مخطط للإطاحة بقاضي التحقيق في انفجار بيروت بدفع من حزب الله

مصدر قضائي يؤكد أن طارق البيطار فوجئ بخطة تعيين قاض ثان في انفجار مرفأ بيروت واعتبرها "غير قانونية"، مضيفا أنه أكد عدم تنحيه عن دوره ويحرص على العودة للتحقيق بشكل كامل.
الأربعاء 2022/09/07
لماذا يخشى حزب الله من قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت؟

بيروت - قالت مصادر لبنانية إن السلطة القضائية تفكر في تعيين قاض ثان لمباشرة ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي تعثر بسبب التدخلات السياسية، في بلد يكابد في مواجهة استشراء ظاهرة الإفلات من العقاب والتدخلات السياسية.

ويبدو أن حزب الله اللبناني نجح أولا في تعطيل التحقيقات من خلال رفض الوزراء السابقين المقربين منه المثول أمام قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ورفعهم دعاوى قضائية تشكك في أهلية طارق البيطار. وثانيا بالضغط على وزارة العدل لتعيين قاض ثان، ما يمهد لتحجيم دور البيطار أو استبعاده بشكل رسمي لتجاوزه ما يعتبره الحزب الموالي لإيران، خطوطا حمراء.

وتسلط هذه التطورات الضوء على الانقسامات العميقة بشأن الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين عن مأساة أودت بحياة أكثر من 220 شخصا ودمرت مباني ومتاجر واسعة في محيط المرفأ.

وتحقيق القاضي طارق البيطار في انفجار عام 2020، الذي سوّى أجزاء من المدينة بالأرض عندما انفجرت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ، لا يزال عالقا منذ أواخر عام 2021 بسبب دعاوى رفعها سياسيون كبار سعى إلى استجوابهم، بينهم وزراء سابقون مقربون من حزب الله الموالي لإيران.

وكان حزب الله قد اتهم البيطار بالعمل في "خدمة أهداف سياسية"، مشددا على أنه لا يمكن أن يستمر في منصبه وأن تعيينه للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت "خطأ كبير جدا ولا يجب أن يستمر بهذا الشكل ولا أن يستمر في الأيام القادمة".

وعطلت دعاوى قضائية رفعها الوزراء السابقون المشمولون بالتحقيق عمل البيطار، وأدى ذلك إلى عدم قدرته على استدعاء المشتبه بهم أو توجيه اتهامات إليهم، كما أن الأفراد الذين احتُجزوا بعد الانفجار ثم برئت ساحتهم ما زالوا قيد الاحتجاز.

وطلب وزير العدل هنري خوري في الرسالة المؤرخة يوم الاثنين من مجلس القضاء الأعلى في البلاد، مناقشة تكليف محقق قضائي "لمباشرة الأمور العاجلة والضرورية في قضية انفجار مرفأ بيروت".

وبحسب نسخة من الرسالة سيبقى القاضي الثانوي في منصبه "طالما أن المحقق الأصلي لا يمكنه تنفيذ مهامه بما في ذلك طلبات الإفراج"، مشيرة إلى تدهور صحة بعض المحتجزين باعتباره الدافع وراء تقديم الطلب.

وقال مصدر قضائي رفيع إن مجلس القضاء وافق، وإن خوري سيقترح الآن مرشحا واحدا أو أكثر، مضيفا أن القاضي الجديد لن يكون مفوضا بتوجيه اتهامات.

وقال مصدر قضائي ثان إن البيطار فوجئ بالخطوة التي اعتبرها "غير قانونية" وإنه لن يتنحى عن دوره ويحرص على العودة للتحقيق بشكل كامل.

وغالبا ما يخضع القضاة لتأثير النخبة الحاكمة في لبنان، حيث أدى تقسيم السلطة على أسس طائفية إلى إغراق البلاد في أسوأ أزمة سياسية واقتصادية منذ عقود.

واحتج البعض من أقارب ضحايا الانفجار على الخطة أمام وزارة العدل اليوم الأربعاء، واتهموا السياسيين بالتلاعب بالتحقيق عبر إبقائه معلقا وإطلاق سراح بعض المحتجزين.

وقالت ميراي خوري التي قُتل ابنها إلياس في الانفجار "يا عيب الشوم على كل حدا بموقع مسؤولية... على كل مسؤول، كل قاضي بيجرب يلعب هيدي اللعبة"، مضيفة "نحن موقوفين ومسجونين للأبد... أنا حبسي كثير أكبر من الموقوفين.. الموقوفين راح يظهروا يشوفوا أولادهم...أنا شو؟ أنا حبسي، حزني. أنا محبوسة للأبد بهذه الحياة لأن ما عندي الخيار، أنا ميتة عايشة".

وشجبت مجموعة من المشرعين المستقلين الخطوة، مشيرة إلى "انتهاكات جسيمة" للعملية القضائية، وقالت إن الهدف منها توجيه "ضربة قاضية" لدور البيطار، وفقا لما جاء في بيان.

ودعا الثلاثاء نائبان في البرلمان من التيار الوطني الحر، وهو حزب مسيحي بارز أسسه الرئيس ميشال عون، علانية إلى الإفراج عن المعتقلين الذين لم يعودوا يعتبرون أطرافا في الانفجار.

ويعبّر أهالي ضحايا التفجير في كل مظاهرة ينظمونها عن خيبة أملهم، ويعتقدون أن ثمة تدخلات سياسية لوأد الحقيقة وإفلات الجناة من العقاب.