مخاطر التأمين على الكوارث بمثابة ضريبة كربون بالوكالة

لندن- يشكل فرض أسعار عالمية على الكربون نقطة مهمة في مسار مكافحة تغير المناخ، وإذا ما تم جعل الأنشطة المسببة للانبعاثات أكثر كلفة بشكل مصطنع، فإن أي ضريبة قد تساعد الدول الفقيرة على التأقلم مع العلامات القائمة بالفعل للاحتباس الحراري العالمي.
ومع أنه في العام 2025 سوف يصبح فرض أسعار شبه كربونية واضحا بشكل متزايد، ولكن بطريقة أكثر تراجعا، بحسب ما أوردته وكالة رويترز في تقرير نشرته قبل أيام.
ومع تزايد احتمالات عدم قدرة العالم على تقييد ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن تغير المناخ لم يعد يشكل خطرا افتراضيا.
140
في المئة قيمة العائدات التي حققتها شركات التأمين على الممتلكات والحوادث في الولايات المتحدة
يسلط المحللون الضوء على نشاط قطاع التأمين في ظل الوضع الراهن، ففي المتوسط، بلغت الخسائر المؤمن عليها ضد الكوارث الطبيعية 63 مليار دولار سنويا بين عامي 1993 و2022، وفقا لشركة سويس ري.
ولكن في السنوات التي تلت العام 2020 تجاوزت 100 مليار دولار. ويعني إعصار ميلتون والفيضانات الأوروبية أن الخسائر في عام 2024 قد تتجاوز هذا المستوى مرة أخرى.
وتظهر أحدث الإحصائيات أن خسائر الكوارث الطبيعية خلال 2024 كانت أكبر مقارنة بالعام الماضي، في ظل استمرار التغيرات المناخية التي تؤثر على أجزاء كثيرة من العالم، وتضغط بشدة على التوازنات المالية للبلدان.
وذكرت شركة إعادة التأمين العملاقة سويس ري في تقرير نشرته مؤخرا أن الكوارث الطبيعية تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بنحو 310 مليارات دولار في جميع أنحاء العالم هذا العام، بزيادة ستة في المئة عن عام 2023 مع تأثير أزمة المناخ.
وقالت سويس ري إن “الخسائر المؤمن عليها تضخمت بنسبة 17 في المئة بمقارنة سنوية إلى 135 مليار دولار”، إذ دفعت الأعاصير المدمرة هيلين وميلتون التكاليف إلى
الارتفاع.
ولكن هذا ليس بالسوء الذي قد يبدو عليه الأمر بالنسبة لشركات التأمين نفسها. فبعد سنوات واجهت فيها عائدات منخفضة بسبب انخفاض أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية، يمكنها الآن المطالبة بأقساط أعلى لتغطية الخسائر.
وصعد مؤشر جمعه الوسيط جاي كاربنتر لمعدلات الكوارث العقارية العالمية لإعادة التأمين، حيث تتولى شركات التأمين مسؤولية مخاطر الخسائر الشديدة، بنسبة تزيد عن 75 في المئة منذ عام 2017.
وحققت شركات التأمين على الممتلكات والحوادث في الولايات المتحدة مثل شوب أو أولستيت، عائدات تزيد عن 140 في المئة، بما في ذلك الأرباح في السنوات الخمس حتى نوفمبر الماضي، وفقا لبيانات مجموعة بورصة لندن.
ومن الممكن أن تحفز تكاليف التأمين المرتفعة أصحاب المنازل وشركات التطوير العقاري على بناء وحدات سكنية أقل عرضة للفيضانات أو الحرائق أو المخاطر الأخرى.
ومع ذلك، في بريطانيا، يتم بناء 8 في المئة من المنازل الجديدة في مناطق الفيضانات، على الرغم من أنها غير مؤهلة للحصول على الدعم من برنامج إعادة التأمين ضد الفيضانات، وهو نوع من التأمين المتبادل للممتلكات المعرضة للخطر.
والأمر الأكثر أهمية هو أنه مع ارتفاع تكاليف التأمين، لن يتمكن سوى عدد أقل من الناس من تحمل العبء.
وتشير تقديرات بحثية حديثة إلى أن المنازل الأكثر عرضة للكوارث في الولايات المتحدة قد تواجه زيادات سنوية في تأمين أصحاب المنازل بقيمة 700 دولار بحلول عام 2053.

ومن غير المرجح أن تهدأ المعدلات المرتفعة، فقد اعتادت شركات إعادة التأمين على القلق بشأن الكوارث الكبيرة، التي تحدث مرة واحدة كل عقد أو نحو ذلك.
والآن يتعين عليها التعامل مع خسائر متوسطة الحجم أكثر تكرارا بقيمة مليار دولار أو أكثر بسبب تغير المناخ، والتي يطلق عليها الأحداث الثانوية.
ويمكن رؤية ذلك في العدد القياسي للأعاصير في الولايات المتحدة بسبب العواصف الرملية والرعدية، أو الفيضانات في العديد من البلدان في شرق ووسط أوروبا.
وبهذه المعدلات المرتفعة، سيصبح عدد متزايد من العقارات غير مؤمنة، وقد يغادر المزيد من شركات التأمين الأسواق. وفي فلوريدا الأميركية، تعد شركة التأمين على الممتلكات المدعومة من الدولة أكبر شركة تأمين على الممتلكات.
ومع ابتعاد العالم أيضا عن التمويل اللازم لمساعدة البلدان المتضررة على التكيف مع تغير المناخ، فإن أفضل نتيجة واقعية هي أن يدفع دافعو الضرائب الفاتورة. والأسوأ من ذلك هو أن المواطنين الأكثر فقرا يتحملون القدر غير المتناسب من التكاليف.