مخاوف من تجدد العنف خلال مراسم تنصيب بايدن

ترامب وبنس يتّحدان في مواجهة الديمقراطيين.
الأربعاء 2021/01/13
معا لآخر رمق

واشنطن - ازدادت المخاوف من وقوع أعمال عنف جديدة خلال حفل تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير في واشنطن، مع إعلان وزير الأمن الداخلي بالوكالة تشاد وولف الاثنين استقالته في خطوة مفاجئة.

ويغادر وولف منصبه بعد خمسة أيام على قيام حشد من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب باقتحام مبنى الكابيتول لمقاطعة جلسة المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات.

ووصف الوزير بالوكالة الهجوم الذي تسبب بمقتل خمسة أشخاص بأنه “مأساوي ومثير للاشمئزاز”، في وقت يكثف فيه المسؤولون المحليون وقوات الأمن الجهود لمنع وقوع أعمال عنف جديدة.

وتشرف وزارة الأمن الداخلي على عدد من قوات إنفاذ القانون ومن بينها الجهاز السري المكلف بضمان أمن البيت الأبيض والرئيس.

وأوضح وولف أنه استقال لأسباب إجرائية وعيّن مدير الوكالة الفيدرالية للأوضاع الطارئة بيت غاينور ليحل محله. غير أن هذه الخطوة لم تضع حدا للتساؤلات بشأن أمن العاصمة الفيدرالية خلال الأسبوع المقبل؟

وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف.بي.آي” في وثيقة داخلية من أن أنصارا لترامب يخططون للقيام بتظاهرات مسلحة في الولايات الخمسين خلال الفترة الممتدة من نهاية الأسبوع إلى موعد أداء بايدن اليمين الدستورية، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام.

وأعلن البيت الأبيض في بيان أن ترامب “حالة طوارئ في واشنطن دي سي وأمر بمساعدة فيدرالية لمساندة جهود واشنطن للاستجابة للظروف الطارئة الناتجة عن مراسم تنصيب الرئيس التاسع والأربعين من 11 يناير إلى 24 يناير 2021”.

وجاء في البيان أن الأمر أعطى وزارة الأمن الداخلي الصلاحية للتحرك “من أجل إنقاذ أرواح وحماية الممتلكات والصحة والسلامة العامة وخفض أو تفادي مخاطر وقوع كارثة في قطاع كولومبيا”.

وفي هذه الأثناء واصل المسؤولون الفيدراليون والمحليون تبادل الاتهامات بشأن مسؤولية الأحداث التي شهدتها واشنطن الأربعاء، حين فشلت الشرطة في صد الآلاف من المتظاهرين.

وذكر البنتاغون الاثنين أنه سمح بنشر 15 ألف عنصر من الحرس الوطني خلال مراسم تنصيب بايدن.

وقال رئيس مكتب الحرس الوطني في وزارة الدفاع الجنرال دانيال هوكانسون إنه إضافة إلى 6200 عنصر ينتشرون حاليا في واشنطن، سيتم إرسال تعزيزات من حوالي عشرة آلاف عنصر بحلول نهاية الأسبوع.

وأضاف أنه من الممكن أن يؤازرهم حوالي خمسة آلاف عنصر من الجيش بحلول يوم التنصيب في 20 يناير الجاري، ليصبح إجمالي عدد العناصر الذين سيؤمّنون هذه المراسم 15 ألف عسكري.

وأوضح أن هذه القوات ستجهّز بمعدات وأسلحة مكافحة الشغب، غير أنه لم يسمح لها حتى الآن بحمل أسلحة في شوارع العاصمة الفيدرالية.

وقبل إعلان استقالته، أمر وولف بتسريع تحضيرات الجهاز السري، محذرا من “أحداث الأسبوع الماضي والمشهد الأمني المتبدّل”.

أنصار ترامب يخططون للقيام بتظاهرات مسلحة في الولايات الخمسين مع اقتراب موعد أداء بايدن اليمين الدستورية

وتتقدم التحضيرات للمراسم بوتيرة سريعة ولاسيما مع إقامة سياج أمني حول محيط مبنى الكابيتول حيث سيؤدي بايدن اليمين الدستورية خلفا لترامب.

وإزاء مخاطر وقوع أعمال عنف وكذلك مخاطر انتشار فايروس كورونا المستجد الذي أودى بأكثر من 375 ألف شخص في الولايات المتحدة، دعت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر أنصار بايدن إلى تفادي القدوم إلى العاصمة يوم تنصيب الرئيس الجديد.

ويتقاطر مئات الآلاف من الأميركيين عادة إلى واشنطن كل أربع سنوات لحضور تنصيب رئيس جديد.

وقالت باوزر “نطلب من الأميركيين عدم القدوم إلى واشنطن لحفل تنصيب الرئيس التاسع والأربعين في 20 يناير، وعوضا عن ذلك المشاركة عبر الإنترنت”.

وأوضحت خلال مؤتمر صحافي الاثنين أنّها طلبت من ترامب أن يعلن بصورة مسبقة حالة الطوارئ في واشنطن بمناسبة حفل التنصيب لكي تتمكّن سلطات العاصمة من استخدام أموال فيدرالية لتأمين الاحتياجات الأمنية.

