مخاطر الإغلاق تحاصر سوق صيانة الطائرات

تتابين انطباعات خبراء قطاع النقل الجوي حول تعافي سوق صيانة الطائرات بالنظر إلى الضبابية في الخروج من أزمة الجائحة في ظل انخفاض معدلات الطيران وتقاعد العديد من الطرز عريضة البدن قياسا بالطرز الأصغر رغم توقع زيادة الطلب على قطع الغيار خلال هذا العام.
سنغافورة- يواجه قطاع صيانة الطائرات وإصلاحها عالميا تحديات جديدة من ارتفاع تكاليف العمالة والتعافي الضعيف في السوق واسعة النطاق حيث بدأت زيارات المتاجر في الانتعاش بعد الركود الحاد المرتبط بالأزمة الصحية العالمية.
وتقول شركة أوليفر وايمان للاستشارات إن قطاع الصيانة والإصلاح الذي بلغت قيمته الإجمالية في العام الماضي حوالي 68.4 مليار دولار تعرض لضربات بسبب تقاعد الطائرات القديمة، والتي تتطلب عادة مزيدا من الصيانة، وخفض ساعات الطيران لبقية أساطيل شركات الطيران.
وقد أدى ذلك إلى تقليل التآكل والتلف في الأجزاء ومنح شركات الطيران ذات الطائرات ثابتة القدرة على توفير النقود وتأجيل زيارات المتاجر.
وفي الفترة الأخيرة تصاعد منسوب التشاؤم لدى شركات الطيران في ظل صعوبة التأقلم مع متحور أوميكرون سريع الانتشار بعد أن كان مسؤولو القطاع يمنون أنفسهم بأن يبتعد نشاط الرحلات والسفر بشكل تدريجي من دائرة الركود الطويلة والتي كبدتها خسائر هي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية.

كريس تشولرتون: نتوقع زيادة ساعات الطيران بشكل كبير خلال العام الجاري
ورأى مندوبو الصناعة والرؤساء التنفيذيون للشركات خلال معرض سنغافورة للطيران الذي انطلق الثلاثاء الماضي ويستمر حتى الجمعة المقبل أن التوقعات تتحسن لكن تكاليف العمالة آخذة في الارتفاع.
وأكدوا خلال الحدث السنوي للقطاع أن التعافي كان محدودا وركز على مناطق محددة كان السفر الجوي فيها ينتعش، مثل الطائرات ضيقة البدن وطائرات الشحن المخصصة، مع تباطؤ نشاط الطرز التجارية القديمة عريضة البدن.
ونسبت وكالة رويترز إلى كايلاش كريشناسوامي نائب الرئيس الأول لخدمات ما بعد البيع في شركة سبيرتي آيرو سيستم قوله إن “ثمة نقصا عاما في العمالة والطريقة الوحيدة لإعادة العمالة إلى العمل هي المعدلات الأعلى”. وأضاف “التضخم يمثل تحديا بالتأكيد”.
وبالنسبة إلى شركته كانت الأعمال التجارية قوية في أميركا الشمالية والجنوبية، حيث تقدم خدمات للأجسام الضيقة، ولكن أقل من ذلك في بلفاست، حيث قامت بالكثير من العمل على طائرات إيرباص أي 330 ذات الأجسام العريضة، والتي تمت إحالة العديد منها إلى التقاعد.
وقال كريشناسوامي “نحاول ملاحقة المزيد من الأجسام الضيقة في بلفاست والتي لم نكن نفعلها في عام 2019”.
وأظهر استطلاع حديث أجراه الوسيط جيفريز حول طلب خدمات ما بعد البيع في مجال الطيران أن المشاركين توقعوا زيادة بنسبة 11 في المئة في المبيعات هذا العام. ويرى نصف من تم استطلاع آرائهم أن المحركات ستكون المحدد الذي سيشهد أكبر انتعاش هذا العام رغم أن العديد من شركات الطيران قد أجلت صيانة المحرك أثناء الوباء.
لكن جيفريز تقول إن الارتفاع المتوقع قد يكون راجعا إلى القاعدة المنخفضة في العام الماضي.
وكان عملاق تصنيع المحركات البريطانية رولز رويس قد أشار في ديسمبر الماضي إلى أن ساعات الطيران ذات المحركات الكبيرة كانت عند حوالي 50 في المئة فقط من مستويات العام 2019 بسبب الطبيعة غير المتكافئة لانتعاش قطاع الطيران.
لكن رئيس الطيران المدني في الشركة كريس تشولرتون قال لرويتز إنه “من المتوقع أن تزداد ساعات الطيران بشكل كبير خلال هذا العام”. وأضاف تشولرتون الذي تخطط شركته لتوظيف المزيد من العمال في سنغافورة هذا العام إن “زيارات المتاجر آخذة في الازدياد”.
ورجح أن تعود الطائرات الحديثة مثل بوينغ أس 787 وطرازي أيرباص أي 350 أس وأس 330 نيو إلى العمل قبل منتصف العام الحالي لتكون في مستوى نشاطها قبل تفشي فايروس كورونا.

