مخاطر المناخ تهدد أسواق العمل العالمية

منظمة العمل الدولية: تلوث الهواء يتسبب في حوالي 860 ألف حالة وفاة مرتبطة بالعمل بين العاملين في الهواء الطلق سنويا.
الثلاثاء 2024/04/23
حرارة لا تطاق

تصاعدت تحذيرات الخبراء من التأثيرات القوية للتغيرات المناخية على أسواق العمل، والتي ستؤدي إلى فقدان المزيد من الوظائف في المستقبل، وسينجر عنها انخفاض ساعات العمل وتراجع الإنتاجية، ما لم تتحرك الحكومات لمعالجة المشكلة بشكل سريع.

جنيف - أطلقت منظمة العمل الدولية صفارات الإنذار محذرة من الأخطار التي تواجه أسواق العمل في مختلف أرجاء العالم بسبب التغير المناخي الذي يلقي بظلال قاتمة على مستقبل الوظائف ويهدد بالمزيد من الخسائر التي من المحتمل أن تتعرض لها الاقتصادات، وخاصة منها الاقتصادات الضعيفة ومحدودة الدخل.

وبما أن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي إلى نوبات متكررة من الحرارة الشديدة في جميع أنحاء العالم، فإن العمال هم من بين أكثر الفئات تعرضًا للمخاطر الصحية لأن سبل عيشهم غالبًا ما تعتمد على استمرارهم في العمل.

وتشير الدراسات إلى أن الإنتاجية تبدأ بالتراجع عند درجات حرارة تتراوح بين 24 و26 درجة مئوية وتنخفض إلى النصف بالنسبة إلى بعض المهام عند درجات حرارة تتراوح بين و33 و34 درجة مئوية، وهي مستويات تم تجاوزها مرارا في عام واحد.

وأكدت منظمة العمل الدولية أن أكثر من 70 في المئة من القوى العاملة العالمية معرضة لمخاطر مرتبطة بتغير المناخ الذي يتسبب في وفاة مئات الآلاف سنويا، وأضافت أن الحكومات ستحتاج إلى التصرف عقب ارتفاع الأرقام.

ويعتبر العمال، وخاصة أفقر الناس في العالم، أكثر عرضة من عامة السكان لمخاطر الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحر والجفاف وحرائق الغابات والأعاصير لأنهم غالبا ما يكونون أول من يتعرض لها، أو يتعرضون لفترات أطول وبكثافة أكبر.

منال قزي: نادرا ما نضع حدود التعرض المهني للمخاطر الأخرى
منال قزي: نادرا ما نضع حدود التعرض المهني للمخاطر الأخرى

وأشارت المنظمة في تقرير أصدرته الاثنين إلى أنه “مع تسارع تغير المناخ تكافح الحكومات وأصحاب العمل لحماية الموظفين”.

وقالت في استنتاجات التقرير، الذي يحمل عنوان “ضمان السلامة والصحة في العمل في مناخ متغير”، “يتعرض عدد مذهل من العمال بالفعل للمخاطر المرتبطة بتغير المناخ في مكان العمل، ومن المرجح أن تزداد الأرقام سوءا”.

وأضافت “بسبب ازدياد المخاطر وتكثيفها ستصبح إعادة تقييم التشريعات القائمة، أو إنشاء لوائح وتوجيهات جديدة، أمرا ضروريا”.

وحسّنت بعض البلدان أنظمة حماية العمال من الحرارة، مثل قطر التي خضعت سياساتها للتدقيق قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

ومع ذلك فإن القواعد التي تحكم المخاطر الأخرى، مثل تزايد استخدام العمال الزراعيين للمبيدات الحشرية، أقل شيوعا.

وقالت منال قزي، أخصائية أولى في مجال السلامة والصحة المهنية بالمنظمة، “لدينا بعض البلدان التي تحد بالفعل من التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة وتحد أيضًا من التعرض لتلوث الهواء، ولكن نادرًا ما نضع حدود التعرض المهني للمخاطر الأخرى”.