وأضافت أنّها طلبت أيضا من وزارة الأمن الداخلي تمديد فترة الطوارئ لما بعد أداء اليمين وإلغاء جميع تراخيص التجمعات خلال هذه الفترة.

وسيؤدي بايدن اليمين الدستورية عند مبنى الكابيتول أمام جدة “ناشونال مول” التي ستمتلئ بالأعلام الأميركية بدلا من الحشود التي تتجمع فيها عادة.

وبعد ذلك يتوجه بايدن مع ثلاثة من أسلافه السابقين هم باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج بوش الابن إلى مقبرة آرلينغتون الوطنية ليضع إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول.

ويواجه الرئيس الديمقراطي المقبل مهمة صعبة تقضي بتضميد جراح بلد يعاني أزمة صحية واقتصادية ويشهد انقساما حادا وتوترا عرقيا.

وتجري التحضيرات لانتقال السلطة في وقت يسعى فيه الديمقراطيون لعزل ترامب ولو قبل أيام من انتهاء ولايته، لاتهامه بالوقوف خلف “حركة التمرد” و”محاولة الانقلاب” الأسبوع الماضي.

وأبلغ الرئيس المنتهية ولايته أنه لن يحضر المراسم،  واصفا محاولات عزله بأنها “سخيفة للغاية”، محذرا من إمكانية أن “تسبّب غضبا عارما”.

وفي خضم الأيام الثمانية العاصفة التي تسبق انتهاء ولايته، التقى ترامب مساء الاثنين نائبه مايك بنس الذي قرر على ما يبدو تشكيل جبهة مشتركة معه في الوقت الحالي ضد الديمقراطيين، رافضا الدعوة إلى عزله استنادا إلى التعديل الخامس والعشرين الذي ينص عليه الدستور.

وأعلن مسؤول أميركي أن الرجلين اللذين عقدا أول لقاء بينهما منذ خلافاتهما وأعمال العنف في مبنى الكابيتول الأربعاء الماضي، أجريا “محادثة جيّدة”.

وجاء هذا اللقاء الذي عقد بعيدا عن الكاميرات بعد يوم مكثف من العمل في الكونغرس، حيث مضى الديمقراطيون في اتجاه فتح إجراء عزل ثانٍ بحق الرئيس المنتهية ولايته بتهمة “التحريض على العنف” الذي شهدته العاصمة الفيدرالية.

وقال المسؤول الأميركي، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن ترامب وبنس “تعهّدا بمواصلة عملهما في سبيل البلاد حتى نهاية ولايتهما”.

وعمليا فهذا يعني أن ترامب لا يعتزم الاستقالة قبل انتهاء ولايته في 20 يناير الجاري، موعد تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة. كما يؤكد أيضا أن بنس لا يعتزم من جهته تنحية الرئيس بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور الذي يجيز لنائب الرئيس بالاتفاق مع أغلبية أعضاء الحكومة تنحية الرئيس إذا ما ارتأوا أنّه “غير أهل لتحمل أعباء منصبه”.

ووفقا للمسؤول نفسه، فإنّ ترامب وبنس “جددا التأكيد على أنّ أولئك الذين انتهكوا القانون واقتحموا الكابيتول الأسبوع الماضي لا يمثّلون حركة ‘أميركا أولا’ التي يدعمها 75 مليون أميركي”.

وإذا كان هذا اللقاء أدى إلى خفض التوتر بين الرئيس المنتهية ولايته ونائبه، إلا أن الملياردير الجمهوري (74 عاما) يبقى مهددا بعقوبة قد تطبع مستقبله السياسي وتدخل تاريخ الولايات المتحدة. فقد يصبح ترامب أول رئيس أميركي يواجه مرتين نص اتهام في الكونغرس ضمن إجراء عزل.

وسينظر الكونغرس في نص الاتهام الأربعاء على أن يُجري تصويتا في اليوم نفسه. ومن المتوقع أن يتم تبني النص بسهولة إذ يدعمه عدد كبير من الديمقراطيين في مجلس النواب. وهذا يعني فتح إجراء عزل ثانٍ بحق الرئيس الأميركي.

لكن الشك يبقى محيطا بمسار ونتيجة المحاكمة التي يفترض أن تجري لاحقا في مجلس الشيوخ والذي يتكون حاليا من غالبية جمهورية.

وسيكون الديمقراطيون بحاجة إلى جمع أصوات العديد من الجمهوريين من أجل بلوغ نصاب الثلثين المطلوبة لإدانة الرئيس. وتحتاج الإدانة في مجلس الشيوخ إلى تصويت ثلثي الأعضاء بالموافقة، الأمر الذي يعني أنه سيتعين انشقاق ما لا يقل عن 17 جمهوريا عن الرئيس الذي أحكم السيطرة على حزبه طيلة الأعوام الأربعة التي قضاها في السلطة.

وأكد زعماء ديمقراطيون أنه إذا لم يقدم ترامب استقالته أو لم يتحرك بنس بحلول الأربعاء فإنهم سيطرحون إجراءات مساءلة الرئيس في مجلس النواب، بعد أسبوع واحد من أعمال الشغب التي أجبرت أعضاء الكونغرس على الاختباء لساعات وأودت بحياة خمسة بينهم ضابط في الشرطة.

5