مخطوطات عربية وإسلامية نادرة في معرض سعودي

تزخر الحضارة العربية والإسلامية بالعديدة من الإنتاجات الأدبية والفكرية التي كتبها مؤلفون عظماء في مختلف الفنون والعلوم، حتى أنها صارت في عصرنا الحالي مخطوطات نادرة، نحتفي بها ونسعى للحفاظ عليها بالطرق المناسبة، وعرضها في متاحف تتيح للعرب والمسلمين في الحاضر الاطلاع على أمجاد الأجداد والتعلم منها.
الرياض - ينظّم متحف الفيصل للفن العربي الإسلامي بالرياض معرض أسفار المتخصص في التعريف بنوادر مقتنيات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
ويهدف هذا المعرض الذي افتتح في السابع والعشرين من فبراير الماضي، ويُقام تحت رعاية الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل سعود، إلى تسليط الضوء على مجموعة من المقتنيات الفريدة والنادرة التي يمتلكها مركز الملك فيصل لإبراز قيمتها الثقافية والتراثية والحضارية، وكذلك التعريف بدور المركز في نشر المعرفة، والاهتمام بالنوادر والمآثر الفكرية الثرية من المخطوطات والوثائق، وإتاحتها للباحثين والمختصين من مختلف دول العالم.
وأوضح الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تركي بن محمد الشويعر أن مركز الملك فيصل يمتلك أكثر من 28 ألفا وخمس مئة مخطوطة من المخطوطات العربية والإسلامية الأصلية التي تتميز بالندرة والتفرد.
وبيّن الشويعر أن متحف الفيصل للفن العربي الإسلامي يضم 6 مجموعات متحفية متميزة هي: مجموعة الملك فيصل، ومجموعة الفن العربي الإسلامي، ومجموعة العملات والمسكوكات، ووحدة الذاكرة السعودية، ومجموعة الفنون التشكيلية، ومجموعة تاريخ المركز.
وأشار إلى أن معرض “أسفار” المقام حالياً في المتحف يهدف إلى التعريف بكنوز المخطوطات والمطبوعات التي يمتلكها المركز من خلال تسليط الضوء على أقدمها وأندرها، وتوعية الجمهور بأهميتها؛ حيث يعد المتحف منذ تأسيسه معرضًا متغيرًا يتجدد من دورة إلى أخرى ليقدم في كل مرة مجموعة مختلفة من الكنوز التراثية النادرة كان آخرها معرض “وهج” الموجود افتراضيًا على الموقع الإلكتروني للمركز، والذي يُبرز اهتمام البلاد الإسلامية في مختلف مراحلها بالكتب والكتابة وفن الزخرفة ويعنى خصيصا بإظهار فن التَّذْهِيب في مُخْتَلَف المَخْطوطاتِ الإسلامية لِيُقَدِّم تَجْرِبة جمالية من نوع خاص.
وأوضح الشويعر أن هذا المعرض يأتي في سياق اهتمام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالتراث العربي والإسلامي، والتعريف بدوره الثقافي في المحافظة على المخطوطات والوثائق الفريدة والنادرة، وتعميم الإفادة العلمية من ذلك وإتاحتها للباحثين والمختصين في مجالات التاريخ والتراث من مختلف دول العالم، مشيرا إلى أن المركز اختار 36 مخطوطة ومطبوعة نادرة من بين الكنوز التراثية التي يمتلكها، وقد صنفت وقسمت إلى 6 أقسام لتسهيل عملية العرض المتحفي وتوصيل رسالة المعرض بأساليب عرض علمية ومتطورة.
وشدد على أن زيارة المعرض تُعد فرصة ثمينة للمتخصصين والمهتمين بكنوز التراث العربي والإسلامي. واختير للمعرض عنوان “أسفار” ومفردها “سِفْر” وهي لفظة قرآنية ومن معانيها الكتاب الكبير.
ومن المخطوطات المعروضة للزوار مخطوطة نادرة لكتاب “كليلة ودمنة” الذي ترجمة عبدالله بن المقفَّع (توفي 759م)، ويُعتقد أن هذه النسخة التي كتبها محمد بن علي الحنفي هي ثانية أقدم النسخ المحفوظة في العالم، ونسخة من القرآن كُتبت في القرن الرابع عشر، القاهرة. وهي نسخة من المصاحف المملوكية، عليها وقفيّة حَدَق أو الستّ مِسْكَة، مربّية السلطان الناصر محمد بن قلاوون ومُعْتَقَة والده، أوقفته في مسجدها بالقاهرة.
ويعرض المتحف أيضا مخطوطة لكتاب “وصف مصر” الذي طُبع سنة 1809 في باريس، ويعدّ إحدى النسخ الخمس من الطبعة الأولى (الطبعة الإمبراطوريّة)، وهي موسوعة مصوّرة تخصّ مصر، من تأليف مجموعة من العلماء بأمر نابليون بونابرت بعد حملته على مصر (1798 – 1801).
ويُعد مركز الملك فيصل منذ تأسيسه في عام 1983 منبراً علمياً وفكرياً وثقافياً يسعى، إلى جانب اهتمامه بالتراث العربي والإسلامي، لتبادل المعارف الإنسانية والعلوم المختلفة بين المملكة العربية السعودية وبقية مناطق العالم، وذلك من خلال إنتاج الكتب التراثية والثقافية، والاهتمام بالتراجم، بالإضافة إلى إصدار المجلات الثقافية والمتخصصة، وإنتاج البحوث العلمية الأصيلة في مجالات الدراسات الأكاديمية والعلوم الاجتماعية والتراث العربي والإسلامي.
كما يوفر المركز منصةً للباحثين والمؤسسات البحثية المحلية والإقليمية والعالمية، من أجل تبادل المناقشات الفكرية والحوارات الثقافية، وتداول الدراسات الجادة، ونشرها على نطاق واسع لتعميم فوائدها العلمية والثقافية، وهو يضم حالياً نحو 178 ألف مخطوطة أصلية ومصورة تتميز جميعها بالندرة والتفرد والقيمة التراثية الرفيعة التي تشكّل جزءاً مهماً من منجز التراث الإنساني بشكل عام.