كايلاش: نلاحق المزيد من الطرز الضيقة إذ لم نكن نفعلها في 2019
وثمة من الخبراء في قطاع النقل الجوي من يرى أن الانخفاض في ساعات الطيران يرجع بالأساس إلى سعة انتظار الطائرات القديمة.
وقال تيد كولبير رئيس شركة بوينغ للخدمات العالمية إن “الصناعة في آسيا قد تلقت المساعدة خلال الجائحة من خلال طفرة في عمليات تحويل الركاب إلى سفن الشحن التي ساعدت عمال الصيانة والإصلاح على ملء حظائر الطائرات الاحتياطية”.
وأعلنت شركة سنغافورة تكنولوجيز المستفيدة الأكبر من هذا الاتجاه الاثنين الماضي عن صفقة للتحول إلى طائرات شحن وتأجير ما يصل إلى خمس طائرات أيرباص أي 320 لمجموعة فايو. ومن المقرر أن تبدأ العملية في الربع الثاني من العام الحالي.
ومع تعافي السوق تأمل شركة أير آسيا الماليزية التي كان لديها 55 في المئة من أسطولها على الأرض اعتبارا من الأسبوع الماضي، أن تحلق جميع طائراتها مرة أخرى بحلول الربع الأخير من عام 2022، مما يزيد الطلب على الصيانة.
كما أن شركات أخرى في مناطق كثيرة من العالم وخاصة أكبر شركات في منطقة الشرق الأوسط وهي الإمارات للطيران والاتحاد للطيران والخطوط القطرية تتجه لاستعادة كامل طاقتها التشغيلية مع تخفيف الحكومات لقيود الإغلاق مما يعني عملا أكبر لشركات الصيانة.
وقال أرغان ميجر الرئيس التنفيذي لشركة إمبراير التجارية للطيران إنه “بالنسبة إلى شركات الطيران الخارجة من الأزمة وزيادة قدرتها والوصول إلى مواقع الصيانة والإصلاح والعمالة، سيكون ذلك بمثابة صراع”. وأضاف أن “السعة محدودة من حيث مساحة حظائر الطائرات، ولكن أيضا من منظور رأس المال البشري”.
وتواجه بعض شركات الطيران العالمية صعوبات في سد الوظائف الشاغرة في ظل بروز تنافس على توظيف المبتدئين للخروج من الأزمة التي قد تؤخر تعافي قطاع السفر، بينما تعترض شركات أخرى مشاكل مختلفة تتجسد في ارتفاع عدد الموظفين الذين لا يحضرون إلى العمل.
وتسعى شركة كابيتال أي، الشركة الأم لشركة أير آسيا، لتحقيق انتعاش. وقالت الثلاثاء الماضي إنها ستجمع أكثر من 95 مليون دولار لذراعها الهندسية.
في الفترة الأخيرة تصاعد منسوب التشاؤم لدى شركات الطيران في ظل صعوبة التأقلم مع متحور أوميكرون سريع الانتشا
وتخطط كابيتال لبناء منشأة كبيرة لعمليات الصيانة والإصلاح في مطار كوالالمبور الدولي قادرة على إجراء صيانة مكثفة لما يصل إلى 14 طائرة في وقت واحد.
ولم يكشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) حتى الآن عن حجم خسائر شركات الطيران في العام الماضي لكنه يقدر أن تتكبد خسارة تراكمية بنحو 51.8 مليار دولار وستواصل تسجيل النتائج السلبية في 2022 لكن بخسارة أقل تقدر بنحو 11.6 مليار دولار.
ويؤكد خبراء ومختصون أن قطاع الطيران في العالم يحتاج إلى نحو 30 ألف طائرة جديدة خلال العقدين القادمين لاسيما في ظل توقعات النمو الكبير الذي قد يشهده القطاع مستقبلا وارتفاع مساهمته في الدخل الإجمالي العالمي إلى أكثر من 2.7 تريليون دولار سنويا.