مخاوف سودانية من خطورة ترحيل المرتزقة الأجانب بأسلحتهم من ليبيا

الخرطوم – حذرت السلطات السودانية الخميس من خطورة إعادة المرتزقة في ليبيا إلى بلدانهم بأسلحتهم، ما يهدد دول المنطقة التي تمرّ بأوضاع أمنية هشة وفي مقدمتها السودان.
وجاء ذلك خلال لقاء بين وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي ونظيرتها الليبية نجلاء المنقوش في العاصمة القطرية الدوحة، على هامش اجتماع وزاري عربي طارئ بطلب من مصر والسودان، لبحث تطورات أزمة سد “النهضة” مع إثيوبيا.
وتطالب القوى الدولية والإقليمية بضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا، حيث بات وجودهم عائقا أمام نجاح العملية السياسية في البلد المنهك من الحرب.
ولعدة سنوات، عانت ليبيا من صراع مسلح، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة، يتردد أن بعضهم من إقليم دارفور غربي السودان، قاتلت حكومة الوفاق الوطني السابقة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقالت الخارجية السودانية في بيان لها إن “الاجتماع (بين الوزيرتين) ناقش قضية المرتزقة الأجانب في ليبيا”.
وأكدت الوزيرة السودانية على “أهمية أن يُنظر إلى هذه القضية باعتبارها جزءا من الأمن الإقليمي، وأن يتم التفكير والتباحث حول آليات لحفظ السلام والتسريح وإعادة دمج هؤلاء المسلحين واستيعابهم في مشروعات تدعم الاستقرار في بلادهم”.
وحذرت المهدي من “خطورة إعادة المرتزقة إلى بلادهم بأسلحتهم، لما يمثله ذلك من تهديد لدول المنطقة”.
ويعتبر إحلال السلام والاستقرار من أبرز الملفات على طاولة حكومة عبدالله حمدوك، وهي أول حكومة في السودان منذ أن عزلت قيادة الجيش في 11 أبريل 2019 عمر البشير من الرئاسة (1989 ـ 2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.
وعبّر حمدوك مؤخرا عن مخاوفه من تشظي بلده وانقسامه بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، في ظلّ “أجواء تنذر بالفوضى وإدخال البلاد في حالة من الهشاشة الأمنية”.
ويواجه السودان، وفق توصيف حمدوك، “ظروفا قاسية تهدد تماسكه ووحدته، وينتشر فيها خطاب الكراهية وروح التفرقة القبلية”.
وتضغط السلطات الليبية ودول إقليمية وغربية لإخراج المرتزقة الأجانب من البلد الغني بالنفط، الذي يشهد منذ أشهر انفراجا سياسيا على طريق إنهاء النزاع.
وفي 16 مارس الماضي تسلمت قيادة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل.
وقالت وزيرة الخارجية الليبية إن “قضية إخراج المرتزقة الأجانب أصبحت ملحة بسبب الظروف الأمنية في ليبيا، واهتمامها بتحقيق الاستقرار والأمن في الجنوب الليبي”، كما أكدت على “أهمية جلوس دول الجوار وأصدقاء ليبيا للبحث عن حلول مشتركة لهذه القضية”.

وشددت المنقوش على أن “هناك حاجة ماسة إلى العمل مع السلطات السودانية، وتوحيد الجهود تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في معالجة العديد من الملفات، وعلى رأسها المرتزقة والهجرة غير الشرعية وأمن الحدود ومكافحة أعمال التهريب والجريمة المنظمة، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في البلدين”.
ومنذ إعلان البعثة الأممية إلى ليبيا في 5 فبراير الماضي عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، عاد ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا إلى واجهة الأحداث، وسط مطالبات دولية بسحب تلك العناصر من ليبيا، واحترام خارطة الطريق الأممية التي ستقود البلاد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ديسمبر
المقبل.
وحسب تقديرات البعثة الأممية إلى ليبيا يوجد نحو 20 ألفا من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، وهو ما يعتبر انتهاكا للسيادة الوطنية.
وتحتفظ تركيا بقوات على الأرض إضافة إلى الآلاف من المرتزقة الذين أرسلتهم من سوريا إلى غرب ليبيا، وهو ما يزيد من توتير الأجواء في بلد يسعى تدريجيا إلى إعادة الاستقرار وتوحيد مؤسساته.