المخيم، ويعتقل ويصيب ويقتل”. ومتحدثا عن “الحالة الوطنية” في المخيم، شدد على أن “هناك تشابها وتكاملا بين مخيمي جنين ونور شمس”.
وأوضح أن “أصل السكان في المخيمين من منطقة حيفا بالداخل (أراضي 1948)، وعقب النكبة سكن أهالي المخيم منطقة جنزور قرب جنين حتى عام 1951، ثم انقسموا بين جنين ونور شمس، لذلك هناك قرابة بين العائلات وعلاقات نسب، حتى إننا نرى هناك تكاملا في المقاومة بين جنين ونور شمس”.
ويبلغ عدد سكان مخيم نور شمس نحو 11 ألف نسمة، يعيشون في مساحة لا تتعدى 232 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع). وليلا، تُغلق كافة مداخل مخيم نور شمس بحواجز حديدية، وينصب مسلحون الكمائن، وفي النهار ينتشر مسلحون في شوارع المخيم وأزقته.
وغالبية المسلحين من “كتيبة نور شمس” التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، لكن مسلحين من فصائل أخرى يشاركون في التصدي لأي اقتحام إسرائيلي. وفي يوليو الماضي، فجّر مسلحون عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس.
وتقول كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) إن “مقاتليها ينشطون في المخيم، ويتصدون لاقتحام الجيش الإسرائيلي مستخدمين عبوات ناسفة”.
اقرأ أيضا:
وفي الثالث من أغسطس الجاري، نشرت الكتائب على تلغرام مقطعا مصورا يظهر مجموعة من مقاتليها في أزقة نور شمس، وعنونته بـ”أبطال كتائبنا المظفرة في كل مكان ينتظرون الإشارة”. وهذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها كتائب القسام رسميا عن مقاتليها في مخيم نور شمس.
ونددت المجموعات المسلحة والفصائل الفلسطينية في مخيم جنين بما وصفته بأنه “سياسة الاغتيالات الجوية الإسرائيلية”، مؤكدة أن استمرار هذه السياسة يوسع المواجهة الميدانية وينقلها إلى مستويات أعنف مستقبلا.
ويقول الصحافي الإسرائيلي المختص بالشأن العسكري إيال عليمة “الجيش الإسرائيلي فضل استخدام الطائرة المسيّرة في اغتيال الخلية المسلحة، ليقول إنه طور من قدراته الاستخباراتية والعسكرية في مراقبة الخلايا واتخاذ القرارات والاستهداف في ساعة الصفر”.
وأضاف “لا أعتقد أن يتم اعتماد القصف الجوي للاغتيالات مستقبلا، ولا توجد حاجة إلى شن الجيش الإسرائيلي عملية كبيرة في الضفة الغربية في ظل إحكام قبضته عليها بشكل كامل، العمليات العسكرية المحدودة ستستمر بشكل يومي”.
وتصاعد العنف في الضفة الغربية منذ العام الماضي مع تكثيف المداهمات الإسرائيلية والهجمات التي يشنها فلسطينيون على إسرائيليين في الشوارع. وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوات الأمن، وقال إن إسرائيل “ستواصل العمل، في أي مكان وفي أي وقت، ضد أولئك الذين يسعون لمهاجمتنا”.