مخاوف كورونا تربك السياحة المصرية

اتسعت مخاوف انهيار النشاط السياحي في مصر بسبب مخاوف من خروج تفشي فايروس كورونا عن السيطرة، بعد انحسار أعداد الزوار القادمين من الصين ومنع دول خليجية مواطنيها من السفر إلى البلاد وتقييد رحلات الطيران من دول أوروبية، الأمر الذي ينذر بركود القطاع السياحي، الذي يعتبر أحد أبرز أعمدة الاقتصاد المصري.
القاهرة- بدأت أعراض تأثر السياحة المصرية بانتشار فايروس كورونا المستجد تظهر بوضوح بعد أن تراجعت أعداد الزوار القادمين إلى البلاد في خضم الهلع من خروج المرض عن السيطرة.
وتخيم الصدمة اليوم على وجوه جميع العاملين في القطاع، بعد أن تجمعت نذُر انهيار النشاط السياحي، بعد تسجيل إصابات كثيرة، وصدور تقارير دولية تشكك في بيانات أعداد المصابين التي تعلنها القاهرة.
ويقول الشاب النوبي بسّام هميمي ذو الثلاثين عاما إنه لاحظ من شهر تقريبا تداعيات التراجع الحاد في أعداد السياح الصينيين الذين يتوافدون الى مدينة أسوان في جنوب مصر، بعد ظهور فايروس كورونا في ديسمبر الماضي.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى هميمي، الذي يعيش في قريته النوبية التي تبعد نحو 900 كيلومتر جنوب القاهرة، قوله إن “الصينيين كانوا يتوافدون بأعداد كبيرة إلى أسوان، لكن منذ ظهور الفايروس في الصين تأثر حضورهم إلى هنا”.
واليوم، بعد تفشّي هذا الفايروس حول العالم وتجاوز حصيلة الوفيات أربعة آلاف شخص، ووصوله إلى مصر بات تأثير فايروس كوفيد-19 على السياحة المصرية، بحسب الخبراء، مؤكدا.
وكانت السياحة قد بدأت بالتعافي بعد سنوات طويلة من التراجع بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية، التي أعقبت ثورة العام 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك.
ومنذ الإعلان عن أول إصابة بفايروس كورونا المستجد في مصر في منتصف فبراير الماضي وحتى أمس بلغ عدد المصابين 55 شخصا بحسب البيانات الرسمية، من بينهم 45 كانوا على متن باخرة تقوم برحلة في النيل بين أسوان والأقصر وتقل سياحا من فرنسا والولايات المتحدة والهند.
وأعلنت الحكومة المصرية يوم الأحد الماضي عن تسجيل أول وفاة بسبب الفايروس، بعد أن فارق الحياة سائح ألماني في مدينة الغردقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
ويشير الخبراء الى أن تدابير السفر الوقائية التي تفرضها دول عديدة على مواطنيها ستؤدي بالضرورة إلى انخفاض حركة السياحة الوافدة إلى مصر خصوصا من الدول ا
لعربية.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى المستشار الاقتصادي السابق لوزيرة السياحة المصرية عادلة رجب قولها “بالتأكيد ستؤثر الإجراءات والاحتياطات التي تتخذها الدول نتيجة كورونا على حركة السفر حول العالم وبالتالي السياحة”.
وترى رجب أن مصر لن يكون لها نصيب كبير من مردودات تفشي الفايروس، خصوصا “أنها من أقل الدول، التي ظهرت بها حالات إصابة”.
ولكن رجب أكدت أنه يصعب التنبؤ في الوقت الحالي بحجم التأثير السلبي على القطاع. وقالت “ربما نستطيع أن نحكم على الموقف على ضوء حجوزات أعياد الفصح في أبريل المقبل”.
وحتى الآن، أوقفت الكويت والسعودية الرحلات الجوية من وإلى مصر وقامت شركة مصر للطيران بوقف مماثل لرحلاتها إلى هاتين الدولتين. كما حظرت قطر دخول المصريين بشكل مؤقت وردت القاهرة بإجراء مماثل تجاه المواطنين القطريين.
وعلق رئيس اتحاد الغرف السياحية سابقا إلهامي الزيات على تلك الخطوات بالقول “سنخسر السائحين العرب في الوقت الحالي خاصة القادمين من السعودية والكويت”. وأضاف الزيات، الذي يرأس إحدى مجموعات السفر والسياحة “هناك بالفعل إلغاءات لحجوزات من جانب السياح الأجانب لكن بشكل طفيف حتى الآن”.
وتابع “الإيطاليون والصينيون ألغيت حجوزاتهم ولكن لا يزال لدينا السياح الأميركيون والبريطانيون والأستراليون والسياح القادمون من دول أميركا الجنوبية”.
وشهدت السياحة، والتي تعد من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، تراجعا حادا عقب إسقاط تنظيم داعش لطائرة روسية بعيد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها في أكتوبر 2015.
وأوقفت روسيا، التي يمثّل مواطنوها النسبة الغالبة من السياح القادمين إلى مصر من أوروبا، كل رحلاتها الجوية إلى مصر عقب هذا الاعتداء. ورغم أن موسكو استأنفت رحلاتها إلى القاهرة في أبريل 2018 إلا أن الرحلات إلى شرم الشيخ لا تزال معلقة.
وعادت السياحة للانتعاش مجددا بنهاية ذلك العام إذ ارتفع عدد السياح الذين زاروا مصر في ذلك العام إلى 11.3 مليون سائح. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن عدد الزوار لم يصل بعد إلى الذروة التي بلغها في 2010 عندما قدم إلى البلاد أكثر من 14 مليون سائح.
كما أفادت إحصاءات البنك المركزي المصري بارتفاع إيرادات السياحة لتسجّل خلال العام المالي الماضي، المنتهي في يونيو 2019 نحو 12.6 مليار دولار مقابل قرابة 10 مليارات دولار في العام المالي السابق له.
وعلى موقع تويتر نشر السبت صحافي التكنولوجيا الأميركي مات سوايدر عدة تغريدات مدعومة بالصور عن إجازته، التي يقضيها في مصر حاليا والتي انتهت به على متن طائرة عسكرية تنقله إلى مستشفى العزل في مرسى مطروح شمال غرب البلاد بعد اكتشاف إصابته بالكورونا على متن باخرة الأقصر.
وتوقعت منظمة السياحة العالمية أن يتسبب فايروس كورونا في انخفاض عدد السياح الدوليين في العالم في عام 2020 بنسبة تتراوح بين 1 و3 في المئة. وأشارت المنظمة على موقعها الرسمي أن ذلك “يمكن أن يترجم إلى خسارة ما بين 30 إلى 50 مليار دولار في إنفاق الزوار الدوليين”.
ويأمل المسؤولون المصريون في خفض الأضرار الناتجة عن كورونا على السياحة إلى أقصى حد ممكن. وأكد وزير السياحة والآثار المصري خالد العناني الأحد الماضي، بعد زيارة قام بها إلى الأقصر، أنه في حديثه مع بعض السياح هناك قالوا إنه “لا يوجد مبرر يمنع سفرهم إلى مصر وأن معدلات الإصابة بالمرض أقل من مثيلاتها في دول أخرى”.
وتواصل السلطات المصرية اتخاذ التدابير الاحترازية لمنع انتشار الفايروس على نطاق واسع، حيث قالت الاثنين الماضي إنه تم إجراء تحاليل لنحو 340 سائحا يونانيا قادمين من مالطا على متن مركب فيما لا يزال عشرات السياح معزولين على متن باخرة في النيل بالأقصر.