ووفقا لتقرير نشرته شبكة سي 40 للمناخ قبل أشهر، ثمة حوالي 200 مليون شخص في المدن معرضون لخطر الحرارة الشديدة، وهو رقم من المتوقع أن ينمو ثمانية أضعاف بحلول عام 2050.

وفي أواخر العام الماضي ذكر تقرير لشركة آي.أو.أن للتأمين أن الأحداث المرتبطة بتغيرات المناخ كلفت الاقتصاد العالمي نحو 313 مليار دولار خلال عام 2022، وهو الرقم الذي اعتبرته أعلى بنسبة 4 في المئة من متوسط القرن الحادي والعشرين.

وعلى الرغم من هذه المؤشرات الكئيبة فإن آي.أو.أن ترى بصيص أمل في مستقبل الوظائف، حيث أكدت أن التحول العالمي إلى الطاقة الخضراء المستدامة سيؤدي إلى إيجاد فرص عمل إضافية.

70

في المئة من القوى العاملة العالمية معرضة لمخاطر مرتبطة بالمناخ، وفق منظمة العمل الدولية

ومع ذلك، قال تقرير منظمة العمل الدولية إن “نسبة العمال العالميين المعرضين لأكثر المخاطر انتشارا، وهو ارتفاع درجات الحرارة، ارتفعت بنحو 5 نقاط مئوية على مدى العقدين الماضيين إلى 70.9 في المئة”.

وذكرت المنظمة أن مخاطر مناخية أخرى تتعايش في الكثير من الأحيان، ما يخلق “مجموعة من المخاطر”، حيث تؤثر الأشعة فوق البنفسجية وتلوث الهواء على 1.6 مليار شخص.

ولأن العامل من المحتمل أن يتعرض لمخاطر متعددة في وقت واحد، قال متحدث باسم المنظمة لرويترز، لم تذكر هويته، إنه “من المستحيل حساب بالضبط أي جزء من القوى العاملة العالمية البالغ عددها 3.4 مليار شخص معرض للخطر”.

وتتمثل المخاطر المتعلقة بالمناخ أساسا في أمراض السرطان واختلال وظائف الكلى وأمراض الجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى الوفيات أو الحالات المزمنة المنهكة أو الإعاقة.

وبالرغم من أن الحدود القصوى لدرجات حرارة العمل قد تمنع بعض الإصابات، فإنها لا تأخذ في الاعتبار حقيقة أن العمال يعانون من التوتر بشكل مختلف، وفقًا لدورهم الوظيفي وملفهم الصحي.

وقالت المنظمة إن “تلوث الهواء هو الخطر الأكثر فتكا، حيث يتسبب في حوالي 860 ألف حالة وفاة مرتبطة بالعمل بين العاملين في الهواء الطلق سنويا”.

وأوضحت أن الحرارة المفرطة تسبب أكثر من 18.9 ألف حالة وفاة مهنية كل عام وأن الأشعة فوق البنفسجية تقتل معظم العمال بسبب سرطان الجلد غير الميلانيني.

وأكدت في تقريرها أن “التأثيرات الأكبر سيشعر بها العمال الفقراء، وأيضا العاملون في الاقتصاد غير الرسمي، والعمال الموسميون والعاملون في المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر”.

ولكنها أشارت إلى أنه في بعض الحالات يمكن أن تؤدي التقنيات التي تهدف إلى إبطاء تغير المناخ، مثل الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية، في نهاية المطاف إلى إنتاج مخاطر جديدة لأنها تحتوي على مواد كيميائية سامة.

وتخطط منظمة العمل الدولية لعقد اجتماع كبير في عام 2025 لممثلي الحكومة وأصحاب العمل والعمال لتقديم التوجيه السياسي بشأن المخاطر المناخية.

11