مخاوف أوروبية متصاعدة من موجة هجرة من أفغانستان

يتصاعد منسوب الخوف الأوروبي من موجة هجرة من أفغانستان التي تواجه أزمات اقتصادية وإنسانية حادة منذ استيلاء حركة طالبان على مقاليد السلطة في أغسطس الماضي، حيث حذر مسؤولون من أن مئات الآلاف من الأفغان سيفرون إلى أوروبا إذا لم تتم معالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد.
موسكو - لم تخف الدول الأوروبية تخوفها من انعكاسات موجة الهجرة من أفغانستان، ويخشى البعض أن تكون أوروبا ملجأ لتدفقات من هناك بعد تأزم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الفترة الأخيرة.
وحذر زامير كابولوف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان، الجمعة من أن مئات الآلاف من الأفغان سيحاولون الفرار إلى أوروبا إذا لم يتم تجنب الأزمة الاقتصادية والإنسانية في بلادهم.
وقال كابولوف، الذي يشغل أيضا منصب مدير إدارة آسيا الثانية في وزارة الخارجية، “يتخوّف الغرب من تدفقات الهجرة، ونحن نقول إنه نتيجة للعقبات التي وضعها الغرب بنفسه -حيث لم تعد حتى هياكل الأمم المتحدة قادرة على توجيه الأموال- قد يضطر نحو عُشر سكان أفغانستان (يبلغ عددهم ثلاثة وعشرين مليون نسمة) للتوجه إلى أوروبا هذا الشتاء”.
وتواصل روسيا إمداد أفغانستان بالمساعدات الإنسانية، حيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية الجمعة أن شحنة ثالثة من المساعدات الإنسانية ستصل اليوم السبت إلى كابول.

زامير كابولوف: مئات الآلاف من الأفغان سيحاولون الفرار إلى أوروبا
وتواجه أفغانستان أكبر أزمة إنسانية في العالم، لأنها تشهد تدهورا حادا في أوضاعها الاقتصادية منذ استيلاء طالبان على مقاليد السلطة في أغسطس الماضي، والذي أعقبه تحرك القوى العالمية والمؤسسات المالية الدولية لتجميد أو حجب أصول بمليارات الدولارات ومساعدات عن الحكومة الأفغانية الجديدة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الملايين من الأفغان سيواجهون الموت حال عدم وصول مساعدات عاجلة إلى البلاد.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد في نوفمبر الماضي على ضرورة رفع الحظر عن أموال أفغانستان في البنوك الأوروبية لأغراض إنسانية.
وقال بوتين إن “الوضع هناك أصبح صعبا الآن، ومن الضروري مساعدة الشعب الأفغاني، على الأقل رفع الحظر عن الأموال الموجودة في حسابات البنوك الغربية، وعلى وجه الخصوص في الولايات المتحدة، ويجب منح الناس فرصة حل أقل المسائل الحياتية”.
وفي محاولة للبحث عن حلول وقتية للأزمة قالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون، عقب اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إن “ألمانيا وأربع عشرة دولة أخرى عضوا في الاتحاد الأوروبي تعهدت باستقبال حوالي أربعين ألف شخص من أفغانستان”.
وكتبت يوهانسون عبر تويتر “تعهدت خمس عشرة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بتوفير الحماية لنحو أربعين ألف أفغاني، وسيقترن ذلك بتدابير أفضل للتعامل مع الهجرة غير النظامية”.
ووفقا لرسالة من يوهانسون إلى وزراء الداخلية المعنيين فإن ألمانيا وحدها مستعدة لقبول خمسة وعشرين ألف لاجئ من أفغانستان، كما أشارت الرسالة إلى إمكانية قبول ما مجموعه ستون ألفا في دول الاتحاد الأوروبي لعامي 2021 و2022.
يأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه أزمة المهاجرين الناشبة على الحدود البيلاروسية – البولندية، وهو ما يهدد أوروبا المنقسمة بدورها حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة، خصوصا بعدما تحولت هذه القضية من أزمة إنسانية إلى أزمة سياسية خاضعة للمصالح المتشابكة وتصفية الحسابات.
وتعاني أوروبا أيضا من أزمة هجرة متواصلة تسببت في نشوب خلافات جديدة، في ظل محدودية حلول التصدي للظاهرة.
وازداد الواقع الإنساني والمعيشي في أفغانستان تأزما بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة، وصنفت لجنة الإنقاذ الدولية أفغانستان بعد استيلاء الحركة على السلطة “أسوأ منطقة متاعب إنسانية في العالم”، وذلك ضمن قائمة اللجنة الخاصة بمراقبة الطوارئ المتعلقة بأبرز الأزمات في مختلف أنحاء العالم لعام 2022.
وأظهر أحدث استطلاع أجراه برنامج الأغذية العالمي عبر الهاتف أن 98 في المئة من الأفغان لا يحصلون على الغذاء الكافي، وهي زيادة مقلقة بنسبة 17 في المئة منذ أغسطس الماضي.
وقالت الوكالة الأممية إن “العائلات بالكاد تستطيع التأقلم مع هذا الوضع، وهي تلجأ إلى تدابير يائسة بالتزامن مع بداية الشتاء، حيث يأكل ثمانية من كل عشرة أشخاص كمية من الطعام لا تفي بالحاجة، ويقترض سبعة من كل عشرة أشخاص طعاما لمجرد تدبير أمورهم”.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن الاقتصاد الأفغاني المنهار يجعل من الصعب على الناس الحصول على ما يكفي من الطعام.
ومنذ أغسطس الماضي أصبح ثمانية وثلاثون مليون نسمة من الشعب الأفغاني يعانون نقصا حادا في المواد الغذائية، وفق تقرير الأمم المتحدة.
وتراجعت العملة الأفغانية إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار، وقد فقدت منذ الأسبوع الماضي 30 في المئة من قيمتها في خضم انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية تشهدها البلاد.
وتعاني أفغانستان من نقص حاد في العملة الخضراء منذ أن استولت حركة طالبان على السلطة في أغسطس الماضي، بعدما علّقت الجهات المانحة الدولية مساعدات بالمليارات كانت توفّرها سنويا للنظام السابق الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن عائلات أفغانية تواجه فقرا مدقعا وجوعا شديدا، وبعضها لجأ إلى تشغيل الأطفال أو تزويج القاصرات منهم، وحتى بيعهم أحيانا.
وأضافت المفوضية في بيان لها أن حركة طالبان وتنظيم داعش في ولاية خراسان يجندان المزيد من الصبية في نقاط تفتيش كحراس أو للاضطلاع بأدوار قتالية.
وسبق أن قالت مجموعة الأزمات الدولية (ICG) إنه إذا لم يعزز المجتمع الدولي دعمه الاقتصادي لأفغانستان فإن عدد الأفغان الذين سيموتون جوعا أكبر من عدد الذين ماتوا في سنوات الحرب العشرين الماضية.
وقال تقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) “أدت جائحة كورونا وأزمة الغذاء المستمرة وحلول فصل الشتاء إلى تفاقم تردي أوضاع الأُسر”.
وحذرت اليونيسف من أن الملايين من الأطفال في أفغانستان باتوا في أمس الحاجة إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك التغذية والتعليم والمأوى والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتحصينات الضرورية ضد أمراض مثل شلل الأطفال والحصبة.