مخيم جنين بؤرة توتر متصاعد بين الإسرائيليين والفلسطينيين

رام الله - ينذر التصعيد الإسرائيلي في جنين بتوسع دائرة المواجهة مع الفلسطينيين، وسط مساع أميركية لتهدئة العنف، فيما يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد جولة شرق أوسطية تشمل مصر وإسرائيل وفلسطين بهدف تهدئة التوتر بين إسرائيل وفلسطين.
والخميس أوعز رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي برفع “مستوى التأهب” لدى القوات بعد عملية عسكرية بمخيم جنين شمالي الضفة الغربية أدت إلى قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 9 فلسطينيين وإصابة 20 آخرين بينهم 4 حالات حرجة خلال الاقتحام الإسرائيلي الذي استمر لعدة ساعات للمخيم.
وبذلك يرتفع إلى 29 عدد الفلسطينيين بين مدنيين وأعضاء في تنظيمات مسلّحة الذين قتلوا منذ بداية السنة برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه كان يحاول اعتقال خلية مسلحة تنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي مكونة من ثلاثة شبان تتحصن في منزل بمخيم جنين، متهماً إياها “بالتورط في تنفيذ هجمات مسلحة، والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية كبيرة”.
لكن المسلحين في المخيم المنتمين إلى شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وسرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي وكتائب القسام التابعة لحركة حماس خاضوا اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي.
وفي قطاع غزة، قال عضو بارز في حركة الجهاد الإسلامي فضل عدم ذكر اسمه “إن حركة الجهاد أبلغت مصر بأن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه والمجزرة في جنين ستفتح الباب أمام معركة مفتوحة يتحمل الاحتلال مسؤولية تبعاتها”.
ومن جهته قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري إن “الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفذها في جنين ومخيمها صباح اليوم، ورد المقاومة لن يتأخر”.
ووفق مراقبين فلسطينيين يعد اقتحام مخيم جنين اليوم الأكبر منذ تكثيف الجيش الإسرائيلي لاقتحاماته شبه اليومية لمدن وقرى فلسطينية في الضفة الغربية منذ أشهر.
وتشكل مخيمات اللاجئين في جنين منذ إقامتها مصدر قلق لإسرائيل، خاصة مخيم جنين الذي تحوّل بالنسبة إلى الفلسطينيين إلى رمز للمقاومة.
وتقول صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن “مخيم جنين لا يسبب حرجا فقط لإسرائيل بل للسلطة الفلسطينية نفسها التي لم تستطع حتى الآن فرض سيطرتها عليه”.
وتشير في تقرير إلى أن “تعاظم قوة المسلحين في مخيم جنين كان سببه اتساع رقعة الاتجار بالسلاح من إسرائيل إلى الضفة الغربية من خلال ثغرات في جدار الفصل”، وزعمت أن غالبية السلاح دخلت إليه من مدينة أم الفحم.
ووصفت الصحيفة المخيم بأنه “قنبلة موقوتة” و”غزة جديدة”، بعد أن فهم المسلحون فيه آليات العمل الإسرائيلية واستنسخوا تجارب القطاع المحاصر.
وزارة الصحة الفلسطينية تعلن مقتل 9 فلسطينيين وإصابة 20 آخرين بينهم 4 حالات حرجة خلال الاقتحام الإسرائيلي
وبينت أن “الفصائل الفلسطينية وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي تجري تدريبات عسكرية لعناصرها في المخيم، كما تواجه قوات الجيش الإسرائيلي التي تحاول دخوله مقاومة من خلال إطلاق النار ونصب العبوات المتفجرة، وهو ما لا يجرى بمثل هذا الشكل في أي مخيم آخر بالضفة الغربية”.
ويعرف مخيم جنين بصلابته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، حيث خاض معارك ضارية ضده.
وتشهد الضفة الغربية منذ أشهر تطورا لافتا في بروز مجموعات مسلحة غير تقليدية تنشط في شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية وتكتسب زخما شعبيا متصاعدا.
وبينما تركزت عمليات تلك المجموعات في جنين ونابلس في شمال الضفة الغربية، فإنها سرعان ما انتقلت إلى مناطق أخرى بنفس الحدة تقريبا سواء في الخليل جنوب الضفة أو رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية.
وأبرز هذه المجموعات كتيبة جنين التي نشأت في جنين، وعرين الأسود ومقرها في نابلس، والأخيرة حظيت بالتفاف شعبي واسع النطاق حولها.
ويقول الكاتب الإسرائيلي إليور ليفي إن مدينة جنين هي “غزة المصغرة التي تؤدي استعراضات عسكرية تهدف إلى ترهيب إسرائيل”.
وأضاف في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “الهالة المحلية للمسلحين عند الجمهور الفلسطيني قد تلاشت على مر السنين، لكن إرث المخيم لا يزال قائما”.