مخاوف أميركية من استخدام ليبيا منصة للتدخل الأجنبي في السودان

السفير الأميركي لدى ليبيا يبحث مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي تشكيل قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية، وأولويات الإنفاق العام بهدف الوصول إلى الانتخابات خلال العام الجاري.
الثلاثاء 2023/05/09
واشنطن تخشى أن تربك الحرب في السودان استراتيجيتها في ليبيا

طرابلس – تثير المواجهات الدائرة في السودان بين الجيش بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) مخاوف أميركية من استخدام أطراف أجنبية للجنوب الليبي كمنصة لمساندة أحد طرفي الصراع.

وتخشى الإدارة الأميركية أن تربك الحرب الدائرة في السودان استراتيجيتها في ليبيا، خصوصا في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني، لذلك فهي تعمل على تشكيل قوة مسلحة مشتركة من القوى المتنازعة، وتحقيق توافق سياسي يفضي إلى إجراء الانتخابات قبل نهاية العام، حتى لا تدفع الحرب السودانية إلى تغليب الموقف الأمني على الموقف السياسي، فيتراجع التركيز على ملف الانتخابات.

وأكد السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الإثنين، على دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، مشددا على "ضمان عدم استخدام ليبيا كمنصة للتدخل في السودان".

وقال نورلاند "في مكالمتي (الاثنين) مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، كررت دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة والتي تؤدي إلى انتخابات مبكرة في ليبيا".

وشدد "الطرفان على أهمية تشكيل قوة مشتركة لتسيير دوريات على الحدود الجنوبية وضمان عدم استخدام ليبيا كمنصة للتدخل في السودان"، وفق ما أكده السفير الأميركي في بيان نشرته السفارة الأميركية لدى ليبيا عبر تويتر.

وأكد نورلاند مناقشته مع المنفي "الدور الحاسم للمصالحة الوطنية والاستقرار الإقليمي وتحسين عملية إدارة الإيرادات لضمان استفادة جميع الليبيين من ثروة ليبيا".

من جهته، أكد المجلس الرئاسي الليبي في بيان عبر صفحته على فيسبوك أن الاجتماع بين الطرفين بحث "القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية ذات الاهتمام المشترك للوصول إلى الانتخابات خلال العام 2023، وذلك خلال اللقاء الذي جمعهما عبر تقنية زووم". بحضور القائم بالأعمال الأمريكي في ليبيا ليزلي أوردمان.

وأضاف المجلس في بيانه أن اللقاء تطرق إلى "ضرورة تعزيز مشروع المصالحة الوطنية وتأسيس قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية، ووضع آليات وطنية لتنظيم أولويات الإنفاق العام وتضمن استفادة كل الشعب الليبي من عوائد النفط". 

وتم تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كان من المقرر إجراؤها أصلا، في ديسمبر 2021، إلى أجل غير مسمّى بسبب الخلافات المستمرة لا سيما حول القاعدة القانونية للاقتراع ووجود مرشحين مثيرين للجدل.

وتمر ليبيا بأزمة سياسية كبيرة، منذ انتفاضة عام 2011، التي أطاحت بمعمر القذافي بعد حكم دكتاتوري دام 42 عاما.

وتتنافس في ليبيا حكومتان على السلطة، الأولى في طرابلس الأولى يقودها عبدالحميد الدبيبة في طرابلس يرفض  تسليم السلطة إلا بعد الانتخابات، والثانية يترأسها فتحي باشاغا في سرت وهي تحظى بدعم مطلق من البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقرا له.

والجمعة الماضي، زار نورلاند تشاد، حيث التقى رئيس السلطة الانتقالية في تشاد محمد إدريس ديبي.

وقال المبعوث الأميركي في تغريدة نشرتها السفارة الأميركية عبر حسابها على تويتر عقب اللقاء، "إن استعادة الوحدة والاستقرار والسيادة في ليبيا ستعزز الأمن الإقليمي في الأوقات الصعبة وتضمن عدم إساءة استغلال الأراضي الليبية من قبل الأطراف ذات المصلحة لتأجيج الصراع أو زرع عدم الاستقرار في المنطقة".

كما زار نورلاند في 27 أبريل الماضي، الكونغو حيث اتفق مع رئيس الكونغو ساسو نغيسو، على "الحاجة الملحة للإسراع في تحقيق استقرار ليبيا، واستعادة سيادتها، وتأمين حدودها في ظل التهديدات المتزايدة لأمن المنطقة".

وتأتي جولة نورلاند، وزيارته لتشاد والكونغو، فتأمين الجنوب الليبي عبر قوة محلية يجري العمل على تشكيلها، في ظل الارتباط الأمني بين ليبيا وتشاد والسودان، وتعقيدات ملف المقاتلين الأجانب في ليبيا، ما يستدعي تعاون دول الجوار الليبي السوداني، لأن حدود ليبيا الجنوبية هي مجال حركة المجموعات المسلحة الأفريقية، وقاعدة عمليات مجموعات فاغنر الروسية في أفريقيا.

والتحولات المحتملة في سياسات الدول المنخرطة في الصراع الليبي بسبب الحرب في السودان، دفعت حكومة الدبيبة إلى إحياء التحالفات مع دول الجوار القريبة من طرابلس، بزيارة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش إلى تونس والجزائر، وهما دولتان تربطهما علاقات دافئة مع حكومة الدبيبة، لمواجهة أي محاولات لتغيير الحكومة عبر صفقة سياسية جديدة تمدد عمر المرحلة الانتقالية.

ولن يختل التوازن بين الأطراف المحلية بشكل حاد بسبب الحريق السوداني، ولكنه قد يدفع بالملف الأمني إلى الواجهة، بتسريع تشكيل القوة المشتركة المرشحة لمواجهة فاغنر في الجنوب، لتحجيم النفوذ الروسي في أفريقيا، وتقليل معدلات الهجرة من الشاطئ الليبي، ويقل التركيز على ملف الانتخابات، مع تراجع اهتمام القوى الدولية التي طالما سعت إلى الضغط من أجل التوافق حول قوانينها، ثم تنفيذها قبل نهاية هذا العام